قيل لبرنارد شو تعليقًا على أعماله المطولة: اختزل، فأجابهم: ليس لدى وقت للاختصار، هكذا رأى المبدع الكبير أن التكثيف يحتاج إلى المزيد من الوقت لإنجاز المهمة، ولم يكن يدرك عملاق المسرح الانجليزى الحديث أن الألفية الثالثة ستشهد بزوغ جنس أدبى وشكل إبداعى يحترف مبدعوه الاختزال، ويتلقون عنه الجوائز بالعملات الصعبة. منذ 5 سنوات فقط، وبعد شيوع ما يعرفه الباحثون بالقصة القصيرة جدًا أو ق ق ج، أخذت مؤسسة ثيسار إيخيدو سيرّانو راعية متحف الكلمة فى مملكة أسبانيا على عاتقها مهمة دعم كُتاب القصة القصيرة جدًا، وعلى وجه الخصوص فى منطقة الشرق الأوسط، متجاوزة بذلك عقبات الترجمة والنصوص المطولة لتفتح الباب لأجيال جديدة من المبدعين للمنافسة على جائزة دولية يهمها كثافة التعبير فى مفردات لا تتجاوز 100 كلمة هى عدد الكلمات الأقصى للقصص التى تتقدم لنيل الجائزة، دون تحديد موضوع بعينه، ويحق للمشارك المساهمة بعملين فقط. وتُعنَى مؤسسة ثيسار إيخيدو سيرانو ذ متحف الكلمة- وهى مؤسسة ثقافية خاصة غير هادفة للربح مقرها توليدو حيث عاش البطل الدرامى الأسبانى الأشهر «دون كيخوتة» - تُعنَى بحوار الحضارات من خلال الأدب، وتشجيع الحوار بين مختلف الثقافات والشعوب، ويتم تمويل أنشطتها من خلال مساهمات مؤسسها، حيث لا تتلقى المؤسسة مساعدات من الجهات الرسمية أو الخاصة. وتقوم المؤسسة على الإيمان بقدرة الكلمة على توحيد الشعوب، وذلك عرفانًا بطبيعتها المزدوجة كعنصر تواصل، ولغة تعتبر تراثًا ثقافيًا بشريًّا، وهو ما تحمله الجملة الرئيسية المحفورة على واجهة مبنى المؤسسة باللغات الأسبانية والعبرية والعربية، والإنجليزية، وهى اللغات التى يشارك أصحابها فى الجائزة منذ تم الإعلان عنها فى 2009، وهى اللغات التى يستخدمها أتباع الديانات التوحيديّة الثلاث فى العالم (اليهودية والمسيحية والإسلام). تتكون لجان تحكيم الجائزة من عشرين أستاذًا متخصصا فى اللغات المشاركة، يختارون 600 قصة من بين آلاف القصص المشاركة للتصعيد إلى المرحلة النهائية، ومن بينها تختار لجنة تحكيم دولية الفائزين، ليحصل صاحب القصة الفائزة بالمركز الأول على مبلغ 20.000 دولار، بالإضافة إلى 2000 دولار لصاحب أفضل قصة بأى لغة من اللغات المسموح بها فى المسابقة، والتى لم يكن من بينها صاحب القصة الفائزة. على أن تكون النصوص أصلية وغير منشورة ورقيًا أو عبر سجلات الويب، أو بأى صورة عبر وسائل الطبع والنشر التقليدية والحديثة، كما لم يسبق لها الحصول على أى جائزة فى أى مسابقات أخري، وحتى إعلان قرار جائزة متحف الكلمة، ويتحمل المؤلف مسئولية القصّة، ويتم استبعاده فى حال ثبوت العكس. تتم المشاركة عبر الإنترنت، وملء الاستمارة المتاحة على موقع المؤسسة أو موقع متحف الكلمة fundacioncesaregidoserrano.com www.museodelapalabra.com يتم تسلم القصص المشاركة فى المسابقة كل عام حتى منتصف ليلة 23 نوفمبر (حسب توقيت شبه الجزيرة الإسبانية)، التى توافق اليوم العالمى للكلمة كرباط الإنسانية (شعار المؤسسة)، لتقوم لجنة التحكيم والتقييم باختيار المشاركين، ونشر قائمة الأسماء النهائيّة على الموقع الإلكترونى الخاص بالمؤسسة. وعلى مدى 5 سنوات هى عمر الجائزة منذ إطلاقها، كان للمبدعين المصريين مكانً فيها. ففى 2011، ذهبت إحدى جوائز الترضية وهى عبارة عن 1000 يورو وشهادة تقدير إلى شريف سمير من الإسماعيلية، وذلك من بين نحو 14 ألف متسابق ينتمون إلى 89 دولة، حيث ذهبت الجائزة الأولى وقيمتها 10 آلاف يورو للكاتبة الاسبانية سوسا باستور كاربايو. وفى العام التالى لفوزه شارك شريف فى لجنة تحكيم الجائزة، التى ذهبت إحدى جوائز ترضيتها إلى الكاتب طارق إمام من الدقهلية، بينما لم يفز مصرى فى العام الماضى الذى شارك فيه نحو 20 ألف عمل أدبى من 119 بلدا، ومؤخرًا, فى دورة 2015, فازت بالجائزة الأولى الكاتبة سعاد سليمان من الإسكندرية، لتكون أول أديبة عربية تقتنص تلك الجائزة فى دورتها الرابعة التى حملت عنوان: مانديلا.. كلمة وانسجام، وذلك عن قصة قصيرة جدًا مكونة من 28 كلمة فقط، ونصها التالي: «سحقنى الفزع عندما مرت العربات فوق جسدها. وكأنها شخصية كرتونية، انتصبت مبتسمة لا تحاول الهروب، فى انتظار مزيد من الصدمات. وبعدما تجاوزتها، نظرت خلفي. تفحصت ملامحها. كانت تشبهنى تمامًاس». وقد شهد مقهى زهرة البستان، الذى يعد مكانًا لتجمع المثقفين المصريين والعرب فى وسط القاهرة، احتفالًا أقامه أصدقاء المبدعة فى ظل تجاهل من جانب وزارة الثقافة، وإن تسابق عدد من البرامج التليفزيونية فى تليفزيون الدولة والقنوات الخاصة على استضافة سعاد سليمان، التى تعمل فى مجال الإعداد التليفزيونى بالقناة الثقافية بالتليفزيون المصرى.