ْ ضعْ فوق جبهتكَ العريضةِ تاجَكَ العشبيَّ تومض فى حدائقهِ النجومْ وارْكبْ سفينتكَ التى فى شكل زهرة لوتس ٍ واصْعدْ بها للشمس فى خطٍّ قصيرٍ مستقيمْ واقرأْ لنا بلّورةَ المستقبل الخافى فإنّ لمصرَ عينيْ حورس الصقريّتينِ تكشَّفان عن الذى سيجئ أكداسَ الغيومْ تستنطقان وقائعاً لم تأتِ بعدُ يبوحُ بالأسرار عبر لسانها القدرُ الكتومْ ويقولُ سوف تُرى هنا فى مصرَ أحلامُُ تَنَزَّلُ من سماواتٍ علا لتقيمَ فى أرض الكنانةِ مِهرجاناتٍ تعمُّ .. وكرنفالاتٍ تدومْ فاسْتبشروا يا أهلَ مصرَ الآن تنبسطُ الجبالُ أمامكم سبلاً ممهَّدةً وودياناً تفيضُ جداولاً ومراكبُ الشمس التى انْطمرت بقاع الظلَّ سوف تعود ثانيةً تعومْ ملحوظةٌ : النيلُ ينبعُ ليس من إثيوبيا هذا لعَمْرى فى الأطالس عندكم خطأٌ جسيمْ النيلُ ينبعُ من عيونٍ تحت أجفان السما وقناتُكم فيها تصبُّ عقيقَها هى دورةٌ فلكيَّةٌ مصريَّةٌ جدًّا حبتْ بلدًا لهُ وضعُ القلادةِ فوق جيد العالمينَ كما لهُ وسْط القلادة موضعُ الدرَّ اليتيمْ هى دورةٌ مصريَّةٌ فعلاً تدور مراكبُ الشمس الصغيرة فى فضائيَّاتها حتى تبثَّ مشاهداً عن كيف يمكنُ أن تناضلَ مصرُ بطشَ رعاةِ أبقارٍ أرادوا أن يصير العالمُ العربيُّ طابوراً من الضأنِ الموجَّهِ للمذابح ( بالرِموتِ ) من العراق إلى دمشقَ إلى بنى غازى إلى صنعاءَ ثمَّ إلى المنامةِ والكويتِ أو القصيمْ هى مصرُ واقفةٌ أمام غرورهم حتى تدافع عن دعائمِ أمنها القوميَّ ليس أمامها إلا مواجهةٌ من الربَّان للقرصانِ فهو لهُ غريمْ يا أيُّها المصريُّ عدتَ مجنَّحاً كالنَّسر عدتَ من الثقوب السودِ عدتَ من الغيابِ حضورُكَ اسْتدعى حضورَ الروح فى العظْمِ الرميمْ هو بعثُكَ الأرضيُّ تعبرُ فيهِ فوق صراط عصرٍ مثل غولٍ يبلع المترنَّحين الساقطين من اليسار أو اليمينِ فلا ترى أحداً يفرُّ من الفمِ الشبقيَّ إلا كلُّ ذى خطوٍ قويمْ الغول حاصرَنا ودسَّ ثعالباً مأجورةً بين الصفوفِ يخرَّبون بيوتنا وعقول ناشئةٍ لنا هم ذخرُنا المنذورُ للمستقبلِ الموعودِ بالأعراس والفرح العميمْ الغول لم يفتأْ يلاعبنا يراوغنا ويرعُبنا لنسقطَ كتلةً مسحوقةً فى حلقه المفتوحِ كالتمساح دوماً بين فكَّيْ أورْشليمْ يا أيُّها المصريُّ حصَّنْ سورَ دوركَ باسْتفاقةِ قلبكَ الصاحى وإشهارِ السلاحِ فمعظمُ النيران من مستصغر الشررِ المخبَّأ فى الهشيمْ يا أيُها المصريُّ أنتَ لهم جميعاً هكذا قالت لنا الأحداثُ وهى تبلُّ إصبعها وتقلبُ صفحةً عن صفحةٍ بكتابها من قادشٍ للآنَ تاريخاً من الأمجادِ لم يقرأ بهِ سطراً حفيد الأردغانِ أجلْ .. ولم يقرأ بهِ سطراً تميمْ يا أيُّها المصريُّ قم و اعبرْ قناتكَ رافعاً علماً يغطّى أرضنا من سدَّنا العالى إلى الوادى المقدَّسِ فى طوى حيث الْتقى بالله – جلّ جلالهُ – موسى الكليمْ يا أيُّها المصريُّ قمْ من عثرة الأيامِ واسْتأنفْ خطاكَ إلى غدٍ هو فى انْتظاركَ كى يسلّمكَ الجوائزَ فى الفنون وفى