لم يعترض أحد على فرنسا وهى تدافع عن أرضها ومواطنيها. لم يتهم أحد الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند بأنه «سفاح» أو «قاتل» عندما أعلن حربا «لا هوادة فيها» ضد منفذى هجمات يوم «الجمعة 13». لم يصف أحد فرنسا بأنها دولة بوليسية قمعية تقيد الحريات عندما سارعت بإعلان الطواريء وإغلاق حدودها، لمنع الدخول والخروج من أراضيها بعد دقائق من الهجمات. لم يعترض أحد على فرنسا وهى تنشر قوات الجيش وتمنع التظاهر، وتطبق كل ما هو ممكن ومتاح من إجراءات التفتيش والملاحقة والمطاردة للقضاء على الإرهابيين. لم يصف أحد فرنسا بأنها دولة عسكرية، ولم توصف إجراءاتها بأنها انتهاك للقوانين والحريات وحقوق الإنسان، ولم يطالب أحد بعودة الجيش إلى ثكناته، ولم يطالبها إعلاميون ونشطاء ومنظمات حقوقية ب«الشفافية»! لم يتذمر أحد من إغلاق الشوارع أو إقامة المتاريس، أو إخضاع الجميع للتفتيش بدعوى أن هذا «تقييد لحركة المواطنين» بل انصاع الجميع لتعليمات السلطات الفرنسية بالبقاء فى المنازل والتعاون مع الأمن. لم تتهم أى دولة السلطات الفرنسية بالقصور الأمنى، ولم يسأل أحد كيف دخل الإرهابيون بأسلحتهم الرشاشة إلى قلب مدينة النور، ولم تدافع صحف ودكاكين دعم الإرهاب فى بريطانيا وأمريكا عن حقوق الإرهابيين وإنسانيتهم، ولم تصفهم بأنهم «معارضون» ولم تطالب بفتح حوار مجتمعى معهم وحل مشاكلهم وإشراكهم فى الحياة السياسية! لم تسحب أى دولة رعاياها من فرنسا، ولم توقف أى دولة أيضا رحلاتها من وإلى باريس، لم يتعرض الفرنسيون للابتزاز والوقاحة والأحكام السريعة المسبقة وهى تواجه عملا إرهابيا جبانا، ولم يتدخل أحد فى شئونها، ولم تصدر تصريحات أو بيانات سخيفة. وأخيرا : قد تكون سوريا وراء ما حدث، ولكن منفذى عملية «الجمعة 13» على الأرجح تم تجنيدهم داخل فرنسا نفسها، ولدوا وتعلموا وعولجوا فيها بالمجان، ورضعوا ديمقراطية، وأكلوا وشربوا وشبعوا حريات وحقوق إنسان. .. إزاى الحال؟!! لمزيد من مقالات هانى عسل