تاريخيا يتحمل العسكريون مسئولية عدم قدرتهم خلال سنوات حكمهم من الارتقاء بمستوي البلاد, كما اسفر اسلوب قيادتهم للبلاد في ظل المرحلة الانتقالية عن زيادة الطين بلة باتاحتهم الفرصة للقوي والتيارات الدينية لتحويل البلاد لدولة دينية برلمانا. ورئيسا ودستورا وربما حكومة ايضا, وهو ما لم نره من حولنا في بلاد اتخذت هذا المسار إلا وفشلت خطوات التقدم والرقي فيها تحت براثن تقييد الحرية الشخصية وحرية الرأي والتعبير عنه, وسينظر الشعب لهذا الموقف كالمستجير من الرمضاء بالنار. وإذا كان الفكر السائد حول سلطات الحكم يقسمها الي ثلاث سلطات, فإن التطور قد يضيف اليها سلطات اخري, فالملاحظ ان هناك أربعا من الجهات في المشهد السياسي لها وضعها المهم في حماية الامن والعدالة, وهي قد حرمت من الادلاء بأصواتها في الانتخابات بهدف حمايتها من التعرض لضغوط الحكومات أو البرلمانات خاصة في ظل الديمقراطية, وهي القضاء والجيش والامن والجهات الاستخباراتية, وتحرص الدول دائما علي بقاء هذه القوي محايدة لحماية الشعب وحرصا علي المساواة والعدالة والحرية, وقد قادتني هذه الاعتبارات الي ان يكون لهذه الجهات بما تمثله من اهمية للامن القومي داخليا وخارجيا دور يتناسب مع وضعها القانوني والمادي ولما وظفت له, خاصة في ظل الظروف والاحوال التي تمر بها الثورة المصرية, وهو ما نجد له شبيها في النماذج الديمقراطية الحالية. وتفعيلا لذلك قد يكون ملائما أن يصدر المجلس العسكري قرارا في هذه الفترة بوصفه رئيس الجمهورية والحكومة, وفي حدود اختصاصه بإنشاء لجنة للامن القومي والعدالة تضم هذه الجهات المذكورة لتضع لذاتها ميثاقا أو كودا اتفاقيا ضمن حيادها امام أي قوي تسعي لفرض سيطرتها علي الوضع الداخلي, أو تتخذ من القرارات ما قد يعرض البلاد لخطر, وتراعي الحقوق المتساوية للانسان امام هذه الجهات, وحق العمل بها وتحديد دورها لتطبيق هذه الحقوق ومواجهة اشكال الفساد بكل صوره باعتباره وباء يعوق اي تقدم, وترتيب أسلوب مساندة القوات المسلحة للشرطة لاعادة الأمن, ومشاركة الحكومة في خطة التنمية, وان يقتصر اطار هذا الميثاق الاتفاقي القانوني علي واجبات هذه الاجهزة دون التعرض لما نظمه لها القانون من حقوق في القوانين الحالية, ويكفيها شرفا ان تقوم بدورها هذا بما يحويه من مسئولية تاريخية لا تقارن بأي مزايا. خبير أمني