يحمل اختيار منطقة الشرق الأوسط كوجهة لأول زيارة خارجية للرئيس الصينى شى جين بينج فى عام 2016 أهمية كبيرة، كون الصين تسعى لتعزيز المشاركة البناءة مع المنطقة لمساعدتها على إعادة الاستقرار فيها. ويعتزم الرئيس شى طرح وجهات نظر الصين ومقترحاتها حول قضايا الشرق الأوسط خلال زيارته، التى ستبدأ اليوم إلى المملكة السعودية العربية ومصر وإيران، التى تعتبر من الدول المؤثرة فى المنطقة، كما أنها من الدول التى تمتلك صداقة جيدة مع الصين منذ فترة طويلة. وبعد أن حققت تنمية اقتصادية واجتماعية سريعة ضمن مسار مستقل ذى خصائص صينية، وفى إطار سياسة الإصلاح والانفتاح، فإن لدى الصين تجارب ناجحة فى التنمية السلمية تنوى مشاركتها مع أصدقائها فى الشرق الأوسط. وبالنسبة للصين، فإن هناك الكثير من الأمور على المحك فى هذه الزيارة التاريخية، وذلك مع تزايد تأثير المزيد من القضايا الإقليمية والعالمية، خاصة الإرهاب والتطرف، على الصين، وفى الوقت نفسه، فإن انزلاق الشرق الأوسط نحو الصراعات والاضطرابات وعدم الاستقرار يجلب مخاطر عالية وتهديدا لأمن الصين ومصالحها القومية. وتتوقع بكين التعاون مع هذه الدول المؤثرة للمساعدة فى استعادة السلام والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، فضلا عن رفع مستوى التنمية الإقليمية من خلال البناء المشترك للحزام الاقتصادى لطريق الحرير وطريق الحرير البحرى للقرن ال21، وكذلك من خلال آليات مثل البنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية. وقد أساءت شخصيات سياسية غربية وتقارير وسائل إعلامية فهم دور الصين فى المنطقة، إذ اعتبرته "منتفعا بالمجان"، أو باحثا عن استغلال الموارد النفطية، وتعد مثل هذه التصريحات ضحلة وقصيرة النظر، كما أنها أخفقت فى استيعاب الصورة الواسعة للوجود الصينى فى المنطقة على المدى الطويل. إذ أن من الأمثلة العربية القديمة مقولة «اطلبوا العلم ولو فى الصين». ولتكريم التاريخ ومن أجل الابتكار لتحقيق الازدهار المشترك، فقد طرحت الصين مبادرة الحزام والطريق لإحياء الممرات التجارية ذات المنفعة المتبادلة. ويعد السلام والاستقرار وهما مفتاحا النمو السريع للصين أمرين بالغى الأهمية لتحقيق التنمية الصحية فى دول الشرق الأوسط ، وسوف تثبت زيارة الرئيس شى بالتأكيد دعم الصين الثابت لأصدقائها القدامى.