العلومْ يا أيُّها المصريُّ كنتَ البدءَ فى سِفْر الحضارةِ كنتَ مفتتح التفَرُّدِ .. مستهلَّ الإستنارةِ كنتَ فجر ضمير إنسانيَّةِ الإنسانِ كنتَ شعاعَ ضوءِ العقل فى ليلٍ بدائيٍّ بهيمْ كنتَ الذى أنطقتَ أحجارَ الجرانيتِ الجرانيتيَّةَ الفمِ أنتَ حرَّرتَ الشفاه بها وأطلقتَ اللُهاةَ ورحتَ تنفض عن ملامح وجهها كلس الوجومْ كنتَ الذى حرَّكتَ فوق جدار معبدكَ الرسومْ كنتَ الذى عَرَف الإله قبيل بعث الأنبياء لنا وباقى الخلق قُطعانٌ على قدمين زائغتينِ فى مستنقع الدنيا تهيمْ كنتَ الذى راض الطبيعةَ حولهُ نهراً عفيَّ الدفق أو أرضاً مراوغة القرى واسْتأنس الأحراشَ واخْترع الحكومةَ والمحاكمَ والتحكَّمَ فى دواليبٍ يديرُ نظامها شأنَ العمومْ كنتَ المزارع والمدافع عن حياضكَ والمغنَّى والمبستن كلَّ روضٍ من رياضكَ كنتَ ذيَّاكَ الملوَّنَ والمقنّنَ والمهندسَ والمدرَّسَ والنطاسيَّ الحكيمْ قد كنتَ ذلك كلَّهَ والناس فى أنحاء أوروبا وأمريكا تلقّطُ رزقها ثمراً تدلَّى من غصونٍ دانياتٍ أو تساقط عن غصونٍ عالياتٍ أو تطاردُ كى تفوز بثمَّ لحمٍ كلَّ وعلٍ فى الفجاج وكلَّ ريمْ ( محلاك يا مصرى وانت ع الدفَّه ) تلك القناةُ حفرتَها بيدين عاريتينِ بل فجَّرتَ صخرتها بدونِ الدينميتِ عجنتَ تربتها بياقوتٍ تفصَّد عن جبينكَ صرتَها ... صارتَكَ آهٍ .. صرتما معاً الُمدامةَ والنديمْ إذ صار معصمُكَ الخليجَ المنكفى عند السويسِ وصار نبضُكَ بورسعيديّاً وسينا أصبحت يمناكَ تكتبُ فوق طابا ميم مِصرَ وفوق نخلات العريش الراءَ والصادُ اسْتقرَّت عند توشكا مثل توقيعٍ ثلاثيٍّ على صكٍّ قديمْ تلكَ القناة دفعتَ عنها المعتدينَ وناصرٌ هذا الصعيديُّ العنيدُ يقود جيشاً من جنودٍ منشدين ( اللهُ أكبرُ ) حيث ظلَّ نشيدهم للآنَ طلْقاتٍ تُصوَّبُ للأعادى فى الصميمْ تلك القناةُ عبورُنا اليوميُّ من ماضٍ خبرنا فيه غايةَ صبرنا لغدٍ من الفرج القريب بإذن رحمنٍ رحيمْ ( محلاك يا مصرى ) أنتَ الذى قد قمتَ من موتٍ قريبٍ كنتَ فيه رفيق أهل الكهفِ إذ كتبوكَ فى أنبائهم فوق الرقيمْ هوناً فركتَ بظهر كفّكَ عينَكَ اليسرى وكانت مصرُ راقدةً جواركَ حينذاكَ هززْتَها حتى تقومْ كانت مسجَّاةً مدمَّاةً ممزَّقةَ الثيابِ وشَعُرها كالعِهن منفوشٌ ودمعُ العين لؤلؤةٌ مهشَّمةُ ُ لقد كانت مكتَّفةَ الرؤى .. كانت مكثَّفةَ الهمومْ كانت مقيَّدةَ الإرادة واليدينِ ونيرُها فى جيدها جبلُ المقطَّمِ ساقها فى الجبسِ و الأخرى بها قرحٌ مقيمْ وهززْتَها فرنتْ طويلاً .. واسْتردَّت وعيها ورمت رداء الداء عنها فجأةً بصقت من الرئتين سُلاًّ كان منه القلب معتلاًّ وكيف يكافحُ السقمَ السقيمْ **** يا أيُّها المصريُّ عادت مصرُ ناديةً مبرَّأةً من الأدرانِ عادت مصرُ ناجيةً من الطاغوت والطغيانِ عادت تستعيذُ بربَّها من كلَّ شيطانٍ رجيمْ عادت دماً يجرى نقيّاً فى شرايين التعافى بعد أن والاه بالأفيون تجَّارُ السمومْ يا أيُّها