احتفال وطني بذكرى أكتوبر في كلية الحقوق جامعة المنصورة    "العمل": اختبارات للمتقدمين على وظائف بالإمارات في مهن الحداد والنجارة والسباكة والجبس بورد والسيراميك والمحارة    وزراء فى «البرلمان».. وخلافات ب«الأحزاب»    رسميًا الآن.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 22-10-2025 في البنوك    22 أكتوبر 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    استقرار وانخفاض طفيف في أسعار الحديد بأسواق المنيا اليوم الاربعاء 22أكتوبر 2025    تفاصيل تطور العلاقات الاقتصادية المصرية الأوروبية بقيادة السيسي    ارتفاع أسعار النفط بأكثر من 1.5% وسط مخاوف نقص الإمدادات    موعد تطبيق التوقيت الشتوي في مصر 2025.. عودة الساعة للوراء قريبًا    الأوكرانيون يستعدون لشتاء آخر من انقطاع الكهرباء مع تغيير روسيا لتكتيكاتها    النائب العربي بالكنيست أيمن عودة: نسعى لمنع نتنياهو من تشكيل حكومة جديدة.. والضفة هدفه المقبل    لماذا أرجأ ترامب خططه لعقد قمة مع بوتين؟ أسباب يوضحها الرئيس الأمريكي    الرئيس السيسى يبدأ نشاطه فى بروكسل بلقاء ممثلة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي    فياريال ضد مان سيتى.. هالاند يقترب من معادلة رقمه القياسى    32 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين مصر والاتحاد الأوروبي    السلام من أرض السلام    يوفنتوس يصطدم بريال مدريد.. وليفربول يسعى لاستعادة توازنه أمام فرانكفورت    مفارقات الرقم (4).. ماذا قدم تامر مصطفى مدرب الاتحاد السكندري أمام الأهلي قبل مواجهة الليلة؟    حالة الطقس المتوقعه اليوم الأربعاء 22اكتوبر 2025فى محافظة المنيا    إصابة 13 شخصا إثر انقلاب ميكروباص بطريق أبو سمبل في أسوان    عاجل- إتاحة التقديم لحج الجمعيات الأهلية إلكترونيًا عبر بوابة الحج الموحدة    اليوم.. النطق بالحكم في استئناف البلوجر كروان مشاكل على حبسه عامين    إتاحة خدمة التقديم لحج الجمعيات الأهلية إلكترونيا    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الهرم دون إصابات    الزوار يتوافدون لمشاهدة ظاهرة تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني بمعبد أبو سمبل    فيبريسي يحتفل بمئويته بمهرجان الجونة السينمائى    سماء الفرج    موعد شهر رمضان المبارك 1447 هجريًا والأيام المتبقية    حين يتأخر الجواب: لماذا لا يُستجاب الدعاء أحيانًا؟    نائب وزير الصحة يبحث احتياجات المنظومة الصحية بشمال سيناء    استقبال 20 ألف حالة بمستشفيات جامعة بنى سويف خلال أكتوبر    رابط مباشر ل حجز تذاكر المتحف المصري الكبير 2025.. احصل على تذكرتك الآن    الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تستعد لاستضافة اجتماع لجنة الإيمان غدا الخميس.. صور    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025 في بورسعيد    السوداني: الحكومة العراقية حريصة على مواصلة زخم التعاون الثنائي مع أمريكا    تعليم المنوفية تحسم قرار غلق مدرسة بالباجور بعد ارتفاع إصابات الجدري المائي    حسين فهمي: الدفاع عن الوطن في غزة ليس إرهابًا.. واستقالتي من الأمم المتحدة جاءت بعد هجوم قانا    سعر الذهب اليوم الأربعاء 22-10-2025 بعد انخفاضه في الصاغة.. وعيار 21 الآن بالمصنعية    عبد الله جورج: الجمعية العمومية للزمالك شهدت أجواء هادئة.. وواثقون في قدرة الفريق على حصد لقب الكونفدرالية    جيهان الشماشرجي تكشف علاقتها بيوسف شاهين ودور سعاد نصر في تعرفها عليه    جداول امتحانات شهر أكتوبر 2025 بالجيزة لجميع المراحل التعليمية (ابتدائي – إعدادي – ثانوي)    عاجل- الحكومة: لا تهاون في ضبط الأسعار.. ورئيس الوزراء يشدد على توافر السلع ومنع أي زيادات غير مبررة    تعليمات جديدة من التعليم للمعلمين ومديري المدارس 2025-2026 (تفاصيل)    موعد مباريات اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025.. إنفوجراف    أرتيتا: مواجهة أتلتيكو مدريد كانت صعبة.. وجيوكيريس استحق التسجيل    رومانسي وحساس.. 4 أبراج بتحب بكل جوارحها    انطلاق مهرجان القاهرة الدولى لموسيقى الجاز 30 أكتوبر بمشاركة 12 دولة    تكريم ياسر جلال فى مهرجان وهران للفيلم العربى بالجزائر    ريكو لويس: سيطرنا على مباراة فياريال.. وجوارديولا يعلم مركزي المفضل    اعترافات المتهم بمحاولة سرقة مكتب بريد العوايد في الإسكندرية: من قنا وجاء لزيارة شقيقته    وفاة شاب ابتلع لسانه أثناء مباراة كرة قدم في الدقهلية    مواقيت الصلاة فى أسيوط الاربعاء 22102025    إمام مسجد الحسين: المصريون يجددون العهد مع سيدنا النبي وآل البيت    د. محمد العربي يكتب: دور الأزهر في التصدي للفكر الإرهابي    باريس سان جيرمان يكتسح ليفركوزن بسباعية في دوري الأبطال    «تقريره للاتحاد يدينه.. واختياراته مجاملات».. ميدو يفتح النار على أسامة نبيه    مجلس كلية طب طنطا يناقش مخطط تدشين مبنى الكلية الجديد    استشاري مناعة: الخريف أخطر فصول العام من حيث العدوى الفيروسية.. واللقاحات خط الدفاع الأول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



12 أكتوبر 1988
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 12 - 2015

«نجيبا محفوظا» هكذا نطق العالم اسم نجيب محفوظ بعد الثالثة من بعد ظهر الخميس الثانى عشر من أكتوبر 1988«بتوقيت القاهرة» عندما فوجئت الدنيا من هيئة الإذاعة البريطانية باللغة العربية بفوز كاتب مصرى اسمه نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب. وكانت الجائزة تعلن فى الخميس الأول أو الثانى من أكتوبر.
حدث ارتباك فى طريقة نطق اسم نجيب محفوظ. وبدأت الدنيا تتساءل من هو أول عربى وأول مسلم يحصل على جائزة نوبل؟ وبعد 87 عاماً من تأسيسها؟ وهكذا تم نطق الاسم بطريقة خاطئة. وأذكر أن زميلى فى دار الهلال وقتها ضياء الدين بيبرس. وكان يتمتع بخفة ظل. وهى من الصفات التى وجدناها فى الأجيال السابقة فى الصحافة المصرية. كان ينتمى للجيل الذى عاصر أواخر زمن الملك فاروق وأوائل زمن يوليو. كان كتلة من الحكايات المتحركة على الأرض.
دخل مكتبي. كعادته دائماً وأبداً بالبدلة الكاملة والقميص الأبيض وربطة العنق. وشعره مُرَجَّلْ إلى الخلف بعناية فائقة، حليق الذقن ونظارته تبتعد قليلاً عن عينيه. دليل الانشغال الشديد. وسألني: هل يمكن أن تدلنى من هو نجيبا محفوظا؟ وعندما لاحظ استغرابى الشديد. شرح ليَّ الحكاية. وبين الكلمة والكلمة ضحكة مدوية. ربما أيضاً كانت هذه الضحكة من ملامح هذا الجيل الذى لم نستطع تعويضه فى الصحافة المصرية حتى الآن.
لن أستطرد فى حكاية ما جرى لنجيب محفوظ الذى نطق العالم اسمه نجيبا محفوظا فى ذلك اليوم المحفور فى ذاكرتى كأنه الأمس. والأمس بمعناه اللغوى وليس بمعناه المعنوي. لكنى أريد الكتابة عن يوم 11 ديسمبر الماضي. حيث مرت ذكرى ميلاده ال104. وفى حياته كان الاحتفال بعيد ميلاده يستمر أسبوعاً كاملاً. بل إن التليفزيون المصرى كان يخصص شهراً كاملاً يبدأ من 11 ديسمبر وينتهى فى 11 يناير للاحتفال بنجيب محفوظ. ولا يسأل أحد أين اليوم من الأمس؟.
كان تعليق نجيب محفوظ بعد الحكايات التى كان يسمعها خلال هذا الشهر أنه أدرك أخيرا وفى الأيام الأخيرة من عمره قيمة الصداقة. ومعناها ودلالتها. وكنا نرد عليه أن الصداقة كانت ركناً جوهرياً من حياته. قلت له أن السعى لتكوين شلة الحرافيش فى أواخر أربعينيات القرن الماضي. وكانت تجمعاً رجالياً خالصاً هو بحث عن صداقة الرجال مع الرجال. والحفاظ على اللقاءات بشكل مستمر يجسد هذا المعني.
كان الفنان المرحوم أحمد مظهر قد قال لى أنه هو الذى أطلق كلمة الحرافيش على الملتقي. وعندما فعل هذا لم تكن ملحمة الحرافيش رواية نجيب محفوظ الخالدة قد نشرت بعد. سألت أحمد مظهر يومها: لماذا نحت هذه الكلمة؟ ومن أين أتى بها؟ قال لي: أن الكلمة انبثقت فى ذهنه وهو يتخيل أبطال نجيب محفوظ والعوالم التى قدمها والحارة المصرية وسكان الحارة المصرية الذين هم من الحرافيش. كان هذا الكلام يدور قبل نشر ملحمة الحرافيش سنة 1977، وعندما نشرت الحرافيش فكرت أن أعاود الكلام مع أحمد مظهر، لكن الظروف لم تسمح.
بعد أن نشرت الحرافيش سألت نجيب محفوظ عن دلالة المسمى؟ وهل أخذها من عبد الرحمن الجبرتي؟ أو من ابن إياس؟ المؤرخين المصريين الخالدين اللذين استطاعا القبض على روح الشخصية المصرية بفنية عالية. وأعتقد أنهما لو كانا قد درسا فن الرواية الحديثة لكانا قد كتبا لنا روايات ربما أعطت الأدب العربى والمصرى مكاناً فى المقدمة منه ريادة حقيقية فى كتابة النص الروائي.
عبد الرحمن الجبرتى كتب عن الذعر والحرافيش. يصف بهم فقراء القاهرة وثوراتهم التى قاموا بها فى مواجهة الاحتلال الفرنسى لمصر. قال لى نجيب محفوظ أنه لم يأخذ المسمى لا من الجبرتى ولا من ابن إياس. لكنه سمعه عندما كان طفلاً بعد أن انتقلت عائلته سنة 1919 - وكان فى الثامنة من عمره - من الجمالية إلى العباسية الشرقية. المنطقة المعروفة الآن بالقبة الفيداوية.
فى ذلك الزمان البعيد كان الحراك الاجتماعى أن تترك الحسين للعباسية. ومن العباسية إلى دير الملاك. ومن دير الملاك إلى كورنيش النيل. وهى الرحلة التى قام بها نجيب محفوظ فى انتقاله من سكن إلى سكن فى ذلك الزمان البعيد.
قال لى نجيب محفوظ أنه بمجرد ظهور الفتوة كانوا يقولون: الحارة مفيش. أى أن الحارة خلت من البشر تماماً. لا أحد موجود فيها. كل الأهالى لاذوا ببيوتهم واحتموا بها خوفاً على حياتهم من الفتوة. وينظرون من النوافذ المغلقة وثقوب الأبواب حتى يتأكدوا من انصراف الفتوة. فيبدأون فى الخروج من منازلهم. وكل واحد يبارك لجاره أنه ما زال على قيد الحياة.
الحارة مفيش تطورت إلى الحرافيش. الذين أصبحوا مع مرور الوقت المجموعات من البشر التى تحيط بالفتوة. تصبح فى خدمته. وتقوم بالدعاية له. وتجمع الإتاوات التى يحصل عليها من السكان. وتنشر القصص الخرافية عن قوته التى بلا حدود. يقولون أنه ولا شمشون فى زمانه. بل يصبحون مراسيل بين الفتوة ونسوة الحى وصولاً إلى قصص الحب والغرام التى كان يتمتع بها أى فتوة فى الحى الذى كان يعيش فيه.
كنا نجلس فى فترة من الوقت فى مقهى عرابى بالعباسية. الذى أزيل ولم يعد له وجود. وكان صاحب المقهى فتوة سابق. يتذكر نجيب محفوظ أن فتوته تواكبت مع الاحتلال الإنجليزى لمصر. وكانت له حكايات كثيرة عن هذا الفتوة وعن غيره من فتوات ذلك الزمان الذين شاهدهم نجيب محفوظ رؤية العين واستمع لحكاياته بأذنه.
ومن المؤكد أنه حتى بعد أن هاجرت العائلة المحفوظية من سيدنا الحسين. فإن نجيب محفوظ لم تنقطع صلته بالحى حتى لحظة مرضه الأخير. لم يكن يحلم بشئ سوى بأن يمشى على قدميه فى سيدنا الحسين وخان الخليلى وبين القصرين وقصر الشوق والسكرية. كان هذا الحنين يؤكد لى أن سيدنا الحسين مثلت لهذا الرجل وهذا الروائى الجنة المفقودة.
أما حكايات نجيب محفوظ عن الفتوات التى لم يدونها فى رواياته. فربما كانت حكاية أخرى بعد أن يغربلها الإنسان مما لا يمكن نشره على الناس.
لمزيد من مقالات يوسف القعيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.