كشفت نتائج المرحلة الاولى من الانتخابات البرلمانية عن ظاهرة يجب الوقوف أمامها كثيرا و هو ما وصفه البعض بظاهرة «احتراف نواب البرلمان» والتى تجسدت فى قيام عدد من الأحزاب بشراء نواب «جاهزين» من أصحاب الثقل بدوائرهم ليخوضوا الانتخابات البرلمانية باسم الحزب .. و لا يمكن لوم الأحزاب الجديدة أو التى نشأت بعد ثورتى يناير ويونيو على ضمها رموزا وشخصيات عامة لها وزنها و شعبيتها الجماهيرية حرصا منها على التمثيل فى البرلمان او طمعا فى حصد الأغلبية للمشاركة فى تشكيل الحكومة، فاستسهلت الاحزاب السياسية الدفع بكوادر «قديمة» من المتمتعين بالشعبية داخل دوائرهم الى صفوفها، لكن اللافت للنظر أن بعض من انتقلوا من أحزابهم الى أحزاب أخرى كانوا فى السابق دائمى الهجوم على هذه الأحزاب الأخيرة التى انتقلوا اليها.. ولكن عندما تلاقت المصالح اتفق النواب والأحزاب! ولعل الأمر الذى لايمكن الفصل بينه وبين تلك الظاهرة هو ظهور شركتين تمثلان فروعا من شركات عالمية مهمتها دارسة شعبية المرشحين لخوض الانتخابات البرلمانية ممن تقدموا بأوراقهم للترشح فى الانتخابات أو أعلنوا عن ذلك داخل دوائرهم الانتخابية لقياس درجة شعبية هؤلاء وفرص نجاحهم فى الانتخابات لتقوم بعرض هذه النتائج على الاحزاب التى تقوم بدورها بالتفاوض مع المرشح للانضمام اليها وخوض الانتخابات باسم ذلك الحزب مع تقديم العديد من الإغراءات والخطط لحملات دعائية مدفوعة الأجر حافزا له . و ما يمكن رصده بعد إعلان النتائج الأولية أن أختيارات تلك الاحزاب كانت صحيحة بنسب كبيرة، حيث فاز أولئك الذين راهنت الأحزاب عليهم.. وأمام ذلك لابد أن يثور السؤال.. ماذا قدمت هذه الاحزاب لهولاء المرشحين حتى يقبلوا خوض الانتخابات تحت اسم أحزاب وليدة؟ هل هى الأموال؟ أم ان هؤلاء المرشحين وجدوا فى برامج تلك الأحزاب «الوليدة» ما لم يروه فى أحزابهم التى كان لها عظيم الأثر فى نشأتهم؟! صلاح حسب الله رئيس حزب التحرير قال ان كثيرا من تلك الأحزاب يحصل على توقيع المرشح على استمارة الانضمام لعضوية الحزب، واستمارة الاستقالة فى نفس التوقيت، كما تحصل هذه الأحزاب على توقيع المرشح على شيكات وإيصالات أمانة بالمبالغ التى حصل عليها، فإذا لم يُنفذ ما يطلبه الحزب منه تم فصله، فتتغير صفته التى خاض الانتخابات عليها ، ليتم طرح الثقة فيه داخل البرلمان وفقاً للدستور، وبالتزامن مع ذلك تُقدم إيصالات الأمانة الموقع عليها للنيابة كوسيلة أخرى للضغط على المرشح. ووفقا لقانون مجلس النواب فإنه يشترط لاستمرار العضوية بمجلس النواب أن يظل العضو محتفظا بالصفة التى تم انتخابه على أساسها ،فإن فقد هذه الصفة أو غير انتماءه الحزبى المنتخب على أساسه أو أصبح مستقلا، أو صار المستقل حزبيا تسقط عنه العضوية بقرار من مجلس النواب بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس وفى جميع الأحوال لاتسقط عضوية المرأة إلا إذا غيرت انتماءها الحزبى أو المستقل الذى انتخبت على أساسه .. و هنا يكون النائب مطالبا بتنفيذ سياسات الحزب الذى نجح باسمه و فى حالة اختلافه مع هذا الحزب يفقد عضويته فى البرلمان .