يُحكى، والروايات كلها غير موثقة أن «الحاكم بأمر الله» لفرط حبه لإحدى زوجاته وافق على خروجها بصحبته إلى احتفالات «المولد النبوى الشريف»، وكانت ترتدي رداء أبيض، وعلى رأسها تاج من الياسمين، فأعجب منظرها « صُنَّاع الحلوى»، وسارعوا لتقليدها بقوالب الحلوى، ولكى يُضفوا على عروستها مشروعية، ويضمنوا توزيع حلواهم، صنعوا «للحاكم بأمر الله» قالبا موازيا، وهو يعتلي صهوة حصانه، ويُشهر سيفه لأعلى. وقيل أيضا إن «الحاكم بأمر الله» أمر بمنع الزينات في غير أيام المولد النبوي لتمييزه، وقصر زواج الشباب على يوم المناسبة ذاتها، فبادر الشباب بالتوسع في تعليق الزينات لأنها الفرصة الوحيدة المتاحة لهم، وكذلك أبدع «الحلوانية» في صناعة «العروسة والفارس على الحصان»، ليتحول المولد من مناسبة دينية إلى كرنفال اجتماعي تعم فيه البهجة كل أنحاء مصر. وقيل إن العرائس فى يوم المولد كن يقفن صفوفا, وتضع كل عروس قبضتيها في خاصرتها مزهوة بجمالها، مختالة بزينتها, تترقب ابن الحلال، وكان يمر عليهن الفتيان فوق أحصنتهم، ومن هنا جاءت فكرة العروس والحصان، وساعتها يمكن أن يتم اختيار الفرسان لعرائسهن. وتردد أن الخليفة الفاطمى «المستنصر بالله» كان يستعد للخروج على رأ س حملة لتأديب بعض العربان الذين يغيرون على مصر، ولكي يشيع الحماس في نفوس جنوده أعلن أنه سيزوجهم بعرائس جميلات حين يعودون بالنصر، وأغراهم العرض فاستبسلوا، وحققوا نصرا مظفراً، فبر بوعده معهم، وزوجهم بأحسن جواريه، وصادف الاحتفال بالمناسبة فى العام التالى ذكرى المولد النبوى، فقام « ديوان الحلوى » التابع لقصر الخليفة بابتكار عرائس حلوى جميلة لتقديمها إلى قادة الجيش وجنوده المنتصرين، وتم توزيع كميات كبيرة منها على الشعب،ولاقت قبولا عاماً، وفرحاً طاغيا لدى الأطفال . وكانت السعادة العامة التي حققتها الدولة للشعب كفيلة بتحويل الفكرة إلى عادة سنوية مع احتفالات المولد النبوي الشريف، ومن وقتها تحولت العروس إلى تقليد سنوي بهيج، يشيع السرور لدى المصريين. وإمعانا في استمالة الناس، دأبت الدولة على إقامة الولائم في المولد النبوي، وكانت تصنع عشرين قنطارا من الحلوى، تُوضع على 300 صينية ضخمة، ويتم توزيعها على الحضور فى الجامع، والعامة، وكان كبار رجال الدولة يتقدمون الموكب المهيب يوم الاحتفال. ويؤكد التاريخ الرسمي أن «عروسة المولد مصرية»، حيث ظهرت لأول مرة في احتفالات الدولة الفاطمية بالمولد النبوي، وقد كثرت في عهدها الاحتفالات, حتى كادت أيام المصريين تتحول كلها إلى أعياد!. والحقيقة أن الفاطميين لعبوا على حب المصريين الجارف لآل البيت في تدعيم حكمهم، وعملوا على إنجاح هذه الأفكار التي تداعب الوجدان العام، وتدغدغ مشاعر الناس الدينية. وربما كان هذا تحديدا ما دفع الخليفة « العزيز بالله الفاطمي» إلى تخصيص ميزانية ل « حلوى المولد»، وكانت تصنع في «دار الفطرة»، التي كانت تقدم الإفطار والسحور للفقراء في شهر رمضان.