عائشة عبدالغفار بطرس غالي, سكرتير عام الأممالمتحدة السابق ورئيس اللجنة الدولية المصرية لحقوق الإنسان حاليا, اسم غني عن التعريف أصدر مؤخرا مذكراته التي تولت نشرها إحدي دور النشر الفرنسية وحظيت باهتمام شديد في الأوساط الفرنسية. نظرا لكونها تكشف عن حقبة تاريخية مهمة في تاريخ الدبلوماسية المصرية التي احتل كاتبها موقعا بارزا فيها في السنوات من عام1981 وحتي1991 عندما كان نائبا لرئيس الوزراء للشئون الخارجية فضلا عن دوره في الدبلوماسية العالمية. تركز المذكرات حول وقائع عاصرها صاحبها وشارك فيها وبرزت فيها ملامح السياسة الخارجية المصرية في ذلك الوقت والتي استهدفت مساندة الشعب الفلسطيني والحفاظ علي العلاقات المصرية الإسرائيلية والتكامل مع السودان والوجود المصري في إفريقيا وإطلاق العلاقات مع الدول العربية والغرب. كما يرصد غالي في كتابه وقائع شهدها مثل اغتيال السادات وما ترتب علي هذا الحدث, مبرزا الاختلاف في القيادة والتوجه بين السادات ومبارك, ويتحدث عن صعوبات التوسط بين الفصائل الفلسطينية من جهة,وبين القيادة الفلسطينية وإسرائيل من جهة أخري, مع محاولات حفاظ مصر علي علاقات طبيعية معها في ظل هذا التشابك وكذلك العقبات التي واجهتها الدبلوماسية المصرية في إفريقيا في ظل الصراعات الإفريقية العرقية وتفضيل الأفارقة حل مشاكلهم بأنفسهم,والمشكلات التي واجهها إعادة تأسيس العلاقات المصرية العربية والعلاقات المصرية الأوروبية وكذلك العلاقات الأوروبية الأمريكية, لافتا إلي دور الدول الآسيوية وتعاظم نفوذ منطقة المحيط الهندي الصيني الذي قد يخطف الأضواء قريبا من منطقة المتوسط. يخصص غالي فصلا يتناول فيه بإسهاب تجديد حركة عدم الانحياز وتعزيز نشاط مصر بتلك الحركة والحفاظ علي تأثيرها في السياسة الدولية لافتا إلي أن العولمة لعبت دورا في إضعاف حركات وائتلافات كثيرة في الوقت الذي ساهمت فيه الموجة السلفية في تدعيم الانطوائية الذاتية. في نهاية كتابه يؤكد أنه إذا كان النيل يجسد المستقبل والحياة والتلاحم مع القارة الإفريقية التي قمنا بمساعدتها علي التحرر من الاستعمار فإن القدس تمثل العالم الغربي والتاريخ الفوري والإنطواء الذاتي والديني.. فكيف الاختيار بين مستقبل النيل ومستقبل القدس؟ وهو سؤال يحاول غالي الإجابة عليه في مذكراته. صدر عن دار نشر روشيه