أنا من أشد المعجبين ببابك, فهو الباب الذي نريح فيه أنفسنا ونغسل به همومنا من شقاء الدنيا, فهو الواحة لنا أرجو منك ألا تهمل رسالتي وتلقي بها في سلة المهملات كما رمانا الزمن في مفرمة الحياة. أولا أنا أبلغ من العمر39 عاما ولي من الأخوة أربعة: أخي الأكبر موظف في مصنع الألمونيوم وأنا دبلوم زراعة39 ولي أخت معاقة في مدرسة الأمل للصم والبكم وأخي الأصغر معاق سمع وكلام وأخي13 سنة عاطل وهذه مشكلة آلاف, بل ملايين من المواطنين الكادحين الشرفاء. عشت طفولة بائسة كلها حرمان: حرمان من كل شيء. من حنان الأم وحنان الأب رحمة الله عليه, كان قاسي القلب جاف المشاعر, بخيلا في كل شيء. اقسم بالله كان العيد يمر علي وأنا بنفس الهدوم, عشت ظروفا قاسية تنوء عن حملها الجبال, تعبت وشقيت حتي حصلت علي الدبلوم, أنا من أقاصي الصعيد الجواني, والذي جعلني, بل أجبرني علي أن أسافر إلي مصر لأعمل. عشت ظروفا صعبة وحدي في بلد لا أهل ولا أقارب, اشتغلت خدامة في البيوت واشتغلت في مركز طبي, آسفة نسيت أقول أن أمي سامحها الله كانت مثل أبي لا حنان ولا عطف, كان أهم شيء عندهم الفلوس فقط, عشت الفقر بجميع أنواعه, كان نفسي أحس بدفء الأسرة أقسم بالله عشت الحرمان بكل أنواعه, أنا تعبانة جدا وعلي وشك الانتحار, ولكني اخترت انتحارا من نوع ثان, قررت اني أبيع كليتي, فهل من مشتر, أعزائي القراء لا تلوموا علي, بل لوموا علي الظروف, أنا عارفة ان جسمي مش ملكي بل ملك خالقي, بس مش أحسن من اني أبيع نفسي, كلمة أخيرة أرجو منك أن تكتب رسالتي كما هي: كلمة للي بيقول آسفين ياريس علي إيه. لو عاشوا مثل ظروفي وبقية الناس لكانوا طالبوا باعدامه, لو عشتوا الذل والمهانة والجوع وفي عز الشتاء مالقتوش حيطان ولا سقف يحوط عليكم في الشتاء, اللي بيقولوا آسفين ياريس انتم من الطبقة الهاي كلاس آسفين علي شعب ذاق الذل والجوع والهوان, ثلاثين عاما, فأعلنت عن بيع كليتي في مزاد, فهل من مشتر ويسامحني الله. سيدتي.. مثلك هو الذي يجب أن يسمع من المجتمع كلمة آسفين, لأنه جعلك تتضورين جوعا, وتقعين بين خيارين, إما أن تبيعي نفسك وشرفك أو كليتك, وكلاهما مر وحرام. هذا المجتمع هو الذي جعل من أسرتك قاسية ومريضة, عندما أهمل في تعليمها وعلاجها, وعندما بخل علي من هم مثلك بحياة كريمة. ولكن وعلي الرغم من تقديري لظروفك وتفهمي لاستغاثتك, إلا أني كنت أتمني أن تكون صرختك بحثا عن عمل أو مساعدة لا بحثا عن مشتر لجزء غال من جسدك, ليس من حقك أن تفرطي فيه. فرحمة الله واسعة, وعباده الصالحون كثر, ولن نعدم طريقا لمعاونتك علي الحياة الكريمة. فاستعيدي ثقتك بالله العادل الرحمن وبأهل الخير. وعندها سيكون الله كما وعدنا عند حسن ظنك به. فلو كل واحد انهزم أمام نوائب الحياة, ما بقي بيننا شريف ولاشاكر إلا من رحم ربي!