بأمر الإرهاب الذى ضرب عاصمة النور باريس وزلزل أركانها فى عدة أماكن استراتيجية متزامنة اتخذت فرنسا سلسلة من الإجراءات الاستثنائية وكانت لبنان قد تعرضت قبل باريس لتفجيرات مروعة لكن لم يهتز العالم فى مواساة جماعية كما حدث لفرنسا بل استكملت الشرطة الفرنسية مداهمتها بعد أيام للأماكن والمنازل المشبوهة. ولم يجرؤ أحد فى العالم كله أن يشير إلى حقوق الإنسان أو ينبس بكلمة واحدة عن مستوى التعزيزات الأمنية فى حين أنه إثر حادث الطائرة الروسية فوق صحراء سيناء خرج علينا «ديفيد كاميرون» رئيس الوزراء البريطانى بتصريحات منها أن مطار شرم الشيخ فى حاجة إلى تعزيزات أمنية. ولم يكن هناك صعوبة فى فرنسا فى التعرف على الفاعلين لتلك الجريمة والتى نفذت بصورة تؤكد دقة التدريب وسرعان ما أعلن تنظيم داعش عن مسئولياته كاملة ليس فقط عن تلك المجازر الهمجية بل ولغيرها والتى أصبحت تقلق العالم كله وتحشد لها الجيوش. ومن المعروف أن الذى أسهم فى ظهورها وتكوينها وايجادها تلك الرعونة لعدد من قيادات العالم الذى يشار إليه بأن القوى والغنى والمتقدم والذى يبتغى إلى الأبد أن يفترس خيرات الآخرين وهذا ما يتضح من خلال ما ورد من اعتذار رئيس وزراء بريطانيا الأسبق «تونى بلير» عن الأخطاء التى ارتكبها بقوله إن هناك شيئا من الحقيقة فى أن حرب العراق كانت سببا فى صعود داعش وأن المعلومات الاستخباراتية التى تلقيتها فى حينها كانت خاطئة كذلك هناك أخطاء فى التخطيط وعلى جانب آخر وفى مناظرة جرت بعد أحداث باريس بين المرشح الذى يسعى للترشح عن الحزب الديمقراطى فى الإنتخابات الرئاسية بين «بيرنى ساندر» و «هيلارى كلينتون» أن الغزو الكارثى للعراق فكك المنطقة وعمل على ظهور تنظيم داعش كما وبخ «هيلارى كلينتون» التى اعترفت خلال المناظرة بأن موافقتها بالتصويت على دخول العراق كان خطأ. وبين اعتذار «بليز» واعتراف هيلارى ورسالة بوش الابن للعالم بعد 11 سبتمبر بأنها ستكون حربا صليبية حيث تفوقت على جميع مخرجى أفلام الرعب الأمريكية فقد تسربت مشاهد لسجون كانت خافية على الجميع منها سجن «أبوغريب» وسجن «جوانتنامو» وممارسات التعذيب اللإنسانى داخلها ومع ذلك فلن ينسى العالم أن الولاياتالمتحدةالأمريكية هى التى أبادت الهنود الحمر. إذن فإن الحرب التى بدأتها الولاياتالمتحدةالأمريكية بتأييد غربى كامل ضد ما اسمته بالإرهاب بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر والذى وصفها بوش الابن بأنها حرب صليبية ثم برر الإعلام الغربى والأمريكى ذلك بأنها زلة لسان وقد زل لسان وزير خارجيته فى ذلك الوقت هو الآخر وقال إنها حرب صليبية، ثم أعلنها بيرلسكونى صراحة إنها حرب على الإسلام، والإسلام من وجهة نظره لا يلبى حقوق الإنسان وهكذا استمرت المغالطات التى طالت بالسلب والكراهية سكان الدول الكبرى حتى اضطرت إلى إلهاء الناس بتصريحات رسمية تطالب الجمهور الأمريكى والغربى الذى أظهرت جماعات منظمة منه عنصرية فائقة بألا يعامل المختلفين عنه خاصة العرب والمسلمين بشكل عنصرى داخل أوروبا وأمريكا. ومن المضحك والمبكى فى آن واحد أن «نيتانياهو» رئيس وزراء إسرائيل وصف ما يحدث فى فرنسا بأنه إرهاب مما يؤكد أن مشهد الإرهاب يحتاج إلى رؤية متكاملة يتم فيه التساؤل عما يصيب حاليا الفلسطينيون من قتل واعتقال وتدمير وهدم للمنازل وعمليات تعذيب هذا فضلا عن المسجد الأقصى وما اصابه دون القدرة على حمايته فالاقتحام مستمر وتفجير المنازل بسكانها أمر معتاد عليه وينتشر المستعربون وهى وحدات إسرائيلية خاصة تنفذ اعتقال وتصفية دموية حينما يحين موعد تنفيذ المهمات ويطلق عليها مسمى المستعربين لكونها تمتزج فى المجتمع الفلسطينى حتى يصعب كشف عناصرها، فهم يتجولون ويأكلون ويشربون مع الفلسطينيين وكأنهم أبناء جلدتهم ولكنهم جزء من جهاز الأمن الإسرائيلى المسمى الشاباك. وهذا ما حدث من اقتحام لاختطاف الجريح عزام شلالدة وكان يتلقى العلاج من إصابة سابقة برصاص المستوطنين وطبقا لمصادر المستشفى فإن الشهيد كان يرافقه ابن عمه.. وفجأة اقتحم المستعمرون محيط المستشفى ثم تم القضاء على الشابين فى الوقت الذى كان جيش الاحتلال يقوم بتأمين تلك العملية الإرهابية والتى كثيرا ما تتكرر فهل بعد كل ذلك يكون الحديث عن لماذا انتشر الإرهاب ولماذا تتفكك دول وتتفت منطقة بأكملها؟. لمزيد من مقالات د.سامية خضر