على الرغم من أننى مقتنع تماما بأن ملابسات حادث اسقاط الطائرة الروسية سوخوى 24 بواسطة المقاتلات التركية، كان عملا مدبرا وكمينا أعد عن سابق قصد وتدبر، تؤكد ذلك عمليات بسيطة لحساب السرعة والمسافة، واكتشاف زيف التسجيلات التى ادعت رئاسة الأركان التركية أنها دليل على انذار الطيارين الأتراك للطيارين الروس. ولكن ما استلفتنى فى الحادث وما أعقبه حقيقة كان تبرير تركيا لعملية اسقاط الطائرة بأنها كانت دفاعا عن (سيادة) تركيا. أى سيادة لتركيا داخل المجال الجوى السوري؟!..ومع ذلك سأفترض أن السوخوى انتهكت سيادة تركيا، ولكن تركيا- بالذات- هى آخر من يتحدث عن السيادة. تركيا هى التى يدخل سلاحها الجوى وأحيانا قواتها البرية الى الأراضى العراقية لمطاردة فلول حزب العمال الكردستانى (KKP)، لابل وقد دخلت حامية تركية عسكرية من مائة وعشرين فردا وعشرين دبابة الى حواف الموصل فى محافظة مينوى منذ أيام دون استئذان الحكومة العراقية. ثم إن تركيا التى تتكلم عن السيادة، اخترقت- فى سلوك فاضح تدججت فيه بالمدرعات والمركبات والطيران- الحدود السورية لنقل ضريح سليمان شاه حفيد عثمان باشا مؤسس الدولة العثمانية الى مكان آمن عند احتدام معارك الكرد مع داعش فى عين العرب كوباني. وكان الضريح موجودا فى جيب داخل الأراضى السورية بمقتضى اتفاقية مع سلطة الانتداب الفرنسى عام 1922 وتحت حراسة تركية. تضع تركيا الضريح وصاحبه فى مرتبة القداسة كونه رمزا للعثمانية التى يتمسح بها أردوغان لتحقيق نزوعه الامبراطورى المخبول. ولكن دخول سوريا وتغيير مكان الضريح داخل سوريا دون استئذان سلطاتها وعلى نحو بلطجى أليس اختراقا (للسيادة). الواضح أن سلطة اردوغان تهذى وقد زادت عصبيتها مع دخول الروس اللاذقية وضرب شبكة تمويل داعش البترولية التى تورطت فيها أنقرة، وكذلك مع بقاء الأسد الذى يبدو أنه سيستمر الى نهاية الفترة الانتقالية، ولن يخرج الا بانتخابات يقترع فيها الشعب السوري. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع