وجود الأتراك فى باعشقية بجوار الموصل العراقية هو موضوع ينبغى دراسته باعتباره دليل ثبوت على الجنون التوسعى التركى ومحاولة تلك الدولة إحياء الحلم الأخرق الخرف بالعثمانية من جديد وهو الأمر الذى حاولته على حساب ثلاث دول عربية، أولاها مصر متكئة على ضعف بلدنا بعد عملية يناير 2011، بالإضافة إلى وجود جماعة الإخوان المُفَرِطة الخائبة فى الحكم، فلما اندلعت ثورة 30 يونيو العظمى أطاحت بحلم إحياء العثمانية مع غيره من الكراكيب والروبابيكيا السياسية التى شملت (الشرق الأوسط الأوسع) و (الخلافة الإخوانية). ومن ثم حمل الحالمون بالسلطنة فى أنقرة عصيهم على كواهلهم ونقلوا ساحة تحقيق فكرتهم إلى شمال سوريا عبر الدعوة إلى تحويله إلى منطقة عازلة، توطئة لقضمه والتوسع إلى المجال التاريخى العثمانلي. ولكن دخول روسيا إلى ساحة الأزمة السورية، ونصبها شبكة صواريخ (إس-400) بعد إسقاط طائرتها (سو-24) ثم تهديدها تركيا بأنها لن تسمح لطائرتها بالتحليق فى شمال سوريا بالإضافة إلى قوة شوكة الأكراد فى الشمال السوري..كل ذلك أطاح بالحلم العثمانى العبيط مرة أخرى إلى خارج الأرض العربية فى سوريا. وجاءت النقلة الثالثة إلى الموصل بشمال العراق، اتكاء على وهم تاريخى يقول إن الموصل كانت أرضا تركية وأن عصبة الأمم منحتها إلى العراق عام 1925 فى إطار تقسيم تركة الرجل المريض. ولكن تركيا لم تجرؤ على الحديث عن تلك الحقيقة المهلهلة من تاريخها باعتبارها أساسا لغزو دولة عربية وإستضعافها بالنظر إلى تهافت قوتها فيما بعد الغزو الأمريكي- البريطانى عام 2003 وبناء عليه إخترعت أنقرة قصة أن رئيس الوزراء حيدر العبادى هو الذى دعاها لتدريب العراقيين، وأنها- لذلك- دفعت بمائة وعشرين خبيرا وعشرين دبابة وكانت تنوى مضاعفتها لعشر مرات. ولكن أحدا لم يصدق تركيا وبخاصة مع الإصرار والعناد العراقى لطردها، فإذا بأنقرة تخترع سببا مضحكا وتدعى أن داعش هاجمت قواتها فى باعشقية جوار الموصل، وأن ذلك سبب مهم لبقاء القوات التركية، وتصدت حكومة العراق للكذبة ونفتها على الفور..يعنى تركيا كذابة وهى تحاول إختلاق واصطناع سبب للبقاء فى شمال العراق والإلقاء بمرساة سفينة العثمانية الخربة على الشاطئ العراقي. لابل وأسهم المخبول أردوغان فى تسويق الكذبة وترويجها باعتبارها مبررا للبقاء فى الموصل. هذا الحلم العفن سيتسبب فى إطاحة إردوغان نفسه، لأنه بات مرفوضا من بلد عربى لا يحبه هو مصر، وبلدين عربيين لا يريدانه هما العراقوسوريا. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع