تعتمد جمعيتنا الخيرية في تقديم خدماتها وتفعيل مشروعاتها على تبرعات أهل الخير، حيث إن أموال تبرعاتهم منها الصدقات والهبات وزكاة المال، فإنا نستفسر من فضيلتكم، حرصا منا على تحقيق الصرف وفقًا للأصول الشرعية: هل يلزم التفريق بين الصدقات وأموال الزكاة؟ وما هي المصارف الشرعية لكلٍّ في حال الاختلاف؟ وهل يجوز لنا توجيه أموال الزكاة أو الصدقات لبناء مسجد الجمعية ومجمعها الخدمي؟ أجابت دار الإفتاء المصرية، قائلة: يلزم التفريقُ بين الصدقات وبين أموال الزكاة، لأن بينهما فرقًا مِن جهات عِدّة، ومنها مصارف كلٍّ، وهو ما يَخُصّ جمعيتكم في هذا المقام. ومصرف الصدقة أعم من مصرف الزكاة؛ فمصرف الزكاة خاص بالمسلمين فقط دون غيرهم، وهذا مأخوذ من نص الحديث: »تُؤخَذ مِن أغنيائهم وتُرَدّ على فقرائهم« الذي أخرجه الصحيحان عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، كما أنه خاص بمصارف ثمانية مخصوصة، نَصَّت عليها سورة التوبة في الآية الستين، وهي قوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ. وهذا معناه أن الصدقة يمكن أن تكون للمصارف الثمانية المذكورة ولغيرها، ويمكن أن تكون للمسلمين ولغيرهم؛ فهي لهذا المعنى أعمُّ من الزكاة. أما عن بناء مسجد الجمعية ومجمعها الخدمي فهو إنما يكون من الصدقات لا من الزكاة، لأن الزكاة للإنسان قبل البنيان وللساجد قبل المساجد، أي أن الأصل في الزكاة كفاية الفقراء والمحتاجين وإقامة حياتهم ومعاشهم، ولذلك خصهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالذكر في حديث إرسال معاذ رضي الله عنه إلى اليمن السابق ذكرُه، وقد اشترط جمهور الفقهاء فيها التمليك؛ فأوجبوا تمليكها للفقير أو المسكين حتى ينفقها في حاجته التي هو أدرى بها من غيره، وهذا لا يوجد في بناء المساجد أو المجمعات الخدمية، ولذلك فالأصل في بنائها أن يكون من الصدقات والتبرعات لا من الزكاة.