المصريُّ قد قلتَ احْفروا لقناتكم مجرى جديداً يعبرُ التاريخُ فيه عبورهَ الثانى وترتحل الكواكبُ فوق لُجَّتهِ الى قمرٍ وسيمْ قلتَ افْتحوا لحياتكم أفْقاً مجيدَ الضوءِ عن أجرامكمِ ونجومكم والشهْب فى أفلاككم ضاق السديمْ قلتَ امْنحوا الدنيا عطاياكم سيضحى العالمُ البشريُّ أصغرَ حين جغرافيَّّة الدنيا ستخطرُ من جنوب الغرب من آسْيا إلى شرقيَّ إفريقْيا وتطبعُ قبلةً حرَّى على التلَّ الكبيرِ وبعدُ تتْبعها بتطويقٍ حميمْ قلتَ ارْتقُوا دَرَجاً من الأبنوس كالليل الطويلِ لمنبرٍ أخشابُهُ عاجٌ كما الصبح المنيرِ وفوق ذاكَ المنبر العاجيَّ صيحوا : نحن أبناءُ الذين تنفَّسوا مجداً وزفرتُهم لظيً إن هم أرادوا أو إذا شاءُوا نسيمْ نحن الفراعنةُ العظامُ القبطُ من أمشاجنا والمسلمونَ جميعنا أحفادُ أجدادٍ موحَّدةٍ موحَّدةٍ نحبُّ ترابنا الغالى ونفدى نيل وادينا ودلتانا وإن كره الخصومْ فالبحر أحمرُ من دم الشهداءِ يرفع إصبعيه علامةً للنصر نطلبهُ وإن تكن الشهادة دونه ثمناً سندفعه لمصرَ لكى تَظَلَّ وكى تُظِلًّ رؤوسنا بعباءة الأمَّ الرؤومْ يا أيُّها المصريُّ قد نادتكَ مصرُ ومصرُ فى الدنيا هى الفردوسُ إن أعطيتها ذوبَ الفؤادِ وإن حفظت عهودها فهى النعيمْ يا أيها الفلاَّحُ قد نادتكَ أرضُكَ بوَّرتها بؤرةُ القبح التى اسْتشرت كما السرطان فى الزمن الدميمْ يا أيها البنَّاء قد ناداكَ طوبُ الأرضِ أنْ خذنى لترتفع العمائرُ فى بلادى لا ليرجم بى صغارُهمُ نفائسَ مجمعى العلميَّ فى عتهٍ ذميمْ يا أيُّها المهنيُّ فى كلَّ المجالات اسْتقلَّ التكنلوجيا سلَّماً ما كهربائياًّ لتحملنا إلى سقف النماء المستدام المستديمْ يا أيُّها المشدود خلف الكومبيوترْ تَنسخُ الكلماتِ بالأرقامِ تُدخلُ واقعَ الحاسوبِ أخيلةً مخايلةً وأطيافاً مطوفّةً وأجنحةً تحومْ حتى تُرتَّب عالماً أهنا لنا .. أحنى علينا عالماً فى خبزهِ شبعٌ حقيقيٌّ وإنسانيَّةٌ وعدالةٌ ترعى حقوق الناسِ فى عيشٍ كريمْ يا أيها المشدود خلف الكومبيوترْ أوصدِ ( الباصْ ووردَ ) دون المبتغينَ إثارةَ الفتنِ التى تودى بنا زُمرًا لأبواب الحجيمْ فاليومَ مصرُ هى المكافأةُ العظيمة عندهم ولسوف تمسى مصرُ مقبرةً لهم - لا ريبَ – واللهِ العظيمْ يأ أيها الجنديُّ قد نادَتكَ مصرُ وكنت َ واقفاً انْتباهاً لم تقفْ من ألف ألف شِتا ( صفا ) لم تخلع الكاكى وتلبسْ ما ( تكجول من هدومْ ) فورًا سمعتَ نداءها المدنيَّ أسرعتَ الخطى ويداكَ فوق سلاحِكَ ( الميريَّ ) تنتظر الأوامر بالدفاع أو الهجومْ يا أيها الجنديُّ تُعلى رايةَ الوطن العزيزِ ونحن حولكَ مثل سنبلةٍ مصفَّفة الحبوبِ ومثل عنقود الكرومْ يا أيُّها الجنديُّ نحن جميعنا جندٌ نردُّ عن الحدود المعتدى الباغى الأثيمْ ونُعدُّ أبناءً لنا كى يعبروا من بعدنا بحراً على شطآنه الأخرى مدائنُ من كرستالٍ وأنهارٌ من الشهد المصفَّى جنةً أرضيَّةً بلدى ستصبحُ ليس يدخلها سوى من كان ذا قلبٍ سليمْ