في الوقت الذي كان فيه أعضاء مجلس النواب الجديد في مصر يستخرجون بطاقات عضويتهم في البرلمان الجديد، المنوطة به مناقشة عدة ملفات مهمة من بينها تشريعات تنظيم الإعلام، كان البرلمان البولندي يقدم درسا يمكن الاستفادة منه، بإيجابياته وسلبياته، في كيفية التعامل مع ملف الإعلام. فقد أقر البرلمان البولندي قبل نهاية عام 2015 مباشرة تعديلات قانونية مثيرة للجدل لإعادة هيكلة وسائل الإعلام العامة في البلاد. وذكرت وكالة الأنباء البولندية "بي ايه بي" أن 232 عضوا تابعا لحزب "القانون والعدالة" الحاكم صوتوا لصالح التعديلات المقترحة، مقابل اعتراض 152 عضوا، وامتناع 34 عضوا عن التصويت. وتنطبق التعديلات الجديدة على التليفزيون والإذاعة الرسميين في البلاد، حيث يسعى الحزب الحاكم إلى تحويل هاتين المؤسستين من خلال هذه التعديلات إلى مؤسسات ثقافية وطنية، وتعتزم الحكومة تبادل مجلسي الإدارة في المؤسستين كخطوة أولى لتحقيق هذا الهدف. وبموجب هذه التعديلات، التي أوردتها وكالة الأنباء الألمانية، سيزداد تأثير الحكومة مستقبلا في اختيار أعضاء مجلس الإدارة في المؤسستين. ويصف القانون الجديد كلا من التليفزيون البولندي الرسمي والإذاعة البولندية بأنهما "معاهد ثقافية وطنية"، وبأنه يمنح الحكومة سلطة تعيين مسئولين تنفيذيين جدد، على أن يتم إنهاء تفويض المديرين الحاليين على الفور. وقد تم تمرير التشريع من جانب مجلسي البرلمان، إلا أنه ما زال يتطلب توقيع الرئيس البولندي أندري دودا حتى يصبح ساري المفعول . ودافع فيتولد فاشيكوفسكي وزير خارجية بولندا عن قانون الإعلام الجديد المثير للجدل في مواجهة الانتقادات التي وجهتها المنظمات المعنية بالدفاع عن حرية الإعلام في أوروبا والعالم لحكومة المحافظين، بسبب سعيها لفرض المزيد من القيود على خدمات البث العام. كان العديد من الروابط الصحفية والإعلامية قد انتقدت بشدة خطط الحكومة البولندية في هذا الاتجاه، واتهمت حكومة وارسو بمحاولة فرض نفوذها على وسائل الإعلام. كما قدمت أربع منظمات معنية بالدفاع عن حرية وسائل الإعلام شكوى بشأن قانون خدمة البث العام، وذلك جنبا إلى جنب مع مجلس أوروبا -المعني بالدفاع عن حقوق الإنسان في القارة - والذي يضم في عضويته 48 دولة، تشمل دول الاتحاد الأوروبي. جاء في الشكوى أن مشروع القانون "يقترح إلغاء ضمانات استقلال الهئية العامة للإذاعة". وعلى الرغم من استمرار الرفض الأوروبي للقانون البولندي الجديد، وعلى الرغم من الانتقادات الداخلية والجدل المثار حوله، والذي دفع بعض المواطنين إلى تنظيم وقفات احتجاجية ضده، فإن القانون بات قاب قوسين أو أدنى من دخوله حيز التنفيذ، إذ يعتزم الرئيس البولندي التوقيع عليه قريبا.