ضبطت الأجهزة الرقابية والأمنية فى الأيام الأخيرة مئات الأطنان من سلع مهربة ومجهولة المصدر وخالية من الفواتير أو أى مستندات تفيد بمشروعية الحصول عليها، كما أن بعض أصحاب الشركات يتعاملون مع شركات صينية لتصنيع أدوات مقلدة للماركات العالمية والمتميزة ، وبيعها بأسعار موازية للأصلية بكميات هائلة وطرحها للبيع والتداول، لتحقيق أرباح طائلة . جاء ذلك فى تقرير حول قضايا التهريب التى باتت تهدد بتضاعف الخسائر على الاقتصاد القومى. ويكشف الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة لقاهرة عن أن أخطر أشكال التهريب تظهر فى نظام »الدروباك« والذى يخضع ( لمافيا ) تهريب المنسوجات المصرية فى نوع جديد من التهريب المقنن حيث يتم استيراد كميات من المنسوجات لتصنيعها لإعادة تصديرها ، ولا يتم تصدير سوى 50% منها فقط ، والباقى يدخل السوق مهربا عن طريق التحايل فى أذون التصنيع ودون الخضوع لضريبة ، واستغلال نسبة الفاقد التى تحددها وزارة الصناعة لهذه المصانع على النسيج المستورد ، والذى يتراوح ما بين 20% و 50% فى بعض النوعيات بدون دفع أى رسوم جمركية أو ضريبة مبيعات ، وبالتالى يكون سعر المستورد أقل من سعر المنتج الوطنى ، فالمهربون يحققون أرباحا طائلة من وراء التهريب، ويبتكرون كل يوم وسائل وحيلاً جديدة ، مستغلين فى ذلك التيسيرات التى قررتها الدولة فى قانون حوافز وضمانات الاستثمار رقم 8 لسنة 97، حيث يتم حاليا إغراق الأسواق بالأقمشة والملابس الجاهزة عن طريق بورسعيد وليبيا ، وأحيانا من خلال مطار القاهرة بجانب قيام البعض باستيراد أقمشة وملابس جاهزة بنظام السماح المؤقت، حيث تدخل هذه الأقمشة إلى الأسواق دون أن يكون عليها أى أعباء مالية فتضر بالمنتج الوطنى الذى يكون أغلى سعرا وتكلفة . وتشير الدراسات الأخيرة إلى ان تلك البضائع المهربة تضيع على الدولة سنويا مبالغ هائلة نتيجة للتهرب الضريبى والجمركى خاصة بعد تزايد حجمها عقب اندلاع ثورة 25 يناير ، وما اعقبها من انفلات امنى لتصل تكلفة السلعة حسب دراسات حديثة إلى ثلث تكلفة المحلية ، وهناك أصحاب مصلحة فى التهريب الذى ملأ الاسواق بالسلع الرديئة مجهولة المصدر ، ودمر الصناعة المحلية ، وشرد آلاف العمال بسبب اغلاق آلاف المصانع خصوصا فى قطاع الملابس الجاهزة والغزل والنسيج، فالتهاون فى مواجهة مثل هذه الظاهرة وعدم اصدار قرار فورى من رئيس الحكومة بوقف عمليات التهريب وتشديد أحكام الرقابة على المنافذ الجمركية سيؤدى إلى مزيد من الخسائر التى يمكن ان تسهم فى زيادة عجز الموازنة العامة للدولة الذى وصل فى الموازنة الجديدة إلى 350 مليار جنيه، لأن غياب الرقابة هو السبب الرئيسى فى إغراق الاسواق المصرية بالسلع المهربة التى تتم اغلبها مع دول حدودية مثل ليبيا، أو عن طريق البحر او منطقة التجارة الحرة فى بورسعيد . وطالب أستاذ الإقتصاد الحكومة باتخاذ العديد من الاجراءات لتشديد الرقابة على المنافذ ومنع دخول هذه المنتجات إلى السوق المصرية، لأنها تهدد صحة المواطن بشكل مباشر خاصة بعد اغراق الاسواق بالسلع الغذائية والعصائر والمشروبات مجهولة المصدر بالإضافة إلى السجائر، التى تكبد الدولة مليارات الجنيهات سنويا، مما يتطلب ضرورة ايجاد اجراءات تضبط الحدود والمنافذ الجماركية، حتى لا تؤدى هذه الظاهرة لتفاقم مشكلات قطاع الصناعات النسجية الناتجة من عوامل داخلية وخارجية أبرزها ارتفاع تكلفة الغزول المحلية بنسبة 35% عن الأسعار العالمية للغزل رغم ما تتحمله الدولة من دعم لشراء فضلة القطن والتى تجاوزت فاتورتها 450 مليون جنيه، ويشير الدكتور عادل عامر مدير مركز المصريين للدراسات الاقتصادية إلى أن المتصفح لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997 ولائحته التنفيذية رقم 2108 وتعديلاتها انتهاء بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1247 لسنة 2004 يجده أفرغ سلطة الجمارك من مضمونها الحقيقى باعتبارها أحد حراس الخزانة العامة للدولة فالمادة رقم 69 من اللائحة التنفيذية لقانون الاستثمار تنص على أن تلتزم المشروعات بجرد موجوداتها سنوياً بحضور مندوب المنطقة الحرة ومن ترى إدارة المنطقة الاستعانة بهم من الجهات المعنية ويجوز لإدارة المنطقة القيام بالجرد كلما اقتضت الظروف، وذلك بإجراء جرد كلى مفاجئ أو جرد جزئى لصنف من الأصناف ، وفى حالة اكتشاف العجز أو الزيادة تحرر محضر بذلك يوضح به الصنف والكمية والوزن تفصيلاً وتاريخ الجرد ، ويوقع عليه مندوب المشروع ومندوب المنطقة الحرة ومندوب الجهة التى تكون استعانت بها إدارة المنطقة. وقال عادل عامر أن هيئة الاستثمار أصدرت تصاريح تسمح لهذه المشروعات بالاستيراد وجلب المزيد من الأقمشة المستوردة دون سؤال المستثمر عن الكميات المخزنة لديه أو حتى طلب الانتهاء مما تم استيراده من سنوات ، خاصة وأن المستثمر حال قيامه بالتصدير لابد من أن يوضح رقم تصريح الاستثمار الذى تم الاستيراد بموجبه والتصنيع منه وطالما يتوافق هذا النص مع نص (القاعدة 14) من الفصل الثانى الملحق (د) من اتفاقية كيوتو فإنه يتعين على الجمارك أن تسعى من خلال الرقابة التى خولتها إياها الاتفاقية فى القاعدة الرابعة من هذا الفصل والملحق إلى سد هذا الباب الذى لم يصبح خفياً للتهريب تكررت فى الآونة الأخيرة وقائع خروج رسائل ترانزيت برسم المنطقة الحرة من الموانئ وعدم وصولها إلى وجهتها النهائية، وحتى نواجه الموضوع بمصداقية وشفافية يجب على الجمارك وضع الضوابط المناسبة لإحكام الرقابة منذ لحظة قيام هيئة الاستثمار بتسليم صاحب الشأن تصريح الاستثمار او ما يسمى بإقرار الوارد عن طريق قيام هيئة الاستثمار بإخطار جمرك المناطق الحرة فى ذات اليوم بصورة ضوئية من الإقرار واسم الشركة حتى يمكن تتبع وصول هذه الرسالة من لحظة التقدم للإفراج عنها فى ميناء الوصول وإلى أن تصل إلى المنطقة الحرة للقضاء على محاولات التهريب .