لست مع الذين يتعجلون إصدار القوانين المنظمة للإعلام رغم الشعور بالمرارة من تردى المشهد الإعلامى بصور لم تعرفها مصر من قبل وصلت إلى حد الفوضى والتسيب والانهيار المؤسسى والمهنى لأن المسألة أكبر من أن يتم اختصارها فى مجموعة من التشريعات الجديدة لن يكون لها أى قيمة ما لم يسبق ذلك تغيير جذرى فى البيئة الإعلامية ذاتها. أتحدث عن الحاجة إلى التأهيل المهنى لكافة العاملين فى مجال الإعلام من خلال برامج تدريبية حديثة تواكب العصر وتؤدى إلى تلافى كافة الأخطاء الكارثية التى أصبحت ظاهرة مقلقة على شاشات الفضائيات وصفحات الصحف بدءا من غياب عنصر التدقيق قبل نشر وإذاعة أى خبر ومرورا بموضوعية التحليل وقصره على المتخصصين فى كل مجال على حده ووصولا إلى إتقان اللغة العربية كتابة فى الصحف ونطقا على الشاشات وأمام الميكروفونات. وأيضا أتحدث عن ضرورة تقنين أوضاع المؤسسات الصحفية القومية من خلال تحديد وتعريف اسم المالك الحقيقى لهذه المؤسسات ومنحه كافة الصلاحيات التى تضمن له حسن مراقبة الأداء المالى والإدارى للمؤسسات حتى يمكن وقف نزيف الخسائر المتزايدة فى السنوات الأخيرة والتى لم تعد تشمل فقط ما يسمى بمؤسسات الجنوب الفقيرة وإنما طالت أيضا مؤسسات الشمال التى عاشت بضع سنوات تنعم بوفرة مالية مريحة واستقرار إدارى ملحوظ. لأن الساحة الإعلامية اتسعت رقعتها بدخول الإعلام الخاص «المرئى والمكتوب» فإن الأمر يتطلب تقنينا ملزما لطبيعة العلاقة بين رجال الأعمال من ملاك هذه المنابر الإعلامية وبين العاملين فيها بما يضمن حقوقهم المادية والمهنية والاجتماعية ولا يجعل من الخطاب الإعلامى الخاص بوقا لهوى ومزاج وتوجهات رجال الإعلام وهى نفس التهمة التى توجه للإعلام القومى بالادعاء عليه بأنه مجرد بوق دعائية للدولة التى ترعاه وتدعمه وتسهم فى حل أزماته المالية. وأخيرا وليس آخرا تظل المعضلة الرئيسية التى تعرقل استعادة الإعلام المصرى لقوته وريادته باعتباره الأقدم والأرسخ فى المنطقة وأعنى بها كيفية الموائمة بين حرية تداول المعلومات ومتطلبات الحفاظ على أمن الوطن. خير الكلام: ليس من مات بميت إنما الميت ميت الأحياء! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله