كانت – ولا تزال- عملية تعرف المكفوفين على النقود «الفلوس» من أصعب المشكلات التى تواجههم فى حياتهم اليومية، وخاصة عند إجراء عمليات بيع أو شراء بدون وجود مرافق أمين، مما جعلهم عرضة للنصب والاحتيال من بعض عديمى الضمير، لذلك فكرت الباحثة خلود خالد أحمد - المدرس المساعد بالمعهد العالى للفنون التطبيقية فى جامعة حلون – عند إعدادها لرسالة الدكتوراه فى طريقة سهلة قابلة للتنفيذ تجعل الأوراق المالية ملائمة لذوى الإعاقة البصرية بمجرد اللمس، مما يجعلهم أكثر اعتمادًا على أنفسهم فى المستقبل. فى البداية توضح الباحثة أن فئة المكفوفين وضعاف البصر يواجهون صعوبات كبيرة فى أثناء تعاملاتهم المادية مع الغير، لذا يجب تكاتف الجميع لتذليل العراقيل والصعوبات التى يواجهونها، ومن تلك العراقيل صعوبة التعرف على فئات العملات الورقية والتى يتداولونها بصفة مستمرة فى تعاملاتهم اليومية، لذلك تسعى مؤسسات الدولة إلى تطوير الخدمات التى تقدمها لذوى الإعاقة ومن ضمنها الإعاقة البصرية، تمشيًا مع المادة 81 من الدستور المستفتى عليه فى يناير 2014، والذى تحولت رعاية ذوى الإعاقة بموجبها من كفالة إلى التزام على الدولة، وتكمن المشكلة فى أن هناك حاجة لإصدار عملات ورقية مصرية ملائمة لجميع فئات المجتمع، حيث يواجه ذوو الإعاقة البصرية صعوبة فى تحديد فئات العملة المختلفة نتيجة افتقار أوراق النقد المصرية بفئاتها المختلفة لعلامات تسهل للفئة المستهدفة التعرف عليها، وبالتالى يواجهون صعوبات فى عمليات الشراء والبيع حيث إن بعضهم يتعرفون على فئات العملة المختلفة من خلال الاختلاف فى أبعاد أوراق العملة المصرية حيث تتفاوت أبعادها بزيادة ٫5 سم كلما زادت فئة العملة ما عدا ال 200 جنيهاً، والبعض الآخر يستخدم الهواتف الذكية وآخرون يقومون بترتيب أوراق النقد بطريقة تسهل لهم التعرف عليها، وذلك بوضعها فى حافظة الجيب بعد ثنيها بطريقة المربعات التى تمكنهم من التعرف على فئاتها. وتشير الباحثة إلى أن تطوير ملامح فئات أوراق النقد لتلائم ذوى الإعاقة البصرية تتميز بأسلوب التجربة والخطأ، ويبدو أن البنوك المركزية والمصممين ليس لديهم نموذج مَرجعى قياسى للاستعانة به لتطوير تصميم ملامح العملة أو إضافة علامات تلائم الفئة المستهدفة لتحديد فئات العملة المختلفة، ولكن استمرار البحوث والدراسات يمكن أن يضمن التطوير فى تلك العلامات لفئات البنكنوت المختلفة إذا تم وضعها فى الاعتبار من قِبل المسئولين عن إصدار تلك العملات، وقد كان البنك المركزى الهولندى ينفذ باستمرار أبحاثا تلبى احتياجات الفئة المستهدفة ، ففى عام 1966 وصل إلى تكبير أرقام فئة العملة لتلائم ضعاف البصر وفى عام 1971 كان بداية إدخال علامات لمتحدى الإعاقة البصرية. وتبين الباحثة أنه منذ عدة شهور قام المصرف المركزى للإمارات العربية المتحدة بمراعاة ما يعانيه متحدو الإعاقة البصرية فقرر أن يساهم فى إزالة هذه المعاناة وتخفيفها وخاصة فى استخدام الأوراق النقدية ، فقام بوضع «علامة لمسية» على فئات متعددة من العملات الورقية الإماراتية لسهولة تعاملهم بها، فالأوراق النقدية التى تم وضع العلامة اللمسية عليها هى الأوراق ذات فئة ال (1000 - 500 – 20- 10- 5 درهم)، وصرح مدير المصرف بأن العلامات الموضوعة على فئات العملات السابق ذكرها مطبوعة بنظام الحفر الغائر لكى يسهل التعامل معها من خلال اللمس ومعرفة فئة الورقة من خلالها ، فالعملة الورقية فئة الألف درهم محفور عليها علامة غائرة تحتوى على أربعة خطوط على حواف الورقة ، وهى عبارة عن خطوط أفقية متباعدة على منتصف الحافة اليسرى وكذلك منتصف الحافة اليمنى من الورقة النقدية، وأن العملة الورقية فئة الخمسمائة درهم محفور عليها زوج من العلامات كل علامة تحتوى على ثلاثة خطوط أفقية منفصلة عن بعضها البعض فى منتصف طرفى العملة الورقية وأضاف أن الورقة النقدية فئة العشرين درهماً بها ثلاث خطوط غائرة سميكة فى منتصف حواف العملة يميناً ويساراً، والورقة فئة العشرة دراهم بها خطان أفقان منفصلان عن بعضهما البعض ومحفوران أيضا بشكل غائر بمنتصف حواف العملة يميناً ويساراً، أما الورقة فئة الخمسة دراهم فتحتوى على خط واحد أفقي. وتكشف الباحثة أن هناك بعض البنوك كانت أكثر دقة وتكامل فى تطوير ملامح الأوراق النقدية لذوى الإعاقة البصرية، وكان أكثرهم فاعلية هو البنك الكندي، حيث اعتمد على قرارات حقوق الإنسان الكندية عام 1977 والتى تشترط سهولة إزالة الصعوبات والعوائق التى تواجه متحدى الإعاقة البصرية للتعرف على فئات العملة لكل الكنديين بالإضافة إلى وجود جَمعية لمتحدى الإعاقة البصرية قامت بتعضيد ذلك الأمر، وطبقا لقرارات وأحكام الاتحاد الأوروبى للمكفوفين فانه من حق المواطنين متحدى الإعاقة البصرية التعامل بحرية مع العملات الورقية، لذا فقد أصبح التَخطيط لإصدار أى عملة جديدة يجب أن يضع فى اعتباره هذه الفئة من المجتمع لكى يتعاملوا مع هذه العملة دون الحاجة إلى التكيف معها أو استخدام وسائل مساعدة للتعرف عليها ولتفعيل التحديث فى العملة يجب تعريف الفئة المستهدفة بالرموز اللمسية. وقامت الباحثة بإلقاء نظرة شاملة على تطوير أوراق النقد المصرية لتلائم ذوى الإعاقة البصرية وذلك بدون استخدام وسائل مساعدة لتحديد فئات العملات المختلفة ويكون لذلك أثرا إيجابيا عليهم، بالإضافة إلى استخدام الفئات الأخرى من أفراد المجتمع لهذه العملة المطورة، وقد تم إجراء دراسة ميدانية من خلال مجموعات نقاشية بمشاركة بعض من ذوى الإعاقة البصرية بهدف الوصول إلى تصميم عملات ورقية مصرية ملائمة لهم، حيث تم عرض فئة العشرة جنيهات كنموذج لاختيار أحد الرموز اللمسية الملائم وضعها على ورقة العملة تمهيداً لتعميمها على الفئات الأخرى من العملة مع اختلاف الرمز لقيمة العملة ، والشكل التالى يوضح نموذجا لتصميمات العلامات اللمسية التى تم اختبارها على فئة العشرة جنيهات، وهذه العلامات من الممكن أن تكون إضافة للعلامات التأمينية الموجودة مسبقاً بالعملة الورقية بجانب كونها علامات تعريف لذوى الإعاقة البصرية. أشرف على الرسالة الدكتور محمد عطية الفرحاتى أستاذ ورئيس قسم الطباعة والنشر والتغليف بكلية الفنون التطبيقية بجامعة حلوان والدكتور أحمد محمود يسرى الأستاذ المساعد بالكلية.