محافظ أسيوط : لا مساس بالأرزاق ونوفر البدائل الحضارية للباعة الجائلين    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ الكنيسة الكاثوليكية بانتخاب البابا روبرت فرنسيس بريفوست    انطلاق قوافل المراجعة النهائية المجانية لطلاب الشهادة الإعدادية بالأقصر (صور)    السبت المقبل.. 23 ألف طالب يؤدون امتحانات الفصل الدراسي الثاني بجامعة أسوان    بالأسماء.. 16 مرشحًا يتقدمون لرئاسة جامعة بني سويف    أخبار مصر اليوم.. بوتين يستقبل السيسي في الكرملين    محافظ شمال سيناء يفتتح مبنى نقابة الزراعيين بالعريش    محافظ سوهاج يبحث تطبيق الهوية البصرية على الكوبري الجديد بالكورنيش الغربي    رئيس البريد: نعمل على تعظيم الإيرادات وترشيد النفقات    هيبة: مصر أنفقت 550 مليار دولار على تحسين البنية التحتية خلال 10 سنوات| خاص    مستشار وزيرة التخطيط: 44% من القوى العاملة بحلول 2030 ستكون من الجيل التكنولوجيا الحديثة    إنشاء مدارس ومراكز للشباب وصرف إعانات عاجلة.. تفاصيل لقاء محافظ المنيا والمواطنين اليوم    «صفقة تاريخية»| ترامب يكشف تفاصيل الاتفاق التجاري الجديد مع بريطانيا    ريتشارليسون يتصدر تشكيل توتنهام أمام بودو جليمت بنصف نهائي الدوري الأوروبي    محمد فوزى: التحركات المصرية القطرية الهامة تأتى فى ظل وضع إنسانى صعب بغزة    "أوتشا": عنف المستوطنين بالضفة الغربية فى تزايد    تشكيل مباراة فيورنتينا ضد ريال بيتيس في دوري المؤتمر الأوروبي    شاهد| هدف طاهر محمد في شباك المصري    نفس توقيت نهائي الكأس.. ديسابر يعلن ضم ماييلي لقائمة الكونغو الديمقراطية في يونيو    حبس شخص لإتجاره في العملات الرقمية المشفرة بالقاهرة    محافظ القاهرة يعلن السيطرة على حريق الأزبكية    معدات ثقيلة لرفع سقف موقف قوص المنهار فوق 40 سيارة (صور)    رائحة كريهة تكشف عن جثة خمسيني متعفنة بالحوامدية    تقرر مد مسابقة توفيق الحكيم لتأليف المسرحي .. اعرف تفاصيل    «كان يخاف ربه».. هالة صدقي تحسم جدل أزمة طلاق بوسي شلبي من الراحل محمود عبد العزيز    ما تأثير الحالة الفلكية على مواليد برج الحمل في الأسبوع الثاني من مايو 2025؟    أكشن بتقنيات عالية.. الإعلان التشويقي لفيلم المشروع X ل كريم عبد العزيز    MBC مصر تعلن موعد عرض مسلسل "بطن الحوت"    فعاليات تثقيفية متنوعة ضمن دوري المكتبات بثقافة الغربية    مسابقة قرائية بمكتبة مصر العامة    ياسمينا العبد: كنت متأكدة إني هبقى سبب فشل مسلسل «موضوع عائلي 3» (فيديو)    علي جمعة: السيرة النبوية تطبيق عملي معصوم للقرآن    ب3 مواقف من القرآن.. خالد الجندي يكشف كيف يتحول البلاء إلى نعمة عظيمة تدخل الجنة    أمين الفتوى: لا يجوز للزوج أخذ "الشبكة" من زوجته رغمًا عنها بعد الزواج    انطلاق المؤتمر الثالث لوحدة مناظير عائشة المرزوق في مستشفى قنا العام    محافظ سوهاج يوجه بسرعة استلام وتشغيل مركز الكوثر الطبي خلال أسبوعين    القومى للبحوث: اكتشاف إنزيم مهم من فطر الاسبرجليس لتقليل الكوليستيرول بالدم    الصحة: تنظيم مؤتمر علمي لتشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    الدخان الأبيض يعلن بدء رحلة بابا الفاتيكان الجديد.. الأجراس تدق والاحتفالات تملأ الشوارع    خبراء يحذرون: الزمن هو الخطر الحقيقي في النزاع النووي الهندي الباكستاني    الرياضية تكشف موعد انضمام ماركوس ليوناردو لتدريبات الهلال    محافظ الجيزة: تحسين كفاءة النظافة بمحيط المدارس استعدادا للامتحانات    محافظة الجيزة ترفع 150 طن مخلفات في حملات نظافة مكبرة    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    محافظ مطروح يتفقد تصميمات الرامبات لتيسير التعامل مع طلبات ذوي الهمم    عضو مجلس المحامين بجنوب الجيزة يثبت الإضراب أمام محكمة أكتوبر (صور)    الكرملين: الحوار بين روسيا والولايات المتحدة مستمر    انخفاض عمليات البحث على "جوجل" عبر متصفح سفارى لأول مرة لهذا السبب    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    خالد بيبو: كولر ظلم لاعبين في الأهلي وكان يحلم بالمونديال    رامي ربيعة يوافق على 20 مليون جنيه سنويًا.. ورد الأهلي الأخير بشأن الإعلانات يحسم ملف التجديد    تكثيف جهود البحث عن فتاة متغيبة منذ يومين في القليوبية    تركيا: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات الإنسانية وتحاول تهجير الفلسطينيين وتثبيت وجودها في غزة بشكل دائم عبر توسيع هجماتها    اختناق 4 أشخاص في حريق بمكبس كراتين خردة بسوهاج    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بريد الجمعة يكتبه : أحمد البرى
عصابة الشياطين !
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 01 - 2016

أكتب إليك بعد أن أغلقت الأبواب فى وجهي، ولم أجد غير نافذتك المضيئة لكى أبوح لك من خلالها بما يضيق به صدرى من متاعب وآلام، وكلى ثقة فى أنك لن توصد بابك الكريم فى وجه إنسانة يئست من الحياة الغريبة التى تحياها..
حياة أعطت كل شيء لمن لا يستحقه وأخذت كل شيء ممن يستحقونه، فأنا سيدة فى سن الأربعين نشأت فى أسرة متوسطة لأب موظف بشركة قطاع عام، وأم ربة منزل، وظل أبى فى وظيفته الى أن تخصخصت الشركة، ولم يرغب فى الاستمرار بها، فخرج الى المعاش مبكرا، وأذكر أن البيت انقلب رأسا على عقب عندما علمنا بذلك، فهو بالرغم من طيبته عصبى المزاج، ويثور لأتفه الأسباب، ويحيل حياتنا إلى نكد اذا لم يعجبه تصرف ما لأى منا، ولذلك كنا مبسوطين لعدم وجوده بالمنزل معظم ساعات النهار، فنحن خمس بنات وولد واحد، وأنا البنت الرابعة فى الترتيب، وقد درسنا جميعا فى المدارس المتوسطة، وتوقفنا عند هذا الحد لضيق ذات اليد، ومضت الحياة بنا بحلوها ومرها، وتقدم العرسان لأخواتى ثم لي، وتسابقوا على الارتباط بنا لما نتمتع به من أخلاق وجمال، ولكن لم تجرؤ أى منا على اختيار من ترتاح إليه، أو تشعر بعاطفة نحوه. فالاختيار لأبى وأمي، أما نحن فليس لنا أى فرصة للموافقة على هذا أو رفض ذاك، نظرا لطبيعة التربية التى نشأنا عليها بفرض الإملاءات، ولأن أبانا لم يعطنا الثقة فى أنفسنا، وعلينا أن نرضخ للزواج ممن يراه مناسبا لكل منا، فليس مهما عمره، ولا وظيفته، ولا عائلته، ولا أى شيء.
هذا السيناريو تكرر فى زواج أخواتى اللاتى يكبرنني، وكنت واثقة فى أن الدور آت علىّ لا محالة، وبعد حصولى على دبلوم المدارس التجارية، عملت فى محل ملابس بوسط القاهرة مع أختي، بدلا من زميلتها التى انتقلت الى محل آخر، ووجدت صاحب هذا المحل شابا صغير السن لديه بنت وزوجته حامل، وتقدم لخطبتى صديق أخى وهو جار لنا، والحق أنه من أسرة محترمة، ويتمتع بأخلاق عالية، وارتبطت به وأحببته، وكان يأتينى فى العمل يوميا عند الانصراف ليصطحبنى الى المنزل، وبمرور الأيام لاحظت اهتمام صاحب المحل بي، إذ كان يطيل النظر إلىّ، ويختلق أى سبب للحديث معي، ويسألنى كل يوم عن الطعام الذى أرغب فيه فى الغداء، والمشروب الذى أفضله فيشترى ما أشير عليه به، ونجلس معا نتناول الطعام والشراب، ثم بدأ يفتعل المشكلات معى أنا وأختى كلما رآى خطيبي، وخوفا من أن يستغنى عنا، طلبت من خطيبى ألا يحضر إلينا، وأننا سوف نعود الى المنزل بمفردنا، فاستجاب على الفور وقال لى «براحتك»، وهنا تعمد صاحب المحل أن يؤخرنا يوميا عن موعد الانصراف بعض الوقت لكى يوصلنا فى سيارته وأبلغت خطيبى بذلك، فغضب لهذا التصرف، وساورته الشكوك فى نية صاحب المحل، وخيرنى بينه وبين الاستمرار فى هذا العمل فاخترت العمل الذى رأيته الملاذ لى من جحيم البيت، الذى لم أعرف فيه سوى اللاءات، فلا للحديث مع صديقاتنا بالتليفون، ولا لمشاهدة التليفزيون، ولا لسماع أغان فى المسجل، ولا للوقوف فى البلكونة.. فكل شيء مرفوض بالمنزل، ولا سبيل الى الخلاص من هذا الوضع سوى الاستمرار فى الوظيفة المتاحة لى بهذا المحل، وفسخنا الخطبة، وعرف من أعمل لديه بأمرى ففرح كثيرا، وزاد اهتمامه بي، وزارنا فى بيتنا مرات عديدة، وتوطدت علاقته بأبى وأخي، وتردد علينا فى يوم الإجازة، وعرض على الأسرة توصيل أى فرد فيها الى المكان الذى يرغب فيه، وقضاء المشاوير التى يريدها أى منا، وصار هو وأبى صديقين، وإستطاع أن يغرس فى الجميع الثقة به، وشيئا فشيئا أفصح لى عن رغبته فى الارتباط بي، وروى حكايات عن حياته التى وصفها لى بالمرة منذ ان كان طفلا، وأنه لا يحيا سعيدا مع زوجته، ويرانى الزوجة المناسبة له من كل الوجوه، ولعبت كلماته برأسى فوجدتنى أحبه، وأذهب معه إلى المصانع حيث يشترى منها الملابس التى يبيعها فى المحل، ثم جاء اليوم الذى طلبنى فيه للزواج، فأخبرت أهلى بطلبه الذى كان متوقعا لكنهم أعلنوا رفضهم التام له، ووصفوه لى بأنه «ثعبان»، بينما أنا رأيته غير ذلك، ووقفت ضدهم، وخضت حربا ضارية من أجل أن أتزوج به، خصوصا بعد أن أكد لى أنه سيطلق زوجته لأنهما غير متفاهمين، وقلت فى نفسى انه مادام سينفصل عن زوجته فلماذا أتخلى عنه، وأنا لم أر منه ما يعيبه، أو يجعلنى أتردد فى قبوله؟.. ثم فوجئت بأنهم يعرضون علىّ الزواج من أحد أصدقاء الأسرة، فلم أدع لهم فرصة للتفكير، وأجبرت الجميع على الامتثال لرغبتي، وتزوجت صاحب محل الملابس، ولم يمض شهر واحد حتى ظهر وجهه الحقيقي، وتأكدت من كذب كل ما قاله لى عن حياته، بل وسرق النقود التى كنت أدخرها، وسلبنى مصوغاتى الذهبية «قطعة قطعة»، ثم تهرب من مسئولية البيت، وادّعى أنه مشغول فى متابعة عدة معارض للملابس الحديثة بالخارج، وتوقف عن إعطائى أى مصاريف للمعيشة، واضطررت إلى الذهاب للمبيت عند أختى الكبري، وكنت وقتها حاملا، ووجدته بعد غياب طويل يقول لي، اننا مطالبون بأن نترك الشقة لأن مطلقته رفعت عليه دعوى فى المحكمة، وسوف يحجزون على العفش وأنه خائف علىّ، ولا أدرى ما علاقتى بذلك، ولكن لم أجد حلا سوى اللجوء الى أختي، وقد هدأنى بأن هذا الوضع مؤقت إلى أن يحصل لنا على شقة أخرى فى مكان لا يعلمه أحد، وأكد أنه سيداوم الحضور إلىّ، وهكذا انسلخ من المسئولية مثل «الشعرة من العجين»، وجاءت مولودتى الأولى الى الحياة فى بيت أختي، ولم يبال بها أو يسأل عنها، ولم يكن يحضر الينا إلا بعد أن أتصل به، وأرجوه أن يعطينى مصروفا فأختى هى التى تتحمل مسئوليتنا، وعندما يزورنا يملأ الضيق وجهه، ويتملكه «القرف» وذات مرة قلت له «لست أنت الشخص الذى تزوجته، وتركت الدنيا كلها من أجله»، فرد علىّ «وأنا عملت إيه؟».. ولكى تسير الأمور، ولا يحدث صدام، عرضت عليه أختى أن يبيت معنا، وقالت له إن زوجها لن يبيت بالمنزل، فوافق، بل ان هذا العرض فتح له الباب لكى يبيت معى كلما احتاج لي!، وحملت للمرة الثانية، وأنا مقيمة لدى أختي، ولما علم بحملى هرب مرة أخرى الى أن وضعت ابنى الثاني، ووقتها زاد إحساسى بأنى أثقلت على أختى أكثر من اللازم، فاتصلت به وثرت عليه، وقلت له اننى سأترك منزل أختى «وكفاية بهدلة لحد كده»، فلم يجد بدا من أن يأتى إلينا وهو فى قمة الغضب، ووفر لنا شقة «بشعة» بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان، ويبدو أنه فعل ذلك لتطفيشى وطلب الخلع منه، والعودة الى أهلي، واحترت ماذا أفعل، وهم يرفضون عودتى إليهم ومعى طفلان منه، وقد رفضوه منذ البداية، كما أنهم كرهونى أنا الأخري، وقاطعوني، ولم يعد يتعامل معى سوى أختى الكبرى وهى ملاذى وقت الشدة، وأختى التى تصغرني، وهى تسأل عنى من حين الى آخر، واضطررت للمعيشة فى هذه الشقة غير الآدمية الواقعة فى مكان بشع، وسط جيران لا أجد لهم وصفا مناسبا، وقد رضيت بالهم، ومع ذلك سار زوجى على حاله نفسها، فيأتى بمزاجه، ويغيب بمزاجه، وأنجبت طفلة ثالثة، وعرفت المعاناة التى لم يعرفها أحد، وتذكرت أننى أخطأت كثيرا عندما تصورت أن الحياة فى بيت أبى كانت صعبة، وأدركت أن هناك من الأزواج والآباء من هم أشد قسوة وأكثر غلظة وتهاونا فى حق زوجاتهم وأبنائهم، وحالة زوجى خير مثال لذلك.. وبعد فترة ومع إلحاحى للانتقال الى منطقة أخري، استجاب وتركنا «عشة الفراخ» إلى مكان أفضل قليلا، ولم أبال بتركه لنا كما جرت عادته، واعتمدت على ما ترسله لى أختى من مصاريف أواجه بها متاعب الحياة، وبمرور السنين صار عندنا خمسة أطفال «ثلاثة أولاد وبنتان» والوضع كما هو!
وبعد أن وضعت ابنى الخامس شعرت بآلام شديدة، فذهبت بمفردى إلى أحد الأطباء، وأوضحت نتيجة التحاليل والأشعات التى أجريت لي، أننى مصابة بورم فى الغدة الدرقية، وخضعت لعلاج استمر عاما كاملا، ثم لجراحة أزيل فيها الورم، وتحسنت حالتى بعض الشيء.. وأحسست أن زوجى يخفى عنى أمرا ما، فبرغم أن دخله صار أفضل من ذى قبل، إلا أن طريقته معنا، بينت لى وجود متغيرات فى حياته، وبالفعل تأكدت من أنه أعاد مطلقته الى عصمته مرة أخري، وعندما تحقق لها ما أرادت أحكمت قبضتها عليه لكى تدفعه الى تطليقي، واستخدمت فى ذلك كل ألاعيب الشياطين بشخصيتها القوية، وجبروتها، إذ إنه يخاف منها بشكل لا يصدقه عقل، وعرفت من القريبين منى أنه أقنعها بتحقيق ما أرادت بعد أن أتنازل له عن حقوقى التى لا تساوى واحدا فى المائة مما أخذ مني، وبدأت خطتها بمطاردتننا أنا وأولادى فى كل مكان نذهب إليه أو نقيم فيه، وتفننت فى اختلاق مواقف تجعل الجيران يكرهوننا، وسلطت بعضهم لإيذائنا.. وتحملت الاهانات، وأنا صابرة وواثقة فى أن الله سينصفنا، وأصلى وأدعوه عز وجل ألا يتخلى عنا، وبمرور الوقت أخذ زوجى قطعة أرض فى مشروع «ابنى بيتك» بمدينة بدر وخصصه للزوجة الأولى وأولادها، وليس لى ولأولادى طوبة واحدة فيه، وتمكنت «عصابة الشياطين» من السيطرة على مستحقاتنا، ولما واجهته بما فعله، انهال علىّ ضربا وركلا، وفعل الشيء نفسه مع ابنى الأكبر، وكدت أموت بين يديه، فاتصلت بأختى الكبرى فجاءتنى ومعها اخواتي، وذهبنا الى قسم الشرطة، وحررنا محضرا ضده، وتم تحويل المحضر إلى النيابة فالمحكمة، وحكم عليه بالحبس، فارتدى «قناع الملائكة» واتصل بى ورجانى أن أسامحه، فهو لا يعرف كيف مد يده علىّ، ولا ما الذى جعله يتخلى عني، وقال إن زوجته نجحت فى التفريق بيننا بسبب أعمال السحر التى تلجأ إليها، وإنه لم يأخذ بنصيحة أمه عندما تزوجها فقد قالت له إنها معروفة بهذه الأعمال.. سمعت منه هذا الكلام ولم أعره اهتماما، فمن جهة أضع ثقتى فى الله الذى يصرف الأمور كيف يشاء، ومن جهة أخرى فإنه شخصيا يعطى زوجته مفتاح شقتى لكى تضع فيها أعمال السحر التى يتكلم عنها فى غيابى وتأكدت من ذلك بنفسي، ومن مظاهر هذه الأعمال أنه يقوم بتكسير كل شيء، وينتابه ضيق وغضب شديدان كلما زارنا، وقد تعرضت هذه «الحّية» للاصابة بأورام الرحم، وتم استئصاله، وخشيت أن يكون ذلك سببا كافيا للبعد عنها ولو خلال فترة الجراحة، ففكرت فى أن تحضر له صديقتها المطلقة لكى تشغل تفكيره بها!.. ووقع معها فى علاقة آثمة، ثم تزوجها، وهرب معها ليبدأ قصة جديدة!.. واتفقت زوجتاه الأولى والثالثة على مؤامرة دنيئة، بإحالة حياتى إلى عذاب أكثر مما هى عليه، وتفننوا جميعا فى إيذائنا أنا وأولادى، ثم اختلفتا معا، وتمكنت الزوجة الثالثة من الاستئثار به، وأجبرته على تطليق صديقتها التى كانت السبب فى زواجه منها، وبالطبع أخذت الأولى كل شيء، وظلت الثالثة «المحظوظة» معه، وترافقه كظله فى كل مكان يذهب إليه، لدرجة أنه اذا أراد أن يحدثنا فى أى أمر، أو اتصلنا به، فإنه يدخل إلى الحمام، ليكون بعيدا عنها، فيفاجأ بها وقد دخلت عليه، ونسمع الصياح والتأنيب، والشجار، فلقد أصبح أسيرها، وقد سافر إلى السعودية لكنه لا يرسل لنا أى مصاريف، وفكرت ماذا أفعل، ونحن لم يعد لدينا أى مصدر للدخل، وحتى زوج أختى ترك العمل فى شركة السياحة بعد أن ساءت أحوالها، واستغنوا عن الكثيرين من موظفيها، ووجدتنى اشترى بضاعة وأجهزة بالتقسيط وأبيعها نقدا، لكى استفيد بثمنها لبضعة شهور على متاعب الحياة، وهى كلها ديون مؤجلة، ولكن ماذا أفعل لكى أوفر القوت الضرورى لأبنائي، والملابس والدروس والكتب الخارجية، وبرغم ايمانى بالله فقد فكرت فى الانتحار، لكنى تراجعت عنه حتى لا أموت كافرة، فهل ترى لى أملا فى قادم الأيام، وهل من الممكن أن نجد من يقف الى جوارنا ويكون أبا حنونا لأبنائي، كأب فقد عائلته مثلا، فأولادى فقدوا الأب، ونكمل بعضنا، مع التفهم لوضعي، فأبنائى يكووننى بما يقولونه لي، فابنتى الكبرى تقول لي: «نفسى أخرج مع بابا واتفسح معاه، وابنتى الصغرى كتبت على حسابها على الفيس بوك «يارب تجيب لنا أب، علشان أصحابى ليهم أب، واحنا مالناش»!.. كلام مؤلم لكنه الحقيقة وأنا مثلهم لم أعش حياتي، ولا أدرى ماذا أفعل؟.. فهل من الممكن أن تشرق شمس حياتنا من جديد؟.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
ما وصلت إليه أحوالك أمر طبيعي، ونتيجة متوقعة منذ البداية بسبب أخطائك القاتلة، بدءا من فسخ خطبتك للشاب الرائع طمعا فى الإغراءات التى أغواك بها صاحب المحل المتزوج ولديه أولاد، ثم إنجابك خمسة أطفال برغم مثالبه الخطيرة التى تبينت لك وأنت حامل، حين أوهمك بأن مطلقته ستأخذ الشقة، فأجبرك على الذهاب الى أختك فى حين أن الواضح أنها كانت تمثيلية عليك لإعادة زوجته الأولى الى شقة الزوجية، وأيضا انجراف والدك وشقيقك نحوه من أجل الفوز بمشوار هنا أو هناك فى سيارته، مع أنهما يدركان حقيقته، ولذلك رفضا ارتباطك به، لكن الكلمات المعسولة، والأحلام الوهمية فى السعادة معه دفعتك الى إلغاء عقلك تماما، والتصرف بعاطفة هوجاء غبر محسوبة العواقب لما ستصير إليه أمورك فيما بعد، وتماديت فى التجاوز عن كل ما تبين لك من عيوبه.
والمؤسف أيضا فإن البيئة التى تعيشان فيها مهيأة لكل ألوان الانحراف الخلقى والسلوكي، سواء فيما يتصل بالعلاقات المحرمة، أو السرقة أو الكذب، بل وكل الصفات السيئة، ولا أميل الى حكاية السحر الذى تمارسه زوجته الأولى على النحو الذى أشرت إليه، وإلا استطاعت أن تبعد زوجها عن الزوجة الثالثة التى تقولين إنها هى التى رشحتها له لتكون بديلا لها خلال فترة مرضها!، فالواقع أنها «عصابة شياطين» يمارس أفرادها على بعضهم الغش والخداع، مثلما يفعلون بالآخرين، ولذلك أوقعت هذه السيدة المطلقة زوجك، ليس بإيعاز من زوجته الأولي، ولكن لأنه يريدها هى من باب أنها تجربة جديدة فى حياته، ولن يكتفى بزيجاته الثلاث، وإنما سوف يتزوج من أخريات، ويقيم علاقات خارج نطاق الزواج، لأن مثله لا يشبع أبدا، وسيحلو له الحرام إلى ما لا نهاية.
لقد انجرف زوجك إلى متعه وملذاته، أما أنت فسعيت الى حياة زوجية سعيدة ومستقرة، وقد أخطأ فيما ذهب إليه، بينما أخطأت فى اختيار من ليس أهلا لك.. صحيح أنه ليست هناك معادلة سحرية لتأمين حياة زوجية سعيدة، ولكن هناك خطوطا عريضة يمكن الاقتداء بها من أجل زواج أفضل، ولو استطاع الزوجان الاحتفاظ بعد الزواج بحب الخطبة وبهجتها لعاشا حياتهما فى سعادة واستقرار، والمطلوب لذلك توافر الانسجام النفسى والعقلى بينهما، ومعرفة أن الحياة الناجحة مزيج من الهموم والمرح والمسئولية والترفيه، وأن يكون الطرفان مستعدين للنقد، وتصحيح المسار، فكل منا يخطيء ويصيب، وأحيانا يتصرف بأنانية أو يبنى أحكامه على غير أساس، ولكنه يعود إلى رشده عندما يدرك أنه أخطأ، أما من يتمادى فى ارتكاب الأخطاء بلا حساب، فلابد أن تكون معه وقفة، فإذا أقر واعترف بعدم صواب تصرفه، وأعاد حساباته، فلا بأس من مواصلة المسيرة معه بعد أن يلتزم الطريق الصحيح، أما اذا تمادى فى أخطائه فلا بديل عن محاسبته بقدر خطئه، حتى لو أدى الأمر إلى الإنفصال، فالطلاق عند ادراك الأخطاء التى يصعب الخلاص منها، أهون كثيرا من الانسياق فى حياة محكوم عليها بالفشل، وللأسف فإنك لم تدركى ذلك، أو ربما كنت واثقة منه، لكنك تماديت فى الاستمرار مع زوجك، فوصلت الى النقطة التى من المستحيل فيها إصلاح ما فسد من علاقتكما الزوجية.
ولقد استخدم زوجك حقه فى تعدد الزوجات استخداما خاطئا، لأنه لم يعدل بين زوجاته وتناسى أن مشاعر المرأة هى نفس مشاعر الرجل، فكل امرأة يسوؤها أن ترى امرأة أخرى تشاركها فى زوجها، والمشاحنات والتباغض بين «الضرائر» تكون دائما تعبيرا صارخا عن رفض كل منهن وجود أخرى فى حياة زوجها، ولذلك حاولت كل واحدة استمالته ناحيتها، مرة من باب العاطفة، ومرة من أجل الأولاد، ومرات لأنه يجب أن يوفر لها المعيشة اللائقة بها، وهو بالطبع يريد الاحتفاظ بكن جميعا، ولذلك اذا كان صادقا فى تطليق الزوجة الأولى فى المرة الأولي، فقد أعادها الى عصمته، بعد الزواج منك، واذا كان صادقا فى أنه طلقها مرة ثانية من أجل الزوجة الثالثة، فسوف تدور الأيام ويعيدها الى عصمته من جديد، فهى أم أولاده وأولى زوجاته ومستقرة فى بيته، وتحت مسئوليته، وبرغم ذلك مازال لديك أمل فى إصلاح ما ارتكبه من أخطاء، ولا أحسب أنه سوف يستقر معك وأرى أنه لا حل لك سوى الانفصال عنه مع اللجوء الى القضاء للحفاظ على مستحقات أبنائك، وإلزامه بمصاريفهم ومتابعتهم.. والحقيقة أننى لم أفهم ما الذى تقصدينه بالبحث عن أب ليس لديه أبناء يرعى أبناءك، فإذا كنت تقصدين الزواج، فهذا سابق لأوانه لأنك مازلت على ذمة زوجك، واذا كان هدفك العطف من أحد فاعلى الخير، فكيف ذلك وأبوهم حى يرزق، ودخله يكفى لأن يعيش أبناؤه وزوجاته حياة مستقرة؟
إن الحزم مطلوب مع زوجك، فما حدث منه لا يمكن السكوت عنه، وواجباته تجاهكم واضحة، ولابد أن يتحمل المسئولية بالقانون، وسوف ينصفك القضاء منه، فهو رجل مستهتر، لم يبال بقيمة الحياة الزوجية، ولم يرع أبناءه، وقد اجتمعت فيه كل الصفات السيئة من البخل والكذب وخيانة الأمانة والاستهتار، وضعف الإرادة أمام اغراءات النساء، والغموض والتهرب من المسئولية، فليتحمل زوجك مسئولية أبنائه، فإذا كان من السهل عليه أنه تفادى مسئوليتهم، فإنه لن يستطيع مستقبلا تفادى النتائج المترتبة على تنصله من القيام بدوره نحوهم، سواء أمام القضاء الآن، أو حين يكبرون ويكون لهم موقف آخر منه، ووقتها لن ينفعه الندم، وسوف يعض النواجذ عندما يتخلون عنه، وهو فى أمس الحاجة إليهم.. فكما يدين المرء يدان.
ولا حل أمامك الآن سوى أن تحسمى أمرك معه، وبعد الانفصال وترتيب حقوق أبنائك، يصبح بإمكانك أن تحددى مستقبلك من الناحية الاجتماعية، وقد تتزوجين من ترينه مناسبا لك، وتتفقان معا على أن يكون أبناؤك معك، تحت رعاية أبيهم، والأمر برمته يحتاج الى تأن، واتخاذ الخطوات المستقبلية بترتيب بحيث تمضى الأمور طبيعية، وأرجو أن يصفح أبوك وأخوك وأهلك جميعا عنك، فكما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «كل بنى آدم خطاء وخير الخطائين التوابون»، فلقد أدركت أخطاءك فى حق نفسك، وعليهم أن يؤازروك قبل أن يفقدوك الى الأبد، والله المستعان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.