"الوطنية للانتخابات" تعلن انتهاء اليوم الأول لتلقي طلبات الترشح للشيوخ دون معوقات    برلماني: قانون المهن الطبية يحقق التوازن والعدالة ويسهم في تطوير المنظومة الصحية    «المونوريل والبرج الأيقوني».. المشروعات القومية رموز جديدة ب انتخابات مجلس الشيوخ 2025 (فيديو)    الأوراق المطلوبة ل مدارس التمريض بعد الإعدادية 2025- 2026.. (الشروط والأماكن)    قانونية مستقبل وطن: مصر تواصل الاستحقاقات الدستورية وسط التحديات التي تشهدها المنطقة    الهيئة العامة للأبنية التعليمية تعلن عن وظائف إشرافية بعدة تخصصات.. (الشروط وطريقة التقديم)    "الشربيني" و"غنيم" يتفقدان مرافق مدينة بني سويف الجديدة    تيجان على رءوس الغيطان |خبراء: مشاركة المرأة فى الاقتصاد تعزز الناتج المحلى    التضامن تفتتح مركز سيطرة طوارئ بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية الجديدة    أوبك+ تقرر رفع الإنتاج بمقدار 548 ألف برميل يوميًا في أغسطس    سعيد عكاشة: هدنة غزة باتت شبه محسومة لكن إنهاء الحرب    جمعية الإغاثة الطبية تحذر: تفشي الأوبئة يلوح في الأفق بغزة المنهارة    النصر السعودي يتحرك لضم رودريجو بتوصية من رونالدو    بعد عام من الحكم.. ماذا حقق حزب العمال البريطاني اقتصاديا؟    صحيفة: واشنطن لم تعد قادرة على تسليح أوكرانيا وإسرائيل معا    وزير خارجية إسرائيل يدين الهجمات على كنيس يهودي بأستراليا    تفاصيل اجتماع وزير الرياضة مع لاعبة الإسكواش كنزي أيمن    وزير الرياضة يفتتح منشآت جديدة بمركز التنمية الشبابية بالساحل    "بقت إدمان".. رئيس تحرير مجلة الزمالك السابق يثير الجدل بشأن صفقة جديدة للأهلي    "بديل محتمل لأشرف داري".. الأهلي يخطط لصفقة أجنبية جديدة    وزيرة التنمية المحلية تتابع تداعيات حادث الطريق الإقليمي وتوجه برفع الطوارئ    استمرار تلقي تظلمات الإعدادية بكفر الشيخ حتى 13 يوليو الجاري    سحب 659 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    مصرع شخص وإصابة اثنين آخرين في حادث مروري بدمياط    القبض على المتهم بسرقة فيلا في الطالبية    إنفوجراف| أسعار تذاكر حفل عمرو دياب في مهرجان العلمين    عمرو دياب: متخيلتش إن بنتي تغني معايا على المسرح في يوم من الأيام    «الصمت أحيانًا يعني أننا تعبنا».. حنان مطاوع توجه رسالة غامضة في أحدث ظهور لها    بمشاركة طلاب صينيين| بالصور.. تنظيم أول مدرسة صيفية بجامعة القاهرة    باحث: نحن أمام خطوتين من إعلان اتفاق وشيك لوقف إطلاق النار فى غزة    "بدأت بموقف محرج".. قصة تعارف أمير صلاح الدين وزوجته ليالي    تعرف على أكثر 5 أبراج تشتهر بالوفاء    فضل صيام عاشوراء.. هل يجوز صيامه منفردًا؟    أمين الفتوى: يوم عاشوراء نفحة ربانية.. وصيامه يكفر ذنوب عام كامل    أحمد نبوي: الأذى النفسي أشد من الجسدي ومواقع التواصل تتحول لساحة ظلم    محافظ المنوفية يتابع تداعيات حادث الطريق الإقليمي بعد سقوط ضحايا ومصابين    لتعزيز فيتامين د بشكل طبيعي.. إليك الوقت الأمثل والطريقة    الصحة: 10 كوادر يشاركون ببرامج تدريبية في الصين    السبكي عن التأمين الشامل: 96 ألف عملية إلكترونية وفرت 84,6 ألف ساعة عمل    البابا تواضروس يترأس صلوات قداس رسامة كهنة جدد للقاهرة وكندا    محافظ بني سويف يستقبل وزير الإسكان والمرافق في بداية زيارته للمحافظة    استقرار أسعار السكر اليوم السبت بالسوق المحلي    يوم عاشوراء.. تعرف على أهميته الدينية ولماذا حثنا الرسول على صيامه    ترامب "غير راضٍ" عن موقف بوتين بشأن أوكرانيا: يريد الاستمرار في استهداف الناس    3 وديات.. في الجول يكشف تفاصيل معسكر الأهلي في تونس تحضيرا للموسم الجديد    أسماء مصابي حادث انقلاب ميكروباص بصحراوي المنيا    طقس الأحد شديد الحرارة وشبورة ورطوبة والعظمى بالقاهرة 36 درجة والإسكندرية 31    الجريدة الرسمية تنشر قرار جمهوري جديد للرئيس السيسي    نجوم كرة القدم في تشييع جنازة جوتا    الصحة: زراعة 12 صماما رئويا بالقسطرة التداخلية العلاجية مجانا بمعهد القلب خلال 6 أشهر    تنسيق الجامعات 2025.. ننشر جدول أماكن أداء اختبارات القدرات لطلاب الثانوية العامة    اختيار ناصيف زيتون لحفل افتتاح مهرجان جرش بالأردن.. وأصالة في ختام الفعاليات    رسائل مهمة من السيسي لرئيس مجلس النواب الليبي    الجار قبل الدار    اليوم.. نظر محاكمة 37 متهما بخلية التجمع الإرهابية    أسعار الفراخ اليوم السبت 5-7-2025 بعد الانخفاض وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    أمام فريقه المستقبلي.. إستيفاو يهز شباك تشيلسي وينضم لقائمة أصغر المسجلين في مونديال الأندية    ربع نهائي كأس العالم للأندية| تشيلسي يتقدم على بالميراس في الشوط الأول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رغم حصول الانفصاليين على أغلبية البرلمان
كاتالونيا..استقلال «افتراضى» عن السيادة الإسبانية
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 10 - 2015

مع كل مرة تهب فيها رياح «انفصال إقليم كاتالونيا» على إسبانيا تتحرك المياه الراكدة فى بركة ماء تزعج الشعب الأسباني, الوضع بات مقلقا للجميع, يكفى أنه عندما يغادر مواطن كاتالونى لزيارة منطقة إسبانية أخرى فإنه يعيش ما يشبه عبورا للحدود الوطنية، فهناك يصعب العثور على رمز للسيادة الإسبانية, حتى مركز مدينة كاتالونيا لا يرفع فيه العلم الإسباني، لكن يمكن بسهولة إيجاد علم حركة استقلال كاتالونيا ونفس العلم يرفرف على كل مبنى بالمدينة باستثناء الكنيسة ومركز الشرطة.
حتى الآن ليس لدى الكاتالونيين شيء ضد الإسبان لكنهم يريدونهم كجيران وليسوا أصحاب أرض، ولذلك أولى الكثيرون الاهتمام بالانتخابات البرلمانية المبكرة التى أجريت قبل أيام, و أسفرت عن فوز القوى الكاتالونية الداعمة لإستقلال الإقليم عن البلاد بالغالبية المطلقة, حيث حصل تحالف الانفصاليين تحت شعار "معا من أجل نعم" على 62 مقعدا، وحصلت قائمة حزب اليسار الكاتالونى المتطرف "الوحدة الشعبية" الانفصالية، أيضا على 10 مقاعد من أصل 135 مقعدا، أى أنهما حصلا على الأكثرية فى هذه الانتخابات بنسبة 48% التى تعد مدخلا لمرحلة جديدة ستؤثر على مستقبل إسبانيا كلها، لكن النتيجة لم تمنحهما حق تشكيل الحكومة منفردين، الأمر الذى كان ليوفر عليهم عناء الاستفتاء ليعلنوا الاستقلال مباشرة.
لكن الإنفصاليون لم يعيروا الأمر الكثير من الإهتمام, فإعتبروا نتائج هذه الإنتخابات أشبه بإستفتاء على الإستقلال, وهو ما لخصه رئيس الإقليم المنتهية ولايته آرتور ماس الذى من المتوقع أن يمثل أمام القضاء منتصف هذا الشهر بتهمة الدعوة إلى "عصيان مدني" بتغريدة على "تويتر" قال فيها: "لقد انتصرنا"، والمعروف عن ماس أنه من أشد المتحمسين لانفصال كاتالونيا عن إسبانيا، بينما ذهب زعيم حزب اليسار الكاتالوني، انطونيو بانوس، إلى أبعد من ذلك فى تغريدة أخرى جاء فيها: "بدون ضغينة، نقول للدولة الأسبانية وداعا".
كما وعد الانفصاليين أنصارهم باستقلال كاتالونيا فى عام 2017 على أقصى تقدير فى حال فوزهم بالانتخابات الإقليمية، وها هم فازوا، وباتوا يهددون باللجوء إلى حل راديكالى يتمثل فى فرض الاستقلال كأمر واقع وإعلانه من طرف واحد خلال 18 شهرا، فى ظل سلطات كاتالونية قادرة على بناء مؤسسات كالجيش والبنك المركزى والنظام القضائي، وطالبوا الكاتالونيين بعصