احتفالية العيد ال 11 لتأسيس ايبارشية هولندا    عيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع.. سعر الذهب اليوم الأربعاء 19 يونيو 2024 (تحديث)    سعر الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 19 يونيو 2024 عقب أخر ارتفاع بسوق مواد البناء    جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن الموافقة على "خطط عملياتية لهجوم في لبنان"    موعد مباراة ألمانيا أمام المجر اليوم الأربعاء في أمم أوروبا والقنوات الناقلة    وزير الرياضة ينعي مشجعتي النادي الأهلي    في ثالث ايام عيد الاضحى.. مصرع أب غرقًا في نهر النيل لينقذ ابنته    محمد رمضان يعلن رسمياً خروجه من سباق دراما رمضان 2025    فرج مجاهد عبد الوهاب يكتب: «أعلام مصريون معاصرون» فضاءات لمبدعى الفكر والأدب والتاريخ    ب10 جنيه بس.. الملاهى الشعبية بالزقازيق أجمل فسحة والسعر على قد الإيد    المحافظ والقيادات التنفيذية يؤدون العزاء فى سكرتير عام كفر الشيخ    بعد آخر ارتفاع.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الأربعاء 19 يونيو 2024    ذبح 172 أضحية بمجازر الغربية للمواطنين بالمجان فى ثالث أيام عيد الاضحى    ماذا حققت محطة تحيا مصر متعددة الأغراض بعد عام من افتتاحها؟    منتخب البرتغال يستهل مشواره بيورو 2024 بفوز قاتل على التشيك    نتيجة وملخص أهداف مباراة البرتغال ضد التشيك في كأس أمم أوروبا 2024    عادل عقل يكشف صحة إلغاء هدف الأهلى فى مباراة الاتحاد السكندرى    أمين عمر حكما لمباراة بلدية المحلة وبيراميدز والعمراوى لسيراميكا وفيوتشر    بعد نجاح تجارب زراعته.. تعرف على موطن زراعة "الكاسافا" بديل القمح وأبرز مميزاته    فيتينيا أفضل لاعب بمباراة البرتغال ضد التشيك فى يورو 2024    المراجعة النهائية لمادة اللغة العربية لطلاب الصف الثالث الثانوي.. نحو pdf    وفاة شخص وإصابة 2 آخرين فى انقلاب سيارتين ملاكى بالغربية    وفاة مدير كهرباء ديوان مركز الزقازيق أثناء أداء فريضة الحج    رقم صادم.. حصيلة وفيات الحجاج المصريين بسبب الطقس الحار    4 أهداف لحجازى و6 لشريف.. أبرز أرقام المحترفين المصريين فى السعودية.. إنفوجراف    لأول مرة.. عدد المعاقين في الجيش الإسرائيلي يتجاوز عتبة ال 70 ألفا    حظك اليوم| الاربعاء 19 يونيو لمواليد برج الدلو    ليلى علوي تهنىء أبطال فيلم "ولاد رزق "    حظك اليوم.. توقعات برج العذراء 19 يونيو 2024    محمود مهدى ل صاحبة السعادة: أعمال عادل إمام متفردة فى تاريخ السينما    أسرة الفيلم وصناعه يتحدثون ل«المصري اليوم»: «أهل الكهف» رحلة سينمائية بين زمنين تجمع 11 بطلًا    علامتان محتملتان للإصابة بالسرطان في يديك لا تتجاهلهما أبدًا (صور)    أجواء شديدة الحرارة.. بيان هام من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم الأربعاء (تفاصيل)    بعدما فجرها ميدو.. «المصري اليوم» تكشف هوية لاعب الزمالك الذي هدده الحكم بإنهاء مسيرته    بطريرك السريان الكاثوليك يزور بازيليك Notre-Dame de la Garde بمرسيليا    تركوه ينزف.. استشهاد شاب فلسطيني برصاص قوات الاحتلال جنوب بيت لحم    شهداء وجرحى في استهداف الاحتلال منزلًا بقطاع غزة    الوكالة الأمريكية للتنمية: الوضع الإنساني بغزة صعب جدا    أسقف نجع حمادي يقدم التهنئة للقيادات التنفيذية بمناسبة عيد الأضحى    رونالدو يتربع على عرش «اليورو» برقم تاريخي جديد    مكتبة مصر العامة تناقش مجموعة «اليوم الثامن» للدكتور شريف مليكة    أمجد سمير يكتب: الأضحية والفكر البشري    النائب العام يلتقي نظيره الإماراتي على هامش زيارته للعاصمة الروسية موسكو    بعد وفاة العشرات خلال الحج بسببها.. كيف يمكن أن تكون ضربة الشمس قاتلة؟    إحالة مدير مناوب في مستشفى بدمياط إلى التحقيق    بدائل الثانوية الأزهرية| معهد تمريض مستشفى باب الشعرية - الشروط وتفاصيل التقديم    دليلك الكامل ل بطاقة الخدمات المتكاملة 2024.. الاستعلام وشروط التسجيل والأوراق والمزايا    الصحة: ترشيح 8 آلاف و481 عضو مهن طبية للدراسات العليا بالجامعات    دار الإفتاء عن حكم التعجل في رمي الجمرات خلال يومين: جائز شرعا    دليلك الكامل للالتحاق ب مدارس التمريض 2024.. شروط التسجيل والأوراق المطلوبة والمزايا    بيت الزكاة والصدقات يستعد لتوزيع 300 طن لحوم على المستحقين غدا    «ري كفر الشيخ»: متابعة مناسيب المياه بالترع والمصارف على مدار الساعة    هل يؤاخذ الإنسان على الأفكار والهواجس السلبية التي تخطر بباله؟    مجدي يعقوب يشيد بمشروع التأمين الصحي الشامل ويوجه رسالة للرئيس السيسي    الصحة: فحص 14 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة والاعتلال الكلوي    دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى.. «اللهم إياك أرجو ولك أدعو»    دار الإفتاء: ترك مخلفات الذبح في الشوارع حرام شرعًا    "سويلم" يوجه باتخاذ الإجراءات اللازمة للاطمئنان على حالة الري خلال عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رشدى راشد مؤرخا عالميا لتاريخ العلوم العربية
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 12 - 2015

أعلنت منذ أيام نتيجة جوائز مؤسسة «سلطان العويس» وهى جوائز عربية رفيعة تمنح للمبدعين العرب على مجمل انتاجهم الإبداعى والعلمي. وقد حصل عليها فى السنوات الماضية عشرات من أكبر المبدعين العرب.
وقد حصل عليها هذا العام مبدعان مصريان أولهما هو «يوسف القعيد» فى مجال الإبداع الروائى، و«رشدى راشد» فى ميدان العلوم الاجتماعية والدراسات المستقبلية.
وإذا كان اسم القعيد معروفا جماهيريا إلا أن الدكتور «رشدى راشد» لا يتمتع بجماهيرية ما لأنه فيلسوف ومؤرخ عالمى فى مجال تاريخ العلوم العربية، ولذلك لا يعرف قدره ومكانته العلمية الرفيعة سوى المتخصصين فى العلوم الفلسفية والاجتماعية.
وقد قررت بعد قراءة خبر فوزه بالجائزة -والذى أسعدنى للغاية لأننى أعرف بدقة تفاصيل مشواره العلمي- ضرورة أن أعرف القراء به.
«رشدى راشد» خريج قسم الفلسفة بآداب القاهرة عام 1956 وسافر على نفقته الخاصة عقب تخرجه إلى فرنسا للقيام بدراساته العليا تمهيدا لحصوله على دكتوراه الدولة فى الفلسفة.
وفى فرنسا اتجه إلى دراسة فلسفة العلوم وتتلمذ على أكبر فيلسوف فرنسى متخصص فى الإستمولويا وهو «كانجيم» الذى أسس هو «وجاستون باشلار» أسس هذا العلم الذى يجمع بين فلسفة العلم وتاريخ العلم وسوسيولوجيا العلم.
وأدرك «كانجيم» مبكرا أن هذا الطالب المصرى الطموح جدير بأن يعين باحثا فى المركز القومى للبحث العلمي، وهو أعلى هيئة علمية فرنسية ولا يدخله إلا المبدعون من الباحثين.
وانكب «رشدى راشد» على دراساته وآثر أن يتخصص فى تاريخ العلوم، وركز على الرياضيات والفلسفة فى الفكر الإسلامى -واقتضى منه ذلك -لفك طلاسم المخطوطات العربية القديمة «لابن الهيثم» و«الخوارزمى» وغيرهما من أقطاب العلماء العرب- التخصص الدقيق فى علم الرياضة بفروعه المختلفة.
وبناء على هذا التكوين المزدوج فى الفلسفة وعلم الرياضة استطاع من خلال تحقيقه العلمى للمخطوطات العربية القديمة أن يحقق اكتشافات علمية مذهلة ترتب عليها إعادة كتابة تاريخ العلم العالمى الذى سجل تطوراته كبار مؤرخى العلوم الغربيين. لأنه أثبت علميا سبق العلماء العرب فى صياغة نظريات علمية بالغة الدقة فى مجالات متعددة مثل الجبر الذى استحدثه «الخوارزمي»، وتطبيق الرياضة فى علم المناظر عند «ابن الهيثم».
وقد حصل «رشدى راشد» على جوائز علمية رفيعة المستوى فرنسية وعربية وعالمية تقديرا لاكتشافاته ونظرياته التى أدت إلى إعادة النظر فى موضوع التراكم العلمى من خلال المعالجة العلمية الحديثة لما ورد من أفكار ومعادلات وصيغ علمية فى المخطوطات العربية القديمة.
ويمكن القول إن عدم شهرة «رشدى راشد» بين جماهير القراء العرب ترجع إلى أن أعماله المنشورة زاخرة بالمعادلات الرياضية التى لا يستطيع غير القراء المتخصصين أن يتابعوها. وينبغى فى هذا المقام أن نحيى الدكتور «خير الدين حسيب» رئيس مركز الوحدة العربية فى بيروت والذى تبنى المشروع العلمى «لرشدى راشد» وأصدر ترجمات لأبرز اكتشافاته العلمية. غير أنه بالإضافة إلى ذلك نشر له عام 2011 كتاب بعنوان «دراسات فى تاريخ العلوم العربية وفلسفتها» فى سلسلة تاريخ العلوم عند العرب.
ويمتاز هذا الكتاب بأنه يتضمن ترجمة دقيقة لنصوص بالغة الأهمية «لرشدى راشد» فى مجالات فلسفة العلوم، وتاريخ العلوم، وسوسيولوجيا العلم، وهى عبارة عن محاضرات ألقيت فى مناسبات متعددة. وميزة هذا الكتاب أنه يمكن للقارئ العادى أن يتابع أفكار هذا المؤرخ المصرى العالمى بسهولة ويسر.
والكتاب ينقسم إلى مقدمة عن «التراث العلمى العربى اليوم» وخمسة فصول يضم كل فصل موضوعات متعددة. الفصل الأول مثلا يناقش ثلاثة موضوعات هى «تاريخ العلوم بين الإستمولويا والتاريخ»، و«العلم العربى وتجديد تاريخ العلوم» والعلم فى الإسلام والحداثة الكلاسيكية». ويضم الفصل الثانى موضوعات عدة اخترت منها موضوعين الأول عن «تراث الفكر وتراث النص: مخطوطات العلم العربية». ويلفت النظر حقا فى هذا الموضوع النظام التصنيفى الذى وضعه «رشدى راشد» وهو يقرر «واجه كل من عمل على تحقيق دراسة النصوص العلمية أشكالا عدة من تراث النص يمكننا أن نحصيها إحصاء أوليا وهذه الأشكال هي: النص الغائب والنص المستتر والنص المبتور والنص المختزل أو الملخص والنص الكامل الوحيد المخطوط والنص الكامل المتعدد المخطوطات، وأخيرا النسخة الأم أو مخطوط المؤلف.
ويكشف هذا النظام التصنيفى الجامع عن خبرة «رشدى راشد» العميقة بالمخطوطات العلمية العربية.
ويلفت النظر فى هذا الفصل دراسة بعنوان «بين المتوارى والمفقود: أنماط من المخطوطات العلمية المطوية»، ولا يتسع المجال لتلخيص آرائه فى هذا المجال.
وأريد أن أركز على الفصل الخامس وعنوانه «المجتمع العلمى والتقاليد الوطنية فى البحث». لأنه يرتدى فى هذا الفصل ثوب عالم الاجتماع العلمى ويضع خبرته البحثية العميقة فى مجال التأسيس لبناء مؤسسات علمية معرفية عربية.
وهو ينطلق من تأصيل فكرة المجتمع العلمى ويقرر أنه «لا يمكن الكلام عن المجتمع العلمى دون الكلام عن البحث العلمى نفسه. إن المجتمع العلمى يكون موجودا عندما توجد تقاليد وطنية فى البحث العلمى تمهد لوجود هذا المجتمع العلمى وتقدم له الخصائص التى تميزه. وإذا انعدمت التقاليد الوطنية فى البحوث لا يبقى سوى كمية من المعلمين وتجمع من التقنيين ذوى تكوين متساو فى تنافره وفى عدم تجانسه، أما التقاليد العلمية الوطنية إذا ما وجدت فإنها تظهر فى أسماء العلماء وفى عناوين مؤلفاتهم وفى المواضيع التى طوروها والتجديدات النظرية والتقنية التى قاموا بها. إن مسألة التطور العلمى تكمن فى القدرة على إيجاد مثل هذه التقاليد فى البحث بحيث تكون عاملا فى تكامل مجموعات العلماء وفى تكوين المجتمع العلمي»، وبعد جولة متعمقة حول تاريخ تطور البحث العلمى فى العالم يستخلص ببراعة عدة عبر عامة.
«العبرة الأولى أن الاستقراء التاريخى يبين أن العلم سواء كان كلاسيكيا أو حديثا أو صناعيا لم يستطع أن يتأسس وأن يتطور دون أن تكون المؤسسات الخاصة به قد أنشئت فى أول الأمر، ثم استحدثت مهنة العالم وتبعتها التطبيقات العلمية...».
«والعبرة الثانية يمكن أن نستخلصها من التاريخ، توجد ثقافات ومجتمعات مؤهلة أكثر من غيرها لاستقبال وبالتالى لتملك العلم الحديث..».
«والعبرة الثالثة لم يكن هناك تطور متساو لمختلف المناطق سواء كان العلم كلاسيكيا أم حديثا أم صناعيا..».
«والعبرة الرابعة لم يكن العلم أبداً سواء كان كلاسيكيا أم حديثا أم صناعيا شيئا ينقل من مجتمع إلى آخر، كذلك ليس هناك نشر ممكن للثقافة العلمية من مجتمع إلى مجتمع آخر بواسطة الترجمة أو نقل العلماء أو غيرها دون أن نحضر لأجل ذلك البنية التحتية اللازمة..».
ما سبق مجرد لمحات سريعة من بعض الأفكار العميقة للفيلسوف ومؤرخ العلم «رشدى راشد»، والذى شغل منصب مدير الأبحاث فى المركز القومى للبحث العلمى فى فرنسا. ولم يمنعه ذلك من اهتمامه الشديد بالتحديث السياسى للمجتمع المصرى من خلال أنشطة مختلفة سنتحدث عنها فى المستقبل القريب.
لمزيد من مقالات السيد يسين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.