محافظ أسوان يوجه بإنهاء إجراءات التصالح على دور العبادة    مصر و14 دولة تدين مصادقة الكنسيت على ما يسمي بالسيادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية    ترامب: سأتخذ قرارا بشأن احتمال إفراج إسرائيل عن مروان البرغوثي لقيادة غزة ما بعد الحرب    «كاف» يعلن موعد قرعة مجموعات دوري الأبطال والكونفدرالية    رسمياً.. الاتحاد يشكو حكم مباراته ضد الأهلي    خالد محمود يكتب: «كولونيا».. ليلة واحدة تختصر عمرًا من الصمت    الصحة تبحث مع منظمة الصحة العالمية تنسيق الجهود لتقديم خدمات صحية للمرضى الفلسطينيين    "تعليم القليوبية": طالبة ب"النور للمكفوفين" تحرز المركز الثاني في "تحدي القراءة العربي"    ملك بريطانيا وزوجته يبدآن زيارة رسمية للفاتيكان بلقاء البابا لاون الرابع عشر.. صور    تعرف على الضوابط الإعلامية لتغطية انتخابات مجلس النواب 2025    وزيرة التضامن تتلقى طلب الاتحاد المصري لتمويل المشروعات للانضمام لبرنامج المنظومة المالية    هانيا الحمامي ويوسف إبراهيم يتأهلان لنصف نهائي بطولة كومكاست بيزنس للاسكواش    الداخلية تضبط سائق ميكروباص قاد السيارة بباب مفتوح في سوهاج (فيديو)    محافظ سوهاج يتفقد فعاليات وأنشطة مبادرة "أنت الحياة" بقرية نيدة بأخميم    الأحد .. ندوة وورشة عمل "في الحركة حياة" بمكتبة الإسكندرية    حكم الشرع في خص الوالد أحد أولاده بالهبة دون إخوته    أسعار النفط تسجل 65.94 دولار لخام برنت و61.95 دولار للخام الأمريكى    الألم وتيبس المفاصل والإحمرار.. أهم أعراض التهاب المفاصل الروماتويدى    تحرك شاحنات المساعدات إلى معبري كرم أبوسالم والعوجة تمهيدًا لدخولها غزة    بيتصرفوا على طبيعتهم.. 5 أبراج عفوية لا تعرف التصنع    ب«لافتات ومؤتمرات».. بدء الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب في الوادي الجديد (تفاصيل)    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في الشرقية    العثور على جثة «مجهول الهوية» على قضبان السكة الحديد بالمنوفية    لقاء حول نظام البكالوريا الجديد خلال زيارة مدير الرقابة والتفتيش ب«التعليم» لمدارس بورسعيد    فاليري ماكورماك: مصر مثال عظيم في مكافحة السرطان والتحكم في الأمراض المزمنة    النيابة العامة تنظم دورات تدريبية متخصصة لأعضاء نيابات الأسرة    البيطريين: إجراء تعديلات شاملة لقانون النقابة وطرحها لحوار مجتمعي    الداعية مصطفى حسنى لطلاب جامعة القاهرة: التعرف على الدين رحلة لا تنتهى    طريقة عمل الأرز البسمتي بالخضار والفراخ، وجبة متكاملة سريعة التحضير    الداخلية تواصل حملاتها لضبط الأسواق ومواجهة التلاعب بأسعار الخبز    رفع 3209 حالة اشغال متنوعة وغلق وتشميع 8 مقاهي مخالفة بالمريوطية    لعدم استيفائهم الأوراق.. الهيئة الوطنية للانتخابات تستبعد 3 قوائم انتخابية    بشير التابعي: زيزو أفضل لاعب في الأهلي    حنان مطاوع بعد فيديو والدها بالذكاء الاصطناعي: "اتصدمت لما شوفته وبلاش نصحي الجراح"    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    السادة الأفاضل.. انتصار: الفيلم أحلى مما توقعته ولا أخشى البطولة الجماعية    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 139 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    عاجل- قرارات جديدة من رئيس الوزراء.. تعرف على التفاصيل    بسعر 27 جنيهًا| التموين تعلن إضافة عبوة زيت جديدة "اعرف حصتك"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    نادي الصحفيين يستضيف مائدة مستديرة إعلامية حول بطولة كأس العرب في قطر    الزمالك يجهز شكوى لتنظيم الإعلام ضد نجم الأهلي السابق    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    تجدد القصف الإسرائيلي على خانيونس وغزة رغم وقف إطلاق النار    من بيتك.. سجّل الآن فى حج القرعة 2026 بسهولة عبر موقع وزارة الداخلية    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    شبكة العباءات السوداء.. تطبيق "مساج" يفضح أكبر خدعة أخلاقية على الإنترنت    كنت بقلد فيلم أجنبي.. طفل المنشار بالإسماعيلية: أبويا لما شاف المنظر تحت السرير بلغ الشرطة    تامر حسين يوضح حقيقة خلافه مع محمد فؤاد بعد تسريب أغنيته    أستاذ علوم سياسية: القمة المصرية الأوروبية تعكس مكانة مصر ودورها المحورى    اتحاد الثقافة الرياضية يحتفل بنصر أكتوبر وعيد السويس القومي    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    على أبو جريشة: إدارات الإسماعيلى تعمل لمصالحها.. والنادى يدفع الثمن    الأردن يرحب برأي محكمة العدل الدولية ويطالب إسرائيل بالالتزام بالقانون الدولي    تهديدات بالقتل تطال نيكولا ساركوزي داخل سجن لا سانتي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نصف ساعة- معه- علي التليفون!
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 10 - 2015

قبل أشهر قليلة, اتصلت بالراحل الأستاذ جمال الغيطاني تليفونيا. كنت راغبا في مقابلته لإجراء حوار معه لصفحة الكتب بالأهرام. لم أكن أعرفه شخصيا, وإن كنت أعرف منذ زمن بعيد المثقف المبدع الذي فيه.. لكنه- وبمنتهي دماثة الخلق واللطف اللذين عرف بهما- اعتذر عن اللقاء اعتذارا جميلا.. إلا أنه قال لي: يمكننا أن نتحدث الآن علي التليفون لو أردت.
كان ودودا, وطيبا, ومتواضعا, ومثقفا.. ومجهدا أيضا. وقد وشي لي صوته بأنه كان متعبا. ساعتها حسبت أنه تعب الشغل, فالرجل معروف بأنه يعمل كثيرا. لم أكن قد عرفت بعد أنه مريض, ويتلقي العلاج, ويتردد علي المستشفي كثيرا.. لكنني بعد ذلك عرفت.
قلت لنفسي: ماشي.. نأخذ كلمتين- علي الماشي- وننشرهما مع صورة ونخلص. غير أن الدقائق الخمس أصبحت ثلاثين( نصف ساعة يعني), وتمنيت أن يطول الحوار لمدة أطول, إلا أن إحساسي بأنني أجهدته جعلني أتوجه إليه بالشكر, وأسفت علي أنني لم ألق هذا المفكر الكبير من قبل.. لكن متي كانت الحياة تعطينا كل ما نشاء؟
علي أية حال, دار الحوار عن الكتب والقراءة والثقافة. قلت له: ماذا تقرأ الآن يا أستاذنا؟ قال: عاكف أنا حاليا علي قراءة الفلسفة الصينية, وأدب الصين, وثقافة الصين. ولماذا الصين تحديدا يا أستاذ؟ قال: لأن الصين منجم لا ينضب من العلم والحكمة والفكر العميق, لم نكتشفه في عالمنا العربي بعد.. وها أنا ذا أحاول اكتشافه. وقال: إن المركز القومي للترجمة بدأ مشروعا ضخما لترجمة الأدب الصيني.. وأثني علي هذا الجهد المشكور.
سألته: وهل الناس في بر مصر مازالوا يقرأون؟ قال: نعم.. كثير منهم مازال يقرأ, لكن الحياة الآن صعبة ومرهقة, ولابد أن نتلمس للناس العذر. قلت: هب يا أستاذنا أن شابا ليس بقاريء, ثم رغب في أن يقرأ, طلب من الأستاذ الغيطاني أن ينصحه كيف وماذا يقرأ.. فبماذا تنصحه؟ قال: أنصحه بأن يقوم بجولة في وسط البلد( بالقاهرة طبعا).. وأن يتوقف قليلا أمام فاترينات المكتبات هناك, ويتمعن في عناوين الكتب وأغلفتها.. وإنه حتما سوف يجد كتابا يروق له.. وإذن فليتقدم ويشتره ويبدأ في القراءة..( والقراءة ها تجيب بعضها).. وراح الغيطاني يعدد لي أسماء المكتبات التي كان يحفظ أماكنها عن ظهر قلب.. ولم لا.. وهو القاريء الكبير؟
قلت: وهل يمكن أن تنتخب لهذا الشاب بعض العناوين؟ قال: عليه أن يبدأ بقراءة بعض كتب أساتذتنا الكبار; مثل طه حسين ونجيب محفوظ, ويوسف إدريس وإحسان عبد القدوس.. وطبعا الأستاذ يحيي حقي. وهنا لاحظت أن نبرة صوت جمال الغيطاني قد تغيرت حتي كدت أشعر بارتعاش قلبه عندما تذكر يحيي حقي. قال: يحيي حقي ده أستاذنا كلنا, وقد تعلمت منه الكثير, ولم تكن اللغة عنده كمثلها عند أي أديب آخر.
قلت: ولكن كيف تقرأ أنت؟ قال: إن القراءة عندي ثلاثة أنواع; القراءة العادية لمتابعة ما يجري حولي( كالصحف اليومية والمجلات الثقافية وغيرها) وهذه أقرؤها في الصباح وأنا في مكتبي بالأخبار.. ثم هناك القراءة الأدبية, وهي التي أمارسها عند عودتي إلي البيت.. وهناك القراءة المتعمقة; كالفلسفة والتصوف( ثقافة الصين مثلا) وتلك قراءة أعكف عليها ليلا.. حيث يتطلب هذا النوع من القراءة تركيزا وذهنا صافيا.
.. ثم أسر لي الأستاذ الغيطاني بأنه- عندما يسافر- فإنه يصحب معه مجموعة أثيرة من الكتب لا يتركها أبدا في حله وترحاله.. وهي مقربة إلي روحه وعقله, ويعتبرها جزءا من عائلته.. وأوضح لي أن من بين تلك الكتب القرآن الكريم, والفتوحات المكية لابن عربي, وديوان الحماسة لأبي تمام, وأيضا ديوان المتنبي.
.. وهكذا- وبكل الامتنان- شكرت الرجل, ووعدني بلقاء معه قريب, أو بمكالمة منه لي.. إلا أنه لا المكالمة أجريت.. ولا اللقاء تم.. ولن يتما.. فالغيطاني رحل تاركا لنا ذخيرة من الإبداع والإمتاع والفكر لا تنفد. رحم الله جمال الغيطاني.. وأعطاه في آخرته قدر ما أعطانا من المتعة والأمل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.