◀ «إعلان أثينا» يتوج القمة المصرية اليونانية القبرصية بتحويل المبادرات إلى خطوات ملموسة ◀ توقيع اتفاقية تعاون ومذكرتى تفاهم بين مصر واليونان فى النقل الجوى والبحرى ◀ تعزيز التعاون الثلاثى فى مجالات الطاقة واستغلال الثروات الهيدروكربونية والنقل البحرى ◀ تشكيل مجموعة للصداقة البرلمانية المصرية اليونانية للتواصل بين المجلسين
مثلت زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لليونان حقبة جديدة من العلاقات الاستراتيجية التى تقودها مصر مع دول حوض شرق المتوسط توجت بإعلان أثينا، الذى خرجت به قمة ثلاثية جمعت قادة الدول الثلاث، ليحول هذا الإعلان جميع مبادرات التعاون المطروحة بين الدول الثلاث إلى خطوات ملموسة على أرض الواقع، فيما يعد بمثابة مثال يحتذى به فى التعاون النموذجى بين الدول. وقد جاءت لقاءات الرئيس مع رئيس وزراء اليونان «اليكسيس تسيبراس» ورئيس قبرص «نيكوس انستاسيادس»، فضلا عن مشاركته فى مجلس الأعمال المصرى اليوناني، وعقد لقاءات ثنائية أخرى مع عدد من المسئولين اليونان، ضمن آلية التعاون الثلاثي، لتكون مقدمة لتعاون أكثر توسعا بين مصر وأوروبا. وتضمن جدول زيارة الرئيس نشاطا مكثفا ، استهله فى اليوم الأول بلقاء الرئيس اليونانى للتأكيد على حرص مصر على استشراف آفاق جديدة للتعاون فى مختلف المجالات على المستوى الثنائي، ومن بينها التكامل بين الموانئ المصرية واليونانية لتكون بوابة مهمة لتجارة الدولتين إلى أوروبا وإفريقيا، وكذلك الاهتمام بمشاركة الشركات اليونانية فى مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس ، فضلا عن تعزيز التعاون فى مجال الطاقة وإمكانية الاستفادة من قدرات تسييل الغاز بالوحدات المصرية. كما بحث الرئيس مع نظيره اليونانى تعزيز التعاون فى عدد من الملفات المهمة المتعلقة بالقضايا الإقليمية والدولية أبرزها ملف مكافحة الإرهاب وأزمة المهاجرين والتعاون الاقتصادى والأمنى والعسكري، فى ظل تفاقم ظاهرة الإرهاب التى باتت خطرا يهدد الجميع وتوابعه من دمار وتهجير للمواطنين. وعقب لقائه الرئيس اليوناني، عقد الرئيس جلسة مباحثات مع رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس، عكست اتفاقا فى الرؤى حول وجود فرص عظيمة للتعاون الاقتصادى بين البلدين، وفى مقدمتها مجالات الطاقة واستغلال الثروات الهيدروكربونية فى البحر المتوسط والنقل البحرى والتكامل بين الموانىء المصرية واليونانية والسياحة، بالإضافة إلى الفرص الاستثمارية التى ستتيحها المشروعات العملاقة التى تنفذها مصر بمشاركة فاعلة للقطاع الخاص فى البلدين. كما عكست المباحثات أيضا توافقا فى الرؤى إزاء العديد من القضايا الإقليمية المحورية التى تحتاج لتضافر الجهود المخلصة لإعادة الاستقرار إلى المنطقة وحماية شعوبها من خطر الإرهاب، من خلال مقاربة شاملة تضم- إلى جانب المواجهات العسكرية والأمنية- الأبعاد التنموية بشقيها الإقتصادى والاجتماعي، فضلا عن المعالجة السياسية لأصل المشكلات التى تمثل بيئة مواتية لنمو وانتشار الإرهاب، ولاسيما تسوية النزاعات التى تشهدها بعض دول المنطقة وفى مقدمتها القضية الفلسطينية، وكذلك الأوضاع فى كل من سوريا وليبيا واليمن. واختتم الرئيس اليوم الأول لزيارته بالمشاركة فى الجلسة الختامية لمجلس الأعمال المصرى اليونانى ، حيث جاء اهتمام الرئيس بالمشاركة فى هذا المحفل باعتبار القطاع الخاص عماد المشاركة بين البلدين التى تقوم على دور هذا القطاع فى زيادة معدلات الصناعة والاستثمار، بما يعزز من معدلات النمو وتوفير فرص العمل. وتوجت مشاركة الرئيس فى الجلسة الختامية لمجلس الأعمال المصرى اليونانى بتوقيع اتفاقية تعاون بين مصر واليونان فى مجال النقل الجوي، ومذكرتى تفاهم؛ الأولى بين ميناء كوالا اليونانى وميناء الاسكندرية، والثانية بين ميناء الكسيندولوبولى وميناء دمياط. وقد ألقى الرئيس كلمة عقب توقيع الاتفاقية ومذكرتى التفاهم ، شرح خلالها الإصلاحات التى قامت بها مصر لتعزيز الثقة فى الاقتصاد والتى انعكست على رؤية وكالات التصنيف الائتمانى لمصر لتؤكد تحسن الاقتصاد المصري، كما انعكست هذه الإصلاحات على أداء البورصة المصرية وزيادة معدلات الاستثمار المباشر. أما اليوم الثانى للزيارة ، فقد شهد لقاء ثنائيا بين الرئيس السيسى ونظيره القبرصى نيكوس أنستاسيادس لتأكيد ثبات السياسة والمواقف المصرية إزاء القضية القبرصية فى المحافل الإقليمية والدولية. كما شهد اللقاء تباحثاً حول سُبل تعزيز التعاون بين البلدين فى مجالات النقل البحري، والتبادل التجاري، واستكشاف واستخراج الثروات الطبيعية، وإمكانيات الاستفادة من البنية التحتية والصناعية المصرية المؤهلة لاستقبال وتسييل الغاز القبرصي. وجاءت القمة الثلاثية للتشاور السياسى والتعاون ، الحدث الأبرز فى زيارة الرئيس، لتبرهن ، وفقا لتصريحات الرئيس ، على إصرار الدول الثلاث على المضى قدما فى سبيل توفير مقومات التقدم والتنمية ليس لشعوبها فقط بل لشعوب المنطقة وجوارها الجغرافى بأسره، كما تشير إلى الالتزام القوى للدول الثلاث بالعمل معا وفقا لرؤية مشتركة نحوتحقيق الأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط وإقليم شرق المتوسط. وقد أثمرت القمة الثلاثية «إعلان أثينا» الذى تبنى عددا من النقاط أولها، تشكيل لجنة دائمة للتعاون بين الدول الثلاث لتكون آلية مناسبة للتوصل إلى أطر تعاون فعالة وإيجابية تسهم فى النموالمشترك. وتضمنت نقاط الإعلان ، التأكيد على ضرورة تعايش الشعب القبرصى فى أمن وسلام باعتباره أمرا مهما للاستقرار والأمن فى المنطقة، ودعم جهود الأممالمتحدة فى سوريا وليبيا واليمن والتأكيد على ضمان السلام فى سوريا بشروط تسمح بالمصالحة وإعادة تعمير البلاد. كما اشتمل إعلان أثينا دعم المبادرات الدولية التى تكافح جميع الظواهر الإرهابية الدولية مثل تنظيم داعش ، بالإضافة إلى ضرورة وجود مقاربة بين المجتمع الدولى والاتحاد الأوروبى لمواجهة ظاهرة المهاجرين ومعالجتها بشكل هادف وإنسانى ، فضلا عن مكافحة شبكة المتاجرين بالبشر. وفضلا عن ذلك، تضمن الإعلان أهمية بدء مفاوضات سلمية لإنشاء دولة فلسطينية على حدود 67 عاصمتها القدسالشرقية، بالإضافة إلى التأكيد على الفوائد المتبادلة من دعم التعاون بين الاتحاد الأوروبى ومصر وضرورة أن يقوم الاتحاد الأوروبى بدعم مصر لما لها من أهمية بالغة فى تحقيق الاستقرار الإقليمي، فضلا عن أهمية دعم مصر بشكل فعال فى مواجهة التحديات التى تواجهها . وقد اتفقت الدول الثلاث أيضا على الاتجاه بخطوات فعالة تجاه التنمية المشتركة ، بالإضافة إلى تنمية القواسم المشتركة التى تربط بين الدول الثلاث، مثل شبكات الطاقة وحقل «ظهر» المصرى واستغلال الحقول القبرصية ودفع أنابيب الطاقة من خلال اليونان وتطوير مراكز الطاقة فى شرق المتوسط. كما جاء فى الإعلان الاتفاق على استمرار المشاورات لرسم الحدود البحرية على أساس القانون الدولي، والتأكيد على أن التعاون الثلاثى المشترك لا يأتى فى إطار مفهوم إقصاء دول أخرى أو ضد بلاد أخرى بل دعوة مفتوحة لهذه البلاد للمشاركة فى رسم الحدود. وأخيرا، تم فى الإعلان الاتفاق على تطوير التعاون فيما يخص الموانئ والمعاملات التجارية والنقل البحري، وبحث التغييرات الكبيرة التى ستطرأ نتيجة إنشاء قناة السويس الجديدة، بالإضافة إلى إنشاء لجنة متخصصة فى الصيد الساحلى وحماية البيئة. وعقب القمة الثلاثية ، التقى الرئيس السيسى وزير الدفاع اليونانى لبحث تعزيز التعاون العسكرى فى ظل التطورات الإقليمية وأهمية التحرك العاجل لمواجهة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله بالمال والسلاح، فضلاً عن العمل على نزع فتيل الأزمات التى يشهدها عدد من دول المنطقة. كما أكد الجانبان ، خلال اللقاء، أهمية المناورات العسكرية المشتركة «ميدوزا 2015» بين القوات المسلحة فى البلدين، والتى عكست حجم التنسيق والتعاون العسكرى المتنامى بينهما. وقد اختتم الرئيس زيارته أثينا بعقد لقاء ثنائى مع رئيس البرلمان اليونانى أكد خلاله حرص مصر على تطوير علاقاتها مع اليونان فى مختلف المجالات، بما فيها تنشيط العلاقات البرلمانية، حيث استعرض الخطوات التى اتخذتها مصر فى مسيرتها نحو التحول الديمقراطي، ووفائها بتنفيذ الاستحقاقات المتعاقبة لخارطة المستقبل، معرباً عن تطلعه لتكثيف تبادل الزيارات بين أعضاء المجلسين لتدشين مرحلة جديدة من التعاون بين المؤسستين التشريعيتين. ومن جانبه ، أكد رئيس البرلمان اليونانى تعزيز العلاقات البرلمانية بين الدولتين، مشيرا إلى تشكيل مجموعة للصداقة البرلمانية المصرية اليونانية فى البرلمان اليونانى للتواصل مع مجلس النواب المصرى فور تشكيله لتدعيم أواصر العلاقات البرلمانية بين البلدين.