هل هى خطوة مهمة على طريق الحل السياسى للأزمة السورية، أم مجرد دعم جديد للنظام السورى ورسالة على طريق رفع الحصار عن تحركات قادته .. تساؤلات مهمة يطرحها لقاء الرئيس الروسى فلاديمير بوتين مع نظيره السورى بشار الأسد فى موسكو. واللافت فى البيان الصادر عن هذا اللقاء هو إشارات الجانبين الصريحة إلى الحل السياسي، فالأسد يؤكد أن أى عمل عسكرى يجب أن تتبعه خطوات سياسية، وبوتين يعرب عن استعداد موسكو لتقديم المساعدة فى التسوية السياسية للأزمة السورية، مؤكداً أنه سيُجرى اتصالات مع قوى دولية أخرى لبحث التوصّل إلى حلّ سياسى بالتزامن مع مكافحة الإرهاب، وأن التوصّل إلى تسوية طويلة الأمد سيكون على أساس عملية سياسية تتمّ بمشاركة كل القوى السياسية الدينية والعرقية. وهو ما يؤكد اننا بصدد قمة تستهدف دعم الحل السياسى للأزمة، ولكن الشكل النهائى للتحرك السياسى سيحدده الوضع على الأرض بعد التدخل العسكرى الروسى المباشر، فالأولوية لدى روسيا والدول الحليفة معها هو معادلات الوضع العسكرى على الأرض لأن ذلك سيكون بمثابة ممر إجبارى للوصول فى مرحلة لاحقة إلى مباحثات للوصول إلى تسوية ما، ستكون بضمانة أمريكية روسية وعلى المستوى الإقليمى أيضا. وحسبما يرى بعض المحللين فنحن فى ربع الساعة الأخير وهناك معادلات جديدة بعد التدخل الروسى وليس فى سوريا فقط، بل على مستوى المنطقة وبالتالى قد نحتاج لأشهر قليلة لتتضح الصورة كاملة. وقد بدا أن عقدة مصير الرئيس بشار الأسد فى طريقها للحل، وأن هناك قناعات تتزايد لدى كافة الأطراف بأهمية استمرار الأسد لفترة مؤقتة لمنع انهيار الدولة السورية لصالح الجماعات الإرهابية، لكن الخلاف حول فترة وجوده بالسلطة. وقد ظهر ذلك واضحا فى التسريبات التى نشرتها وسائل إعلام تركية مختلفة مؤخرا، حول وجود مسودة خطة لحل الأزمة السورية، لاقت تأييد عدد من الدول المتواجدة فى التحالف الدولى ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بما فى ذلك واشنطنوتركيا، وبحسب التسريبات، فإن الخطة التركية المكونة من 5 إلى 6 بنود لا تتضمن الرحيل الفورى للأسد، ولكنها تقبل ببقائه فى منصبه لمدة ستة أشهر كفترة انتقالية، حيث يتحول المنصب، بموجب الخطة، إلى منصب رمزي، مع إنشاء هيئة انتقالية للحكم، يتم بموجبها نزع صلاحيات الأسد المتعلقة بإدارة أجهزة الاستخبارات ووزارة الدفاع، وسلاح الجو، مع التأكيد على وحدة الأراضى السورية التى يجب أن تكون دولة علمانية ديمقراطية. وقد سعت تركيا إلى إقناع موسكو بالخطة الجديدة، خلال اللقاء الذى عقد بين كل من وزير الخارجية التركية، فريدون سينير أوغلو، ونظيره الروسي، سيرجى لافروف، فى مدينة سوتشى الروسية، وأيضاً خلال الزيارة التى قام بها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى العاصمة الروسية موسكو، الشهر الماضي، وتلتها تصريحات أردوغان التى أثارت جدلاً كبيراً فيما يخص القبول بمرحلة انتقالية مع أو بدون الأسد. وتتحدث التسريبات التركية نفسها عن خروج آمن للأسد. وفى السياق نفسه ينبغى الإشارة إلى ماورد فى تصريحات وزيرى خارجية كل من السعودية والمانيا خلال اجتماعهما الأخير فى الرياض، حيث قال الوزير السعودى عادل الجبير إن المجتمع الدولى قد يتسامح مع الأسد حتى تشكيل هيئة الحكم الانتقالى للمحافظة على مؤسسات الدولة، بينما أوضح الوزير الألمانى فرانك فالتر شتاينماير إنه لا تهدئة فى سوريا على المدى القريب من دون الرئيس السورى بشار الأسد، داعيا إلى حل القضية السورية عبر المفاوضات، قائلا «لا بديل عن المفاوضات سبيلا لحل القضية السورية». كما فشلت قمة مجموعة الثمانى مؤخرا فى الخروج بقرار حازم ضد بشّار الأسد، بينما اتفق قادة مجموعة الثمانى خلال قمّتهم على الدور المهم الذى يمكن أن يلعبه أعوان الأسد فى إعادة بناء سوريا، وأنهم وعدوا كبار الشخصيات فى أجهزة الأمن السورية بالنجاة فى حال رحيل الرئيس بشار الأسد. كل ذلك يوضح اننا إزاء قبول مبدئى لدور مرحلى للأسد، حفاظا على الدولة السورية فى مواجهة الإرهاب، وهو ما يمثل نجاحا كبيرا للموقف الروسي.