تزايد الإقبال علي دواوين الشاعر العربي الكبير نزار قباني ذات الموضوعات الشيقة والأسلوب الرومانسي البديع والإخراج الجميل وازدانت المكتبات العربية بدواوينه فلا توجد مكتبة واحدة في الوطن العربي دون أن تكون لنزار أربعة أو خمسة أو سبعة دواوين مثل طفولة نهد و يوميات إمرأة لا مبالية و قصائد متوحشة و الرسم بالكلمات وغيرها من الدواوين الأخري ورغم انتشارها في الساحة العربية وإقبال الشباب والرجال والمرأة وعشاق الشعر علي إقتنائها إلا أن النقاد وهم كثر قالوا إن قصيدة واحدة من أي ديوان من هذه الدواوين يغنيها عبدالحليم حافظ أو نجاة يمكن أن تزيد من هذا الإقبال عليها وتسهم في ارتفاع توزيعها ونشرها وهو ما حدث بالفعل عندما التقي نزار بعبدالحليم حافظ بإحدي المناسبات وكان في قمة مجده الغنائي وأهداه بعض دواوينه مبديا رغبته في أن يختار منها إحدي القصائد التي يمكن أن يغنيها عبدالحليم في إحدي حفلاته التي تذاع علي الهواء من القاهرة ويسمعها الناس في كافة أرجاء الوطن العربي, حدث ذلك في رائعة نزار التي غناها عبدالحليم رسالة من تحت الماء ورائعته الأخري بعد ذلك قارئة الفنجان وهما الأغنيتان اللتان لحنهما الموسيقار محمد الموجي وتسببا في زيادة الإقبال علي دواوين نزار وازداد توزيعها بشكل مضاعف بل وأكثر من مضاعف وقيل أيامها أن نزار قباني عرفته الجماهير العربية أكثر عندما غني له عبدالحليم ولحن له الموجي وحققت حفلات أضواء المدينة نجاحا باهرا مما جعل شركة صوت الفن للإنتاج الغنائي تطبع ملايين الأشرطة التي بيعت في كل الأقطار العربية وتسببت أيضا في الإقبال علي شراء الدواوين مرة أخري وطبعتها دور النشر لعدة طبعات وزاد تألق نزار أكثر عندما اختار موسيقار الأجيال محمدعبدالوهاب قصيدة أيظن أني لعبة في يديه... أنا لا أفكر في الرجوع إليه.. اليوم عاد كأن شيئا لم يكن.. وبراءة الأطفال في عينية وسنعود إلي كتابة هذه القصيدة وحكايتها بالتفصيل مرة أخري الأمر الذي أعطي نزار شهرة واسعة فوق شهرته الواسعة. وفي إحدي الحفلات الغنائية التي نقلتها أضواء المدينة ل عبدالحليم حافظ كتب بعض النقاد لماذا لا يفكر عبدالحليم في شاعر مصري يجيد كتابة الشعر بالفصحي وليس بالعامية ليكون جنبا إلي جنب مع نزار قباني في إحدي حفلاته اللاحقة وهنا برزت في ذهن عبدالحليم فكرة أن يستعين بالشاعر المصري أحمد مخيمر الذي يجيد كتابة الموشحات الغنائية بالذات ومرت الأيام ليقع في يد عبدالحليم ديوان صغير مكتوب علي الآلة الكاتبة ولم ينشر من خلال دور النشر متضمنا موشح يا مالكا قلبي.. يا أسرا حبي.. النهر ظمآن لثغرك العذب.. وعرض عبدالحليم هذا الموشح علي الموسيقار محمد الموجي الذي عاش لمدة أكثر من عام في تلحينه وحدث خطأ من أحد الصحفيين الذي نسب هذا الموشح للأمير عبدالله الفيصل دون قصد وهو الخطأ الذي وقع فيه أحد المذيعين عندما قدم هذا الموشح علي أنه من تأليف الأمير عبدالله الفيصل واستمع الشاعر أحمد مخيمر بالصدفة إلي هذا الحفل واشتد غضبه ولم يغمض له جفن طوال الليل لما حدث له من تجاهل اسمه كمؤلف لهذا الموشح وفي الصباح المبكر لم يجد من يشكوا له ما حدث سوي صديقه المحب لشعره ويعرف مكانته الشعرية وظروفه المالية الصعبة الأستاذ ثروت أباظة رئيس اتحاد الكتاب ورئيس القسم الأدبي بالأهرام وذهب إليه بمكتبه بالأهرام واستمع الأستاذ ثروت إلي هذه الواقعة متعجبا لما حدث ومتعاطفا مع صديقه أحمد مخيمر ونصحه بأن يتوجه فورا إلي الأستاذ محمود لطفي المحامي مستشار جمعية المؤلفين والملحنين وهو الوحيد الذي سيعيد له حقه بتصحيح هذا الخطأ خاصة بعد أن تأكد ل ثروت النجاح المدوي الذي حققه موشح يا مالكا قلبي وصاغه لحنا الموسيقار الكبير محمد الموجي وأصبح من الأغنيات المدوية لعبدالحليم والموجي وإذا لم يتم تصحيح هذا الخطأ تكون خسارة كبيرة علي الشاعر أحمد مخيمر الذي منحته الظروف ليكتب هذا الموشح الذي سيدر له عائدا ماليا وفيرا كأداء علني تدفعه له جمعية المؤلفين في كل مرة يذاع فيها هذا الموشح الثري الذي لو لم يصحح هذا الخطا فيكون الآداء العلني ليس من نصيبه ويصبح من نصيب الأمير عبدالله الفيصل, وذهب مخيمر إلي لطفي ونصحه برفع دعوي ليعود له هذا الحق طالبا منه أن يقدم لموكله ديوانه الشعري المكتوب بالآلة الكاتبة والمتضمن هذا الموشح كعملية إثبات يستند إليها المحامي أمام المحكمة والنص الذي يقول قل لي إلي أين المصير.. في ظلمة الدرب العسير.. طالت لياليه بنا.. والعمر لو تدري قصير.. يا فاتنا عمري.. هل انتهي أمري.. أخاف أن أمشي.. في غربتي وحدي.. في ظلمة الأسر.. يا مالكا قلبي, ويقرأ محمود لطفي بقية نص كلمات الموشح الذي يقول أيضا آه من الأيام آه.. لم تعط من يهوي مناه.. ما لي أحس بأنني.. روح غريب في الحياة.. رحماك من هذا العذاب.. قلبي من الأشواق داب.. يا ما لكا قلبي, وقد أثبت مخيمر أن هذا الموشح مطبوع في ديوانه المتواضع عام1965 واقتنعت المحكمة بصدق دعواه وحكمت له بأحقيته لهذا الموشح والمنسوب خطأ لشاعر آخر. وفي نفس الوقت الذي كانت تدور فيه هذه القضية من جانب أحمد مخيمر وتنظرها المحكمة تأكد الأمير ان هذا الخطأ غير مقصود وقعت فيه بعض وسائل الإعلام وتم تصحيحه عن طريق جمعية المؤلفين والملحنين واعترف بكل أمانة وصدق أن الموشح ملك للشاعر أحمد مخيمر وأن من حقه الأداء العلني الذي يعود له من الجمعية وشكر بعض النقاد الأمير علي هذا الموقف النبيل من جانبه لزميله الشاعر المصري أحمد مخيمر كما أبدي بعض النقاد في ذلك الوقت تقديرهم للأمير عبدالله الفيصل صاحب أروع ما غنته سيدة الغناء العربي أم كلثوم قصيدته ثورة الشك التي لحنها الموسيقار رياض السنباطي ورائعته الغنائية أيضا سمراء يا حلم الطفولة.. يا منية القلب العليلة.. كيف الوصول إلي حماك.. وليس لي في الأمر حيلة أروع ما لحنه أيضا الموسيقار كمال الطويل وغناه العندليب عبدالحليم حافظ وحققت القصيدة والأغنية نجاحا مدويا وما زالت أصداء نجاحهما تتوالي يوما بعد يوم وهكذا انتهت حكاية موشح يا مالكا قلبي الذي لا نزال نستمتع به حتي الآن.