مدرسة الري المصرية الوطنية لها تقاليدها الراسخة الثابتة التي لا تتغير ولا تتبدل بتغير وتبدل الأزمنة, ومنذ قيامها منذ قرون طويلة تمتد إلي منشئها ومؤسسها الملك مينا موحد القطرين, وأول مهندس ري في التاريخ الإنساني, وعندما بدأ بإنشاء أول سدود الدنيا لتخزين المياه والزراعة بها في حلوان, وذلك بتصميمه وتنفيذه لبناء سد الكفرة! هي أيضا بجنودها المجهولين تتصدي الآن لحماية شواطئها شمالا في الشرق والغرب من التآكل وبالتالي تحمي دلتا النيل وبها أخصب أراضي مصر الزراعية وأغزرها انتاجا للخيرات من المحاصيل الغذائية والحبوب والفاكهة والخضراوات وجميع الثمار تحميها من الغرق والتملح والتآكل والاضمحلال. وكانت تحقيقات الأهرام هناك في أبي قير وفي رشيد, وشاهدت وسجلت بالصور الحية رجالا وجنودا وعمالا لا يعلم أحد عنهم شيئا. عمل كبير ونشاط لا يتوقف يصفه الدكتور هشام قنديل, وزير الري والموارد المائية والري بأنه جزء من المسئولية الكبري الملقاه علي عاتق وزارته بجميع جنودها. ويضيف أن هذه المدرسة لا تترك شيئا للصدفة بل تتعامل منذ اعلان جميع منظمات الأرصاد والمناخ العالمية تحذيراتها من طغيان البحر وتأثيره السلبي علي الشواطئ الملاصقة لدلتا النيل في مصر ونعمل علي التكيف معها بكل الوسائل والأساليب سواء بحماية هذه الشواطئ وتوفير مصدات الأمواج في السواحل المصرية المختلفة سواء في أبي قير والإسكندرية أو في بورسعيد ودمياط أو في رشيد. وهنا يجب أن أنوه إلي أن هناك فرقا بين التغيرات في الطقس والتغيرات في المناخ وبالتالي بين الخدمات فيها علي السواء. ويستطرد وزير الري: أننا نتعامل مع الإطار العالمي للخدمات المناخية لمساعدتنا في وضع السياسات وتقديم الاستجوابات إلي حد كبير بتغير المناخ بالاستفادة من البيانات والمعلومات المناخية أولا وتعزيز قدرات هذا التكيف في مصر باعتبار المناخ عاملا أساسيا في تحسين الزراعة والصحة وتوفير المياه والطاقة والسياحة أيضا والصناعة ووقف الخسائر الجسيمة في الأرواح. أمواج البحر طغت علي الشواطئ لتلتهم الدلتا ووصلت في السنوات الماضية إلي150 مترا في رشيد وكادت تغلق بوغازها الذي يفصل بين العذب الفرات والملح الإجاج من المياه في النيل والبحر المتوسط. ودفعني المهندس أسامة مصطفي محمود, رئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة لحماية الشواطئ بوزارة الري بألا اكتفي بزيارتي لأبي قير ودمياط وبورسعيد وأن أذهب لأشاهد عملا مماثلا ومكثفا ورائدا في رشيد أيضا, حيث يسبق هذا العمل البرنامج الزمني الذي بدأ عام1991 بستة أشهر كاملة هذا العام. خاصة بعد التأكد عمليا من التغيرات المناخية وهي حقيقة مؤكدة بملاحظة الارتفاع المستمر في درجات الحرارة التي تؤدي لارتفاع منسوب المياه فوق سطح البحر والأمواج أيضا لاحظ خبراؤنا تغيرات ملحوظة في طول وارتفاع موجات الأمواج في البحر من الجهتين, بل في جميع الاتجاهات مما حدا بنا لتجميع البيانات ورصد التغيرات وإنشاء قاعدة بيانات خاصة بمصر, تمهيدا لإجراء الدراسات المستقبلية, ويقول المهندس سعد حسين زكي, مدير عام حماية الشواطئ في وسط الدلتا وكفر الشيخ: إن تكاتف جميع أجهزة مدرسة الري المصرية الوطنية متمثلة في الوزارة وجميع الجهات المعاونة من كل الوزارات والهيئات تعمل لتكثيف الدراسات والمشروعات الدراسية المؤدية للتكيف مع هذه التغيرات الواضحة لنا تماما والتي تنفذ أعمال الحماية المناسبة لها بطول الساحل الشمالي المصري الذي يربو علي ألف كيلو متر كاملة. أما المهندس عنتر عبد الله محمود, مدير عام عملية حماية الجسر الشرقي بمصب فرع النيل برشيد, فيطالب بتوفير الموارد المالية للإسراع بهذا العمل القومي الكبير الذي لا يحمي مناحي الحياة في مصر بل يحمي الأرواح والثروة البشرية المصرية كلها, خاصة أنه التحق بالهيئة منذ انشائها بقرار جمهوري عام1981, ويؤكد أن أعلي معدل تآكل في شطآن المتوسط توجد في رشيد والمنطقة المحيطة به, وحيث يتكون قطاع الحماية الحالي من قطاعين الأول منها من صخور الدولومايت والأحجار الصفراء الطبيعية والأخري مغطاه بكتل صخرية تزن أقلها وزنا2 طن من الدولسي ويبلغ طول الجسر الحالي1100 متر. ويصل طول الحائط الشرقي لنحو3.5 كيلو متر من منسوب12 مترا حتي منسوب 6+ إلي6 ويتكون من أحجار بازلت وكتل درلسي زنة4 أطنان للخمسة رءوس. وتؤيده في قوة وصعوبة العمل الذي يجري المدير العام بالهيئة رويدا رشاد موسي التي أشارت إلي البرنامج الزمني الموضوع مسبقا, والذي سبق به العمل الذي يجري بقيادة رئيس العاملين في الموقع السيد عبد العزيز النظامي بنحو ستة أشهر كاملة وهذا غير معتاد في عمليات الحماية بكل الشواطئ حتي في دول غير مصر, وتضيف أن هذا العمل يمتد ليصل طول الحائط البحري400 متر وبه4 رءوس بحرية ورأس بطول500 متر وامتداد بطول250 مترا ومكون من أحجاز البازلت المتدرجة مع كتل الدولسي زنة4 أطنان, وجسر بازلت بطول918 كيلو مترا ويكون من تكسية البازلت المتدرج والتغذية بالرمال من ناتج التطهر بين الرأسين. وتؤكد المهندسة عزة محمد مسئولة عملية حماية وتدعيم الجسر الغربي لمصب فرع رشيد الغربي. وعن العمل الذي يجري حاليا وتصفه بأنه كان شاقا للغاية, إلا أن جميع العاملين فيه يشعرون بأنهم يؤدون عملا قوميا من أجل حماية الحدود المصرية وليس فقط نتيجة طغيان مياه البحر شديدة الملوحة علي ترابه الثري والغني بالخير الذي تأكله مصر من إنتاجه ويبلغ طوله2 كيلو متر وتتكلف العملية الحالية نحو22 مليون جنيه تصرف علي مدي سنتين, ويضيف زميلها المهندس أحمد فتحي مدير أعمال العملية التابعة لرئاسة فرع الهيئة بالإسكندرية أن هذا العمل في منطقة من أكثر المناطق الحرجة علي مستوي الدلتا تعرضا لهجوم البحر وفي البرلس أيضا التي تشبه الجزيرة التي يحدها شمالا البحر الأبيض المتوسط ومن الغرب بوغاز البرلس ومن الجنوب بحيرة البرلس. ويري جمعة سعد الشامي, مهندس عملية حماية الجسر الشرقي لمصب فرع النيل برشيد أن الصورة الآن تختلف عما سبق التي شهدت انهيار الشاليهات الأمامية لذا قامت الهيئة بأعمال الحماية علي أربع مراحل من فنار بلطيم, غربا حتي مصب مصرف الغربية الرئيسي شرقا بطول10 كيلو مترات ويتكون من14 حاجز أمواج و9 رءوس بحرية تكلفت100 مليون جنيه, مما أدي إلي وقف التآكل واكتساب أراضي جديدة واثراء السياحة وزيادة الاستثمارات بالمنطقة.