منذ استشهاد رفيق الحريرى فى 14 فبراير 2005 اتخذت السيدة بهية الحريرى شقيقته قرارها بعدم ارتداء إلا اللون الأسود وغطاء الرأس الأبيض .. وقالت عندما اتخذت قرارى أبلغت العائلة بأن هذا التزام يخصنى لا أود أن نتناقش فيه والعائلة لا تسألني. بهية الحريرى تعيش الوفاء الكامل لشقيقها وتراها حتى الآن شخصية لا تتكرر على مستوى العمل العام وعلى مستوى العائلة وعلى زعامة لبنان. عندما ذهبت إليها فى دارة الحريرى فى مجدليون بصيدا وجدتها تقف فى مدخل القصر منتهى التواضع الذى تتميز به هذه السيدة..القصر المنيف الذى تتصدر واجهته صورة بالحجم الكبير لرفيق الحريرى. وفى الردهة الرئيسية صورة أخرى كبيرة.. وفى حجرة الصالون صورة على الحائط فى الخلفية. لم يكن رفيق الحريرى بالنسبة لعائلة الحريرى الابن البار فقط ولكنه كان بمثابة المعلم والقدوة والرمز وصاحب المشروع الذى جعل من لبنان وطن مبهر بعد سنوات من الحرب الأهلية والفتنة. قالت لى فى الحوار أنها تعلمت منه كيف كان يقدم المساعدة لمن يقصده كنت أشاهد من يقصده وهو واقف بعزة وكرامة، كان رفيق يقول المهم أن نحافظ دوما على كرامات وعزة الناس. وعندما سألتها ما الذى تفتقده الآن فى رفيق الحريرى ؟ قالت وهو تنظر فى المدى البعيد الإحساس بالأمان والأمن، وأكملت منذ رحيله وأنا لا أشعر بالأمان فى الدنيا كان يمثل لى ولنا الأمان والاحتضان باستشهاده فقدت السند والحضن. وتتذكر مآثره فتقول مؤسسات الحريرى تكفلت بتعليم 30 ألف لبنانى فى الخارج فى أعرق الجامعات، أول منحة تعليمية كانت من نصيب مسيحى لم يكن يفرق بين أبناء الشعب اللبنانى، الكل عنده بنفس الأهمية كان يدرك مبكرا قيمة التعليم وأهميته فى تغيير حياة الناس فى لبنان ولهذا سعى بكل جهده من اجل ان يرسل للخارج الشباب اللبنانى للتعلم فى الجامعات الأمريكية والأوروبية. كان يملك حلولا بارعة لمعالجة الأزمات ، كان قريبا من ربه وبارا ببلده وعائلته . وكشفت أن استشهاد رفيق الحريرى كان مأساة وهو الشخصية الوحيدة فى العالم والحدث غير المتكرر فى التاريخ الذى تشكلت من أجلة محكمة دولية انطلقت ولن يستطيع أحد أن يوقفها ويغير مسارها، كان كبيرا فى حياته صنع للبنان لم يسبقه غيره بتواضع وإيثار. ولهذا أقول «إن المشروع الجدى الوحيد للتغيير على مستوى لبنان حتى اليوم هو مشروع رفيق الحريري، ومؤسسة الحريرى للتنمية البشرية المستدامة تجمع إلى حد ما كل القواعد التى عمل عليها رفيق الحريري. حتى الأممالمتحدة تعتبر خيار رفيق الحريرى فى التعليم هو الطريق الوحيد لحل كل المشاكل المحيطة. ورفيق الحريرى هو شهيد بناء الدولة، وكل من حاول فى لبنان أن يبنى الدولة كان مصيره الشهادة». ومع هذا توجد محاولات للتقليل من إنجازات رفيق الحريرى ولكنها كلها تفشل، فمن يستطيع أن يخفى كل هذه الإنجازات أو التقليل منها ، رفيق الحريرى فى خطاباته كانت الكلمات لها دلالات وكان يؤمن بلبنان وعروبته ووحدته والتعايش المشترك بين أبنائه دون نزاع أو توتر . وعن الحوار مع حزب الله قالت أنا ضد القطيعة.. يوجد اختلاف بالآراء والتوجهات ولكن فى النهاية سنجلس على الطاولة.. هذا اللقاء المتواصل سحب الاحتقان الموجود فى الشارع ، ربما لم نر نتائجه الآن ولكن بالنهاية وآخر المطاف ، الأولوية تبقى لتثبيت الأمن والاستقرار، ولمعالجة كل المشكلات التى تواجهنا بالتواصل والحوار، وبالعودة للاحتكام للدستور والطائف والمؤسسات.. هناك أزمات متلاحقة تلقى بثقلها على اللبنانيين، وهناك حاجات الناس اليومية وهناك عجلة دولة معطلة، وفى نفس الوقت ليس إمامنا الا التواصل والتشاور الدائم لايجاد الحلول وإعطاء الأمل للناس.لا أقول إننا يجب ان نطمئن لكن يجب أن نشتغل ونكون واعين للمخاطر. الآن الذى أتمناه هو عقد مجلس النواب وإعادة تفعيل دور مجلس الوزراء وأولوية انتخاب رئيس للجمهورية، لأن الفراغ الرئاسى فى لبنان هو أمر مخجل، ولا شىء يمنعنا من أن ننتخب رئيسا للجمهورية. لبنان يمر بأصعب المراحل فى حياته، وإذا كان هناك حديث كثير اليوم عن اتفاق الطائف، إلا أن الحقيقة هى أنه فى كل بلد من البلدان التى تشهد نزاعات فى منطقتنا، سواء فى العراق أو سوريا أو اليمن، يبحثون عن «طائف» لهم.