وكيل تعليمية قنا يفتح تحقيقا في وقائع جولة اليوم الميدانية    4 ملفات ناقشها رئيس الوزراء مع محافظ البنك المركزى.. تعرف عليها    رفع 40 طنا من القمامة والمخلفات الصلبة بحى غرب سوهاج    تفاصيل جدول زيارة الرئيس السيسي لبروكسل.. تكشفها القاهرة الإخبارية    وزيرة التضامن تبحث مع نظيرتها القطرية تكثيف المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    الجالية المصرية في بروكسل تستقبل الرئيس السيسي بأعلام مصر.. فيديو    بعد رد أمك.. متحدثة ترامب تنشر رسائل صحفي هاف بوست وتصفه بمتسلل يساري    ترامب ل زيلينسكي: لا أسلحة أمريكية قريبا    عدي الدباغ ينتظم فى تدريبات الزمالك عقب الشفاء من الإصابة    إصابة 3 سيدات بجروح متفرقة وسحجات فى مشاجرة بسوهاج    أمن المنوفية يكثف جهوده لسرعة ضبط عاطل قتل طليقته بسبب خلافات    والدة فتاة بورسعيد تطالب بأقصى عقوبة على زوج ابنتها الذى ألقاها من الشرفة    رئيس جامعة طنطا يهنئ فتحية سيد الفرارجى على إيداع مؤلفها بمكتبة فرنسا    رفع قيمة جائزة أفضل ناشر عربى بمعرض القاهرة للكتاب إلى 2000 دولار    الآثار: مقبرة الملك توت عنخ آمون في حالة جيدة من الحفظ وغير معرضة للانهيار    حسين فهمي يفجر مفاجأة في الجونة: استقلت من الأمم المتحدة بعد مجزرة قانا رفضًا للصمت على العدوان    «موسم خناقة السلفيين».. دار الإفتاء تشتبك وتغلق باب الجدل: الاحتفال بموالد الأولياء يوافق الشرع    رمضان عبد المعز: جزاء الإحسان مكفول من الله سبحانه وتعالى    محمد صبحي: عهد الإسماعيلي في وجود يحيي الكومي كان "يستف" الأوراق    وزير المالية: نتطلع إلى وضع رؤية مشتركة لقيادة التحول الاقتصادي نحو تنمية أكثر عدالة وشمولًا واستدامة    «زنزانة انفرادية وحكم ب 5 سنوات».. الرئيس الفرنسي الأسبق خلف القضبان فكيف سيقضي أيامه؟    طقس السعودية اليوم.. أمطار رعدية ورياح مثيرة للغبار على هذه المناطق    بعد فتح الباب للجمعيات الأهلية.. هؤلاء لن يسمح لهم التقدم لأداء مناسك الحج 2026 (تفاصيل)    «شوف جدول مرحلتك».. جدول امتحانات شهر أكتوبر 2025 لصفوف النقل في محافظة الإسكندرية    الصين تدعو الحكومة اليابانية إلى الوفاء بالالتزامات بشأن التاريخ وتايوان    «العمل»: 285 وظيفة شاغرة بشركة بالسويس (تفاصيل)    فرصة عمل شاغرة بجامعة أسيوط (الشروط وآخر موعد للتقديم)    منتخب مصر يواجه نيجيريا فى ديسمبر ومفاضلة بين مالى والكاميرون استعدادا لأمم أفريقيا    وزير الثقافة يلتقي محافظ السويس لبحث سبل دعم الأنشطة الإبداعية    «بيتشتتوا بسرعة».. 5 أبراج لا تجيد العمل تحت الضغط    بعد سرقتها من متحف اللوفر.. تعرف على قلادة الزمرد التاريخية| تفاصيل    «الأرقام بعيدة».. شوبير يكشف موقف ثنائي الأهلي من التجديد    جامعة الإسكندرية توافق على تعديل مسمى قسمين بمعهدي الصحة العامة والبحوث الطبية    ليست مجرد مشاعر عابرة.. "الإفتاء" توضح موقف الإسلام من محبة أهل البيت    استشاري: ماء الفلتر افضل من المياه المعدنية للأطفال    ظهور حالات فى مدرسة بالمنوفية.. علامات الجديرى المائى وطرق العلاج    غدًا.. بدء عرض فيلم «السادة الأفاضل» بسينما الشعب في 7 محافظات    الجالية المصرية ببروكسل تستقبل الرئيس السيسي بالأعلام والهتافات    الحكومة تنفي وجود قرار رسمي بزيادة الأجور    الدفاع الروسية: استهداف منشآت البنية التحتية للطاقة الأوكرانية    رئيس البرلمان العربي يطالب بتشكيل مجموعة عمل لدعم جهود تثبيت التهدئة بغزة    أسماء مصابي حادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    ذكرى إغراق المدمرة إيلات| القوات البحرية تحتفل بعيدها الثامن والخمسين.. شاهد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء توضح حكم تصدق الزوجة من مال زوجها دون إذنه    "الابتكار في إعادة تدوير البلاستيك".. ورشة ببيت ثقافة إطسا| صور    وكيل تعليم الفيوم يشهد فعاليات تنصيب البرلمان المدرسي وتكريم الطالبات المتميزات على منصة "Quero"    المستشفيات التعليمية تستضيف فريقًا إيطاليًا لجراحات قلب الأطفال بمعهد القلب    وزير الصحة يبحث مع السفير الفرنسي تنفيذ خطة لتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    عضو الجمعية المصرية للحساسية: ضعف المناعة والتدخين أبرز محفزات ارتكاريا البرد    851 مليار جنيه إجمالي التمويل الممنوح من الجهات الخاضعة للرقابة المالية خلال 9 أشهر    مؤمن سليمان: قيمة لاعب اتحاد جدة تساوي 10 أضعاف ميزانيتنا بالكامل    الخميس.. محمد ثروت ومروة ناجى بقيادة علاء عبد السلام على مسرح النافورة    صندوق التنمية المحلية يمول 614 مشروع ب10 ملايين جنيه خلال 3 أشهر    الدماطي: ياسين منصور الأنسب لرئاسة الأهلي بعد الخطيب.. وبيراميدز منافسنا الحقيقي    اصطدام قطار برصيف محطة مصر.. ولجنة للتحقيق في الحادث    بالصور.. بدء التسجيل في الجمعية العمومية لنادي الزمالك    ميدو: كنا نسبق الكرة المغربية.. والعدل في الدوري سبب التفوق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رشدى راشد مؤرخا عالميا لتاريخ العلوم العربية
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 12 - 2015

أعلنت منذ أيام نتيجة جوائز مؤسسة «سلطان العويس» وهى جوائز عربية رفيعة تمنح للمبدعين العرب على مجمل انتاجهم الإبداعى والعلمي. وقد حصل عليها فى السنوات الماضية عشرات من أكبر المبدعين العرب.
وقد حصل عليها هذا العام مبدعان مصريان أولهما هو «يوسف القعيد» فى مجال الإبداع الروائى، و«رشدى راشد» فى ميدان العلوم الاجتماعية والدراسات المستقبلية.
وإذا كان اسم القعيد معروفا جماهيريا إلا أن الدكتور «رشدى راشد» لا يتمتع بجماهيرية ما لأنه فيلسوف ومؤرخ عالمى فى مجال تاريخ العلوم العربية، ولذلك لا يعرف قدره ومكانته العلمية الرفيعة سوى المتخصصين فى العلوم الفلسفية والاجتماعية.
وقد قررت بعد قراءة خبر فوزه بالجائزة -والذى أسعدنى للغاية لأننى أعرف بدقة تفاصيل مشواره العلمي- ضرورة أن أعرف القراء به.
«رشدى راشد» خريج قسم الفلسفة بآداب القاهرة عام 1956 وسافر على نفقته الخاصة عقب تخرجه إلى فرنسا للقيام بدراساته العليا تمهيدا لحصوله على دكتوراه الدولة فى الفلسفة.
وفى فرنسا اتجه إلى دراسة فلسفة العلوم وتتلمذ على أكبر فيلسوف فرنسى متخصص فى الإستمولويا وهو «كانجيم» الذى أسس هو «وجاستون باشلار» أسس هذا العلم الذى يجمع بين فلسفة العلم وتاريخ العلم وسوسيولوجيا العلم.
وأدرك «كانجيم» مبكرا أن هذا الطالب المصرى الطموح جدير بأن يعين باحثا فى المركز القومى للبحث العلمي، وهو أعلى هيئة علمية فرنسية ولا يدخله إلا المبدعون من الباحثين.
وانكب «رشدى راشد» على دراساته وآثر أن يتخصص فى تاريخ العلوم، وركز على الرياضيات والفلسفة فى الفكر الإسلامى -واقتضى منه ذلك -لفك طلاسم المخطوطات العربية القديمة «لابن الهيثم» و«الخوارزمى» وغيرهما من أقطاب العلماء العرب- التخصص الدقيق فى علم الرياضة بفروعه المختلفة.
وبناء على هذا التكوين المزدوج فى الفلسفة وعلم الرياضة استطاع من خلال تحقيقه العلمى للمخطوطات العربية القديمة أن يحقق اكتشافات علمية مذهلة ترتب عليها إعادة كتابة تاريخ العلم العالمى الذى سجل تطوراته كبار مؤرخى العلوم الغربيين. لأنه أثبت علميا سبق العلماء العرب فى صياغة نظريات علمية بالغة الدقة فى مجالات متعددة مثل الجبر الذى استحدثه «الخوارزمي»، وتطبيق الرياضة فى علم المناظر عند «ابن الهيثم».
وقد حصل «رشدى راشد» على جوائز علمية رفيعة المستوى فرنسية وعربية وعالمية تقديرا لاكتشافاته ونظرياته التى أدت إلى إعادة النظر فى موضوع التراكم العلمى من خلال المعالجة العلمية الحديثة لما ورد من أفكار ومعادلات وصيغ علمية فى المخطوطات العربية القديمة.
ويمكن القول إن عدم شهرة «رشدى راشد» بين جماهير القراء العرب ترجع إلى أن أعماله المنشورة زاخرة بالمعادلات الرياضية التى لا يستطيع غير القراء المتخصصين أن يتابعوها. وينبغى فى هذا المقام أن نحيى الدكتور «خير الدين حسيب» رئيس مركز الوحدة العربية فى بيروت والذى تبنى المشروع العلمى «لرشدى راشد» وأصدر ترجمات لأبرز اكتشافاته العلمية. غير أنه بالإضافة إلى ذلك نشر له عام 2011 كتاب بعنوان «دراسات فى تاريخ العلوم العربية وفلسفتها» فى سلسلة تاريخ العلوم عند العرب.
ويمتاز هذا الكتاب بأنه يتضمن ترجمة دقيقة لنصوص بالغة الأهمية «لرشدى راشد» فى مجالات فلسفة العلوم، وتاريخ العلوم، وسوسيولوجيا العلم، وهى عبارة عن محاضرات ألقيت فى مناسبات متعددة. وميزة هذا الكتاب أنه يمكن للقارئ العادى أن يتابع أفكار هذا المؤرخ المصرى العالمى بسهولة ويسر.
والكتاب ينقسم إلى مقدمة عن «التراث العلمى العربى اليوم» وخمسة فصول يضم كل فصل موضوعات متعددة. الفصل الأول مثلا يناقش ثلاثة موضوعات هى «تاريخ العلوم بين الإستمولويا والتاريخ»، و«العلم العربى وتجديد تاريخ العلوم» والعلم فى الإسلام والحداثة الكلاسيكية». ويضم الفصل الثانى موضوعات عدة اخترت منها موضوعين الأول عن «تراث الفكر وتراث النص: مخطوطات العلم العربية». ويلفت النظر حقا فى هذا الموضوع النظام التصنيفى الذى وضعه «رشدى راشد» وهو يقرر «واجه كل من عمل على تحقيق دراسة النصوص العلمية أشكالا عدة من تراث النص يمكننا أن نحصيها إحصاء أوليا وهذه الأشكال هي: النص الغائب والنص المستتر والنص المبتور والنص المختزل أو الملخص والنص الكامل الوحيد المخطوط والنص الكامل المتعدد المخطوطات، وأخيرا النسخة الأم أو مخطوط المؤلف.
ويكشف هذا النظام التصنيفى الجامع عن خبرة «رشدى راشد» العميقة بالمخطوطات العلمية العربية.
ويلفت النظر فى هذا الفصل دراسة بعنوان «بين المتوارى والمفقود: أنماط من المخطوطات العلمية المطوية»، ولا يتسع المجال لتلخيص آرائه فى هذا المجال.
وأريد أن أركز على الفصل الخامس وعنوانه «المجتمع العلمى والتقاليد الوطنية فى البحث». لأنه يرتدى فى هذا الفصل ثوب عالم الاجتماع العلمى ويضع خبرته البحثية العميقة فى مجال التأسيس لبناء مؤسسات علمية معرفية عربية.
وهو ينطلق من تأصيل فكرة المجتمع العلمى ويقرر أنه «لا يمكن الكلام عن المجتمع العلمى دون الكلام عن البحث العلمى نفسه. إن المجتمع العلمى يكون موجودا عندما توجد تقاليد وطنية فى البحث العلمى تمهد لوجود هذا المجتمع العلمى وتقدم له الخصائص التى تميزه. وإذا انعدمت التقاليد الوطنية فى البحوث لا يبقى سوى كمية من المعلمين وتجمع من التقنيين ذوى تكوين متساو فى تنافره وفى عدم تجانسه، أما التقاليد العلمية الوطنية إذا ما وجدت فإنها تظهر فى أسماء العلماء وفى عناوين مؤلفاتهم وفى المواضيع التى طوروها والتجديدات النظرية والتقنية التى قاموا بها. إن مسألة التطور العلمى تكمن فى القدرة على إيجاد مثل هذه التقاليد فى البحث بحيث تكون عاملا فى تكامل مجموعات العلماء وفى تكوين المجتمع العلمي»، وبعد جولة متعمقة حول تاريخ تطور البحث العلمى فى العالم يستخلص ببراعة عدة عبر عامة.
«العبرة الأولى أن الاستقراء التاريخى يبين أن العلم سواء كان كلاسيكيا أو حديثا أو صناعيا لم يستطع أن يتأسس وأن يتطور دون أن تكون المؤسسات الخاصة به قد أنشئت فى أول الأمر، ثم استحدثت مهنة العالم وتبعتها التطبيقات العلمية...».
«والعبرة الثانية يمكن أن نستخلصها من التاريخ، توجد ثقافات ومجتمعات مؤهلة أكثر من غيرها لاستقبال وبالتالى لتملك العلم الحديث..».
«والعبرة الثالثة لم يكن هناك تطور متساو لمختلف المناطق سواء كان العلم كلاسيكيا أم حديثا أم صناعيا..».
«والعبرة الرابعة لم يكن العلم أبداً سواء كان كلاسيكيا أم حديثا أم صناعيا شيئا ينقل من مجتمع إلى آخر، كذلك ليس هناك نشر ممكن للثقافة العلمية من مجتمع إلى مجتمع آخر بواسطة الترجمة أو نقل العلماء أو غيرها دون أن نحضر لأجل ذلك البنية التحتية اللازمة..».
ما سبق مجرد لمحات سريعة من بعض الأفكار العميقة للفيلسوف ومؤرخ العلم «رشدى راشد»، والذى شغل منصب مدير الأبحاث فى المركز القومى للبحث العلمى فى فرنسا. ولم يمنعه ذلك من اهتمامه الشديد بالتحديث السياسى للمجتمع المصرى من خلال أنشطة مختلفة سنتحدث عنها فى المستقبل القريب.
لمزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.