لا يتعلم الإخوان «المتأسلمون» من دروس الماضي, ولا يكفون عن إدهاش خصومهم باستمراء المتاجرة بالدين والتسلح بالنفاق السياسى من أجل تحقيق مصالحهم ومخططاتهم وأهمها كرسى الحكم.خذ عندك مثلا انبهارهم بالرئيس التركى إردوغان وتقديمه على أنه خليفة المسلمين والرئيس المثالى الذى تتمناه شعوب المنطقة والإشادة بصلابته فى مواجهة روسيا وعدم سماحه بانتهاك أراضى بلاده, ولا يجد هؤلاء غضاضة فى عقد مقارنة فاجرة من وحى خيالهم بزعم أن مصر اعتادت التغاضى عن انتهاك الطائرات الإسرائيلية لأجواء سيناء! الإخوان أوفياء لتاريخ يجمعهم بتركيا منذ عام 1927، بعد بضع سنوات من إلغاء دولة الخلافة وإعلان الجمهورية، إذ تأسست جمعية «الشبان المسلمين» فى تركيا بهدف إعادة إحياء الخلافة العثمانية، وشارك فى مؤتمرها التأسيسى آنذاك مؤسس جماعة الإخوان حسن البنا واستمر هذا التحالف فى ثلاثينات وأربعينات القرن الماضى ثم تعزز فى عهد أربكان زعيم حزب الرفاه أستاذ إردوغان الذى وفر الملاذ الآمن والتمويل للإخوان الهاربين بعد ثورة 30 يونيو. يهوى الإخوان العيش فى أجواء التغييب والزيف ولا يستمعون لأصوات الحقيقة إن كان الثمن هو حرمانهم من المصالح, فهل استمعوا, وهم ينصبون أنفسهم حماة للدين,إلى رأى خليفتهم الزائف الذى يعزز دور الدولة أمام الدين بقوله حرفيا إن على الدولة أن تحترم الملحد أوالشخص عديم الدين وألا تفرق فى معاملته عن غيره، وأن تؤمن له حرية الاعتقاد. وما رأى أحفاد البنا فى فضح جماعات حقوق الإنسان للوجه الآخر لإردوغان الذى يقمع الحريات والإعلام والمعارضة، ويوجه لها اتهامات بالخيانة والتمويل كتلك الاتهامات التى يسخر منها الإخوان هنا فى مصر حال صدورها عن خصومهم. ويتناسون أن حقوق الإنسان الغائبة هى السبب الرئيسى فى عدم تحقق حلم تركيا بالانضمام للاتحاد الأوروبى تماما كما تناسوا أن العالم يتهمها رسميا بالتحول إلى معبر لعبور الإرهابيين إلى العراق وسوريا. أفتى عاصم عبدالماجد القيادى بالجماعة الإسلامية والمقرب من الإخوان بتكفير من يدعم روسيا من المسلمين, وعندما سئل عن علاقات تركيا الحميمة مع اسرائيل وكونها عضوا فى حلف «الناتو» الذى شن حملات على بلاد المسلمين وعن القوانين التركية التى تبيح الدعارة, رد: لايكلف الله نفسا إلا وسعها!، وبنفس المنطق وجد الإخوان العذر لخليفتهم وهو يتراجع عن كبريائه آملا الصفح من روسيا. لمزيد من مقالات شريف عابدين