في كتاب "سجون العقل العربي" للمفكر المصري د. طارق حجي يتضح لنا ان العقل العربي المعاصر اسير لثلاثة سجون سميكة الجدران..هي سجن الفهم البدائي للدين ..سجن الموروثات والمفاهيم الثقافية ... وسجن الفزع والجزع والرعب من الحداثة والمعاصرة.. هذا الكتاب يعد من أهم موْلفات د. طارق حجي....ففيه خلاصة أبحاثه عن أسباب فشل المجتمعات العربية في اللحاق بركب التقدم الأنساني ويحدد العلل الرئيسية للشعوب العربية في: السقوف المنخفضة للأنشطة العقلية بسبب الثقافة الدينية الشائعة ونظم التعليم البدائية وشيوع انساق قيميه مضادة للتقدم . يضع الموْلف القاريء المعني بأمر الأسلام السياسي حقيقة ان الجناح الأكثر تشددا بين المتأسلمين لا يكف عن محاولة الأطاحة بكل الأجنحة الأكثر وسطية واعتدالا ناهيك عن عدائة الغير قابل للأنحسار لغير المسلمين كافة. فعندما تمت هزيمة الأتحاد السوفيتي في أفغانستان بعد عشر سنوات من الحرب بين المجاهدين والسوفيت تمكن الجناح الأكثر تشددا علي الأطلاق من تصفية باقي الأجنحة وانتهت افغانستان لقمة سائغة في فم طالبان والملا عمر. ولقد وجد هذا الفصيل خلال نصف القرن الأخير أسبابا أغرتة بأن يتقدم الصفوف ويقدم نفسة وكأنة " الأسلام" ومنها: تدهور كافة مستويات المجتمعات المسلمة صاحبة التاريخ الطويل في تقديم الأسلام الوسطي المعتدل مثل سوريا والعراق والمغرب. كذلك استخدام الولاياتالمتحدة هذا الفصيل في الحرب الباردة في اكثر من مكان وايضا سطوة " البترودولار" والتي مكنت هذا الفصيل من نشر ما في ذهنة وتسويقة في ارجاء العالم. هذا ولقد خضعت مجتمعات اسلامية خلال العقود الأخيرة لأشكال مختلفة من الطغاة الذين حكموا بلدانهم بقبضة من حديد مولدين شعورا باليأس والغضب ..وبعد سقوطهم مثل سوهارتو في اندونيسيا وصدام حسين في العراق يبرز علي السطح من يطرحون انفسهم بمثابة "المخلص". والحقيقة ان الذي افرز هوْلاء هم الطغاة بقتلهم للحراك الأجتماعي ومنعهم لنمو المجتمع المدني. وفي ظل انعدام المجتمع المدني واختفاء الحراك الأجتماعي وشيوع عدم الكفاءة فأن المسرح يكون معدا لفريق جديد من الطغاة الغير اكفاء الذين سيأخذون مجتمعهم لدرجات اشد انحدارا من التأخر والتخلف والبعد عن معادلة التقدم والحداثة. ولقد جاء تبني اعداد من الشباب المسلم للعنف كشكل للعمل السياسي لأسباب ومنها: نظم التعليم التي تكرس العزلة عن مسار الأنسانية وتكرس التعصب وتضع اسسا دينية لصراعات هي في الحقيقة "سياسية بحتة" وتقدم من الدين ماهو منزوع من اطارة بحيث يكرس عدم التسامح وعدم قبول الأخر والمكانة الدونية للمرأة ...بالأضافة الي خلق ذهنية "الأجابة " وليس ذهنية "السوءال"..في حين اننا في عالم يقوم التقدم فية علي اساس فعاليات ذهنية السوءال كما ان أليات التقدم "انسانية" وليست شرقية او غربية.. هدف هذا الفصل من الكتاب هو دعوة المصريين قاطبة لأن يعتزوا بالنموذج الذي قدمتة مصر للأسلام ويدعو لعدم خلط الأوراق بعيدا عن التطرف والغلو. فأستعمال اسم الأسلام هو "حيلة سياسية" لا اكثر ولا اقل بهدف الوصول للحكم بركائز قبلية وبدائية . يري د. طارق حجي ايضا ان هناك اكثر من سبب منطقي وعقلاني ووجية لكي نتجة من خلال التعديلات الدستورية المرتقبة للنص الصريح علي عدم جواز تأسيس الأحزاب السياسية علي اسس دينية. فالمباديء التي يقال انها "مذهب الأسلام في شئون الحكم" لا تعكس الا فكر بشر مثلنا قد يخطئون وقد يصيبون. فالأسلام لم يضع نظام شامل كامل لقواعد ونظم الحكم تصلح ان تكون بديلا عن القواعد الدستورية التفصيلية المعاصرة وذلك لأن هذة ليست هي مهمة او غاية الأسلام. في هذا الباب يركز الموْلف علي ان الأحزاب السياسية التي تسمي نفسها بأحزاب اسلامية هي احزاب سياسية محضة تحاول الوصول للحكم بل وتعاني من اشكالات فكرية هائلة وذات اثار بالغة القوة والسلبية.. ويري د. طارق حجي ان التقدم والتحضر والتمدن مسائل لا تحققها الأموال ولا تبلغها الثروات الطبيعية وانما تحققها منظومة القيم الشائعة في المجتمع من قاعدتة الي قمتة واهم تلك القيم: تقديس الوقت والأيمان بفعاليات العمل الجماعي والأهتمام البالغ بالبشر أي الموارد البشرية والتعليم القائم علي الأبداع وليس التلقين واشاعة روح الكمال والتميز والسعي الدءوب للأتقان ورسوخ فكرة عالمية المعرفة والعلم في العقول منذ سني التعليم الألي لخلق شخصيات انسانية تنافسية. فعن طريق توفر تلك المنظومة من القيم يتقدم الذين يتقدمون. حتي بالنسبة للذين يرفضون بعض جوانب ظاهرة العولمة فأن واقع الحياة في عالمنا المعاصر يوْكد ان العلم بكل معانية ليست لة حدود فأنفتاح القنوات بين كل الجهات المتصلة بالعلم والبحث العلمي اصبح حقيقة لا يمكن ان تنكر.. وكما نري ان الصين واليابان والهند مجتمعات قديمة ولكنهم مجتمعات رائدة في الوقت الذي غاب فية المجتمعات العربية عن دوائر الانجازات العلمية والبحوث في كافة المجالات.