ندب القضاة وأعضاء الهيئات القضائية من الأمور التى اثارت لغطا خلال السنوات الماضية نظرا لطبيعة عمل القاض واختلافه عن الأعمال الإدارية والتنفيذية فى الدولة ، ولذلك ألزم الدستور مجلس النواب الجديد بتنظيم ندب القضاه، حيث نصت المادة 239 من الدستور على أن "يصدر مجلس النواب قانونا بتنظيم قواعد ندب القضاه وأعضاء الجهات والهيئات القضائية ، بما يضمن الغاء الندب الكلى والجزئى لغير الجهات القضائية أو اللجان ذات الأختصاص القضائى لإدارة شئون العدالة أو الإشراف على الانتخابات ، وذلك خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بالدستور". والسؤال ما هو المطلوب من هذا القانون ؟ الفقيه الدستورى الدكتور شوقى السيد أكد أن الأصل فى القاض أن يجلس على المنصة ولا يزاول أى عمل أخر إلى جانب عمله الأصلى وبما لا يؤثر على سير العدالة ، ولكن جرت العادة ندب القضاه إلى عمل لبعض الوقت يكون ذات طبيعة قضائية بموافقة المجلس المختص ، وهو المنوط له القبول أو الرفض. والسنوات الماضية شهدت ندبا للقضاة لبعض الوقت فى جهات حكومية أو شركات قطاع أعمال عام أو شركات قطاع عام للقيام بأعمال قانونية بعض الوقت ، بل وكان البعض يتم انتدابه لأكثر من جهة. ولهذا كان المشرع الدستورى حريصا على أن يضع مادة فى الدستور تلزم مجلس النواب بتنظيم قواعد الندب الكلى والجزئى ، لأن السنوات الماضية كشفت عن أن هذا الاجراء أثر على طبيعة عمل القاض ، وسير العدالة ، ويتناقض مع العدالة الناجزة وسرعة الفصل فى القضايا. وأوضح الدكتور شوقى السيد أنه من عيوب الندب أنه جعل القاض أو عضو الهيئات القضائية يتعامل أو يكون على صله ببعض الأشخاص ، وهذا يثير الشكوك لدى المتقاضين عند عودته إلى منصة القضاء. ولذلك ألزم الدستور البرلمان أن يصدر القانون تمهيدا لكى يتفرغ القاض إلى لعمله ولكى تتحقق العدالة الناجزة ، فالبرلمان مطالب باصدار قانون يحدد فيه الندب فى أضيق الحدود وفى حالات معينه ، وذلك خلال خمس سنوات من بداية العمل بالدستور. وأشار الدكتور شوقى السيد إلى أن هذا الأمر لا يتعارض مع المادة 209 من الدستور التى نصت على أن ينتدب القائمون على إدارة الهيئة الوطنية للانتخابات ندبا كليا ، مؤكدا أن هذا الانتداب يعتبر تفرغا كاملا ولغرض محدد هو الإشراف على الانتخابات ، ولدورة واحدة مدتها ست سنوات. وقد اتفق خبراء الدستور والأغلبية العظمى من القضاه خلال الفترة الماضية على ضرورة الغاء الندب وأوضح البعض أن مصلحة القضاء المصرى تقتضى أن يكون القاضى صلبا وقويا، ولا يأخذ تعليمات أو أوامر من أحد، مشيرا إلى أن القاضى عندما ينتدب لجهة إدارية معينة يدافع عن مصالح تلك الجهة ، وعن وجهة نظرها، وهذا يتنافى مع عمل القاضى الذى يتطلب ويقتضى الحيدة فى نظر المسائل والقضايا المختلفة. وأن السلطة القضائية أسمى السلطات ولا يليق بأى قاض أن يكون تابعا لأى جهة تنفيذية تحت أى مسمى، للحفاظ على نزاهة القاضي، وبعده عن كل التأثيرات المادية، وشبهات الفساد داخل الجهات الإدارية. ويجب أن يكون القاضى بعيدا عن تأثير الجهة الإدارية بأى شكل من الأشكال، وبالأخص بعض الجهات بالسلطة التنفيذية التى من الممكن أن تكون طرفا فى النزاع أمام المحاكم. يذكر أن المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق كان قد أصدر قرارا فى أغسطس الماضى بحظر الاستعانة بأعضاء الجهات والهيئات القضائية للعمل مستشارين قانونيين أو خبراء أو بأى صفة فى أكثر من جهة. وحظر الاستعانة بأى من أعضاء الجهات والهيئات القضائية سواء عن طريق الندب أو التكليف أو تحت أى مسمى آخر للعمل كمستشارين قانونيين أو خبراء أو بأية صفة كانت فى أكثر من وزارة أو محافظة أو هيئة أو مؤسسة عامة أو مصلحة حكومية أو أية جهة إدارية أيا كان مسماها القانونى، أو أى من شركات القطاع العام أو قطاع الأعمال العام أو أية شركة من الشركات المملوكة للدولة، أو التى تسهم الدولة أو إحدى هيئاتها أو شركاتها فى رأسمالها، ما لم تكن الاستعانة به لصفته ممثلًا للجهة أو الهيئة القضائية التى يتبعها تنفيذا لنص فى القانون.