قابلت صديقا وزميل عمل افترقنا منذ عشر سنوات، هو تزوج هولندية وعاش هناك، وعمل بإحدى وكالات الأنباء الغربية، بينما بقيت هنا (أناطح) فى بلاط صاحبة الجلالة؛ بحثا عن (بلاطة) أقف عليها لأكتب وأمارس هوايتى وحبى لهذه المهنة المتعبة. تحدثنا فى أشياء كثيرة تخص المهنة والسياسة وأحوال العرب عموما وما يجرى، لكن وقفت متعجبا عندما ذكر أن الصهاينة يتحكمون فى وسائل الإعلام العالمية كلها بما فيها العربية، وأنه يتم تصنيع الخبر وتجهيز مقاطع فيديو لأعمال عنف على أعلى مستوى من الإخراج والتقنية، ثم رفعها على موقع (اليوتيوب) ومواقع التواصل الاجتماعى، ويكون هدفها الأول (تسخين) العرب على بعضهم سواء بفتنة طائفية أو نزاع على مناصب أو زعامة أو بترول، والهدف الثانى تشويه صورة العرب والمسلمين لدى الغرب وإظهارهم على أنهم همجيون وإرهابيون وخطيرون على الكرة الأرضية، وقال إن 80% من مقاطع العنف المنتشرة سواء من مسلحين ينتمون الى جماعات او إلى جيوش نظامية تم تصويرها فى استديوهات عالية التقنية أو حتى فى أماكنها الطبيعية، ثم تُنسب لأطراف موجودين على أرض الواقع. وليس جديدا على الصهيونية ما تقوم به الآن من حرب إعلامية أشد خطرا من حروب الأسلحة والمواجهات، فقد تنبهت الصهيونية إلى تلك القوة الهائلة لوسائل الإعلام بمختلف أنواعها في ممارسة اللعبة السياسية، من خلال استغلال فن الخداع البصري والسمعي (الدعاية السياسية) على المشاهدين والمستمعين والقراء بمختلف مستوياتهم التعليمية والاجتماعية والسياسية، بحيث تم استغلال تلك الوسائل، التي يُفترض أن تكون وسائل موضوعية وحيادية لنقل الحقائق بكل مصداقية، لتزييف الحقائق وتشويه الصور على أرض الواقع، بواسطة إعلام مضاد ودعاية سياسية موجهة لقلب الواقع وتغيير ملامحه الحقيقية، حتى توازي وتواكب الهدف الصهيوني المراد توصيله إلى المشاهد والمستمع والقارئ في أنحاء العالم. يقول الكاتب اليهودي (ويليام تسوكرمان): "في رأيي إن قوة البروبوجاندا الحديثة المخيفة والمرعبة، والقادرة على احتلال أذهان الناس وحياتهم، وعلى التلاعب بعواطفهم، وتحويلهم إلى حيوانات، وليست في أي مكان على هذا الوضوح كما هي في البروبوجاندا الصهيونية.. فقد نجحت هذه البروبوجاندا حرفيا في تحويل الأسود إلى أبيض، والأكاذيب إلى حقيقة، والظلم الاجتماعي الخطير إلى عمل عادل يمتدحه الكثيرون، كما حولت أناسا قادرين من ذوي الألباب إلى مغفلين وأغبياء". تشويه صورة العرب وتأليب الرأي العام العالمي ضدهم وتزييف حقيقة وعدالة قضيتهم؛ هي سياسة تتم صياغتها بعناية فائقة من قبل المسئولين الإسرائيليين السياسيين والأكاديميين، وقد نجحت الاستراتيجية الصهيونية في إيجاد الشحن النفسي والمذهبي والطائفي، ولعلنا جميعا شاهدنا مدى الفرح الصهيوني بما يحدث الآن في الوطن العربي، مستخدمة (البروبوجاندا) السياسية الإعلامية لخدمة المصالح الصهيونية في الخارج وفي عدة قضايا دولية، خاصة تلك التي تخص العالم العربي وتدخل ضمن خصوصياته أو سيادته الإقليمية، كاللعب على وتر الطائفية السياسية في الدول العربية والإسلامية من أجل إثارة الفوضى والبلبلة وعدم الاستقرار. [email protected] لمزيد من مقالات على جاد