سعر السمك والجمبري والكابوريا بالأسواق اليوم الخميس 5 يونيو 2025    رياض منصور: إسرائيل ترتكب جرائم حرب وتصر على تجويع مليوني فلسطيني في غزة    الدفاعات الروسية تسقط 10 مسيرات أوكرانية فوق زابوريجيا    رسميًا.. الهلال السعودي يعلن تعاقده مع سيموني إنزاجي خلفًا لجيسوس    نجاح أول جراحة لاستبدال الشريان الأورطي بمستشفى المقطم للتأمين الصحي    محافظ الدقهلية يتابع عمليات نظافة الحدائق والميادين استعدادا للعيد    الوزير: "لدينا مصنع بيفتح كل ساعتين صحيح وعندنا قائمة بالأسماء"    وزيرة البيئة تنفي بيع المحميات الطبيعية: نتجه للاستثمار فيها    ارتفاع في أسعار سيارة BMW M3 موديل 2026    التعليم العالى تعتزم إنشاء أكبر مجمع صناعي للأجهزة التعويضية    القائد العام للقوات المسلحة ووزير خارجية بنين يبحثان التعاون فى المجالات الدفاعية    الرسوم الجمركية «مقامرة» ترامب لانتشال الصناعة الأمريكية من التدهور    مطار العاصمة الإدارية يستقبل أولى الرحلات القادمة من سلوفاكيا على متنها 152 راكبا (صور)    رونالدو يقود البرتغال للفوز على ألمانيا والتأهل لنهائي دوري الأمم الأوروبية    الزمالك يواصل التصعيد.. سالم: لا رحيل لأي لاعب قبل يوليو والموسم لم ينتهِ بعد    قبل صدام بيراميدز.. كم مرة توج الزمالك ببطولة كأس مصر بالألفية الجديدة؟    "عاد إلى داره".. الرجاء المغربي يعلن تعاقده مع بدر بانون    كشف هوية أربعيني عُثر على جثته بها آثار ذبح بالرقبة بقنا    استعلم.. نتيجة الصف الثالث الابتدائي الترم الثاني برقم الجلوس في القاهرة والمحافظات فور إعلانها    حدث ليلًا| استرداد قطعًا أثرية من أمريكا وتفعيل شبكات الجيل الخامس    دعاء من القلب بصوت الدكتور علي جمعة على قناة الناس.. فيديو    نقلة في تاريخ السينما، تركي آل الشيخ يطرح البوستر الرسمي لفيلم 7Dogs لأحمد عز وكريم عبد العزيز    نجاة السيناريست وليد يوسف وأفراد أسرته من حادث سير مروع    أغانى الحج.. رحلة من الشوق والإيمان إلى البيت الحرام    بالفيديو.. محمد شاهين يغني ل زوجته رشا الظنحاني "ملكة جمال الناس" في حفل زفافهما    أيمن بهجت قمر يحتفل بتخرج ابنه: أخيرا بهجت عملها (صور)    دعاء النبي في يوم عرفة مكتوب وطويل.. 10 أدعية مستجابة لزيادة الرزق وفك الكرب (رددها الآن)    نَفَحَاتٌ مِنْ وَقْفَةِ عَرَفَات    دعاء يوم عرفة..خير يوم طلعت فيه الشمس    عيار 21 الآن وأسعار الذهب اليوم ببداية تعاملات الخميس 5 يونيو 2025    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن غوريون بمسيرتين من نوع يافا    مصادر مطلعة: حماس توافق على مقترح «ويتكوف» مع 4 تعديلات    استطلاع رأي: نظرة سلبية متزايدة تلاحق إسرائيل ونتنياهو عالميًا    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم عزون شرق قلقيلية بالضفة الغربية    حفروا على مسافة 300 متر من طريق الكباش.. و«اللجنة»: سيقود لكشف أثري كبير    تجارة الحشيش تقود مقاول للسجن المشدد 18 عاما بالوراق    الأمم المتحدة تدعو إلى التوصل لمعاهدة عالمية جديدة لإنهاء التلوث بالمواد البلاستيكية    مفتي الجمهورية يهنئ رئيس الوزراء وشيخ الأزهر بحلول عيد الأضحى المبارك    «مدبولي» يوجه الحكومة بالجاهزية لتلافي أي أزمات خلال عيد الأضحى    التأمين الصحى بالقليوبية: رفع درجة الاستعداد القصوى بمستشفيات استعدادًا لعيد الأضحى    مسابقة لتعيين 21 ألف معلم مساعد    نجل سميحة أيوب يكشف موعد ومكان عزاء والدته الراحلة    5 أبراج «مايعرفوش المستحيل».. أقوياء لا يُقهرون ويتخطون الصعاب كأنها لعبة مُسلية    "عصام" يطلب تطليق زوجته: "فضحتني ومحبوسة في قضية مُخلة بالشرف"    دبلوماسية روسية: أمريكا أكبر مدين للأمم المتحدة بأكثر من 3 مليارات دولار    فاروق جعفر: نهائي الكأس بأقدام اللاعبين.. والزمالك يملك التفوق    وكيله: عودة دوناروما إلى ميلان ليست مستحيلة    «الأوقاف» تعلن موضوع خطبة عيد الأضحى    رمضان عبدالمعز عن ثواب الحج : «لو عملت الخطوات دي هتاخد الأجر الحج وأنت في بيتك»    نور الشربيني تتأهل لربع نهائي بطولة بريطانيا المفتوحة للاسكواش وهزيمة 6 مصريين    فوائد اليانسون يخفف أعراض سن اليأس ويقوي المناعة    قبل يوم عرفة.. طبيب قلب شهير يوجه نصائح للحجاج    وفد الأقباط الإنجيليين يقدم التهنئة لمحافظ أسوان بمناسبة عيد الأضحى    مصرع طالب جامعي بطلق ناري في مشاجرة بين عائلتين بقنا    أهم أخبار الكويت اليوم الأربعاء.. الأمير يهنئ المواطنين والمقيمين بعيد الأضحى    جامعة القاهرة ترفع درجة الاستعداد القصوى والطوارئ بجميع مستشفياتها    الصحة: 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج خلال فترة إجازة عيد الأضحى المبارك    أول تحرك من «الطفولة والأمومة» بعد تداول فيديو لخطبة طفلين على «السوشيال»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام فى فرنسا: الاحتجاج والهوية والتنظيم
نشر في الأهرام اليومي يوم 18 - 11 - 2015

جاء الجدل الناجم عن أحداث باريس الإرهابية الأخيرة متركزا على جزئية مكافحة الإرهاب الذى يقوم به تنظيم الدولة الاسلامية ضد فرنسا والغرب بوجه عام، ومع التسليم بأنه يمثل تقسيرا مباشرا لأسباب ما جري، إلا أنه بعث برسالة مفادها بأننا أمام (11 سبتمبر فرنسية) بمعزل عن السياسات الفرنسية المتراكمة على مدى أكثر من خمسة وعشرين عاماً، وهو ما يعد من وجهة نظرنا تبسيطا مخلا لقراءة المجريات الموضوعية الكامنة وراء وقوع تلك الأحداث الإرهابية وتداعياتها.
وفى سبيل ذلك، نستذكر (أزمة الحجاب الاسلامي) عام 1989 باعتبارها الشرارة الأولى للصدام بين الإسلام والمجتمع الفرنسى عندما أصدر مسئولو مدرسة فرنسية فى إحدى ضواحى باريس أمرا بمنع دخول ثلاث طالبات محجبات للمدرسة فى بداية العام الدراسى 1989-1990. وجاء قرار المنع مستندا إلى مبدأ عدم تواؤم الحجاب مع مبادئ الحياد الدينى (العلمانية) للنظام التعليمى بالجمهورية الفرنسية.
وقد ظلت تلك الشرارة رمزا للصدام بين الإسلام والمجتمع الفرنسى المتمثل فى قضية التعبير عن الهوية وضرورة قبول الآخر بها، وهى الأساس الذى بنيت عليه الأزمات والصدامات اللاحقة بين الإسلام والمجتمع الفرنسى على مدى الخمسة والعشرين عاماً التالية.
يضاف إلى ذلك، الدور السلبى الذى لعبه العامل الإقليمى وبخاصة الصراع فى الشرق الأوسط، أهمها سياسات النظام الإيرانى بعد ثورة 1979 وغزو العراق للكويت عام 1990 والأزمة الجزائرية فى التسعينيات وصولاً إلى الأزمة السورية وتداعيات السياسة الفرنسية- الأوروبية تجاهها. وهو ما أسهم فى ترسيخ الصورة الذهنية السلبية حول العرب والإسلام فى المجتمع الفرنسي, والتى تشكلت على مدى القرون الماضية من خلال طروحات الكنيسة فى العصور الوسطى وكذلك عبر أدبيات دانتى وفولتير ومونتسكيو فى عصر التنوير والتى يتم استدعاؤها آلياً فى الوعى الشعبى مع اندلاع أى أزمة.
يأتى ذلك بالتوازى مع الازدواجية المؤسسية للإسلام فى فرنسا فى ظل وجود نموذجين متناقضين: الأول متمثل فى المحفل الرسمى الذى أنشأته الحكومة الفرنسية عام 1990 وهو مجلس الإسلام فى فرنسا كبديل عن دور مسجد باريس الكبير الذى تديره الحكومة الجزائرية، ثم تحول إلى المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية عام 2003 ويخضع لوزير الداخلية.
أما النموذج الآخر فيتمثل فى مؤسسات الإسلام غير الرسمى المتجسد فى المساجد والجمعيات الاجتماعية والثقافية التى يديرها المهاجرون المسلمون بالتنسيق مع كل من المنظمات الإسلامية العالمية وكذلك مع دول موطنهم الأصلى بعيدا عن السيطرة الحكومية الفرنسية الكاملة، وهو بمنزلة تعبير غير رسمى عن الاسلام بإثنياته وتوجهاته المختلفة. وقد أدى الصراع بين الإسلام الرسمى وغير الرسمى إلى إخفاق فرنسا وكذلك أوروبا فى احتواء مكونات الإسلام الحقيقية المتمثلة فى الجمعيات الثقافية والاجتماعبة والمساجد باعتبارها القاعدة المؤسسية الفعلية للإسلام فى فرنسا بتوجهاته الأيديولوجية المتنوعة.
كما أن التناقض المؤسسى للإسلام فى فرنسا يجعل الخطوط الفاصلة غير واضحة بالنسبة لوضعية المنظمات الإسلامية سواء كانت جمعيات إسلامية أو منظمات دعوية أو فروع المنظمات الإسلامية الدولية، خاصة أن كل تلك المؤسسات لديها توجهات دينية دعوية معلنة بالتوازى مع أهداف سياسية. وفى هذا السياق، يمكن أن نرصد تنظيمات إسلامية عاملة فى أوروبا تختبئ وراء اتحادات إسلامية وجمعيات ثقافية واجتماعية مثل اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا الذى يضم 200 جمعية ويمتلك علاقات قوية مع الإخوان المسلمين وبقية الأحزاب الإسلامية فى العالم العربى والتى لها امتداداتها الجغرافية والثقافية على الأراضى الفرنسية عبر التغلغل فى أوساط المهاجرين.
هذا فضلاً عن عدم وجود تضامن حقيقى بين مسلمى فرنسا خارج الإطار الإثني. ومن هنا لا توجد مساجد تضم العرب والأتراك على سبيل المثال. وذلك فى الوقت الذى يلاحظ فيه أيضا تمايز أيديولوجى بين المهاجرين العرب المسلمين الذين يمكن تقسيمهم بين محافظين وأصوليين. ومن ثم، فإن الجمعيات الإسلامية دائماً ما تكون فى منافسة شديدة وفقاً للتمايز الأيديولوجى للجاليات، وغالبا ما تستهدف المهاجرين بناء على انتماءاتهم الوطنية (تونسيين-جزائريين) أو العرقية (عرب-بربر على سبيل المثال). مما أدى إلى عجز جميع الأطراف عن السيطرة على التوجهات الفكرية والأيديولوجية للفئات الأكثر تهميشاً فى الضواحى الفرنسية على وجه الخصوص نتيجة عدم التعامل مع أزمة المهاجرين بشكل شامل.
غير أن السؤال الذى لم يجب عليه طرفا الصراع (فرنسا ومسلموها) هو: هل الإسلام هو الذى يجب إدماجه؟ أم أن المسلمين هم من يتوجب إدماجهم داخل المجتمع الفرنسي؟ وبين التساؤلين نجد «تأرجحا» وإجابات غير حاسمة نلمسها مثلاً فى سماح السلطات الفرنسية ببناء مساجد للجالية المسلمة باعتبار ذلك وسيلة احتواء دون أن يعنى ذلك قبولاً «للآخر المسلم» ودفعه للمشاركة فى الآليات الاجتماعية التى يمكن أن تفضى للاندماج.
ومن ثم، فإن التحدى الإسلامى الذى توجهه فرنسا ومعها بعض دول أوروبا التى يوجد على أراضيها جاليات عربية-اسلامية كبيرة يبقى ذا بعدين: الأول داخلى من زاوية ضرورة انتهاج سياسات فاعلة تفضى إلى إدماج الجيتو الإسلامى بقدر الامكان فى المنظومة الاجتماعية الفرنسية-الأوروبية باعتباره إضافة وليس تهديداً للهوية الجماعية. والآخر خارجى من خلال ضرورة طرح مقارية خارجية وسياسات واقعية وقابلة للحياة تجاه العالم العربى الاسلامي. إلا أن طرف المعادلة الآخر، أى مسلمى أوروبا، بات مطالباً بصياغة الحلول الوسط التى تسمح له بالمضى فى عملية الاندماج داخل المجتمع الفرنسى وانتزاع المكانة التى يستحقها الإسلام وهو الأمر الذى يحتم الخروج من عباءة الحسابات الاستعمارية فى اتجاه انتزاع المواطنة الأوروبية باعتبارها واقعاً ينبغى التماشى مع شروطه.
لمزيد من مقالات د. طارق دحروج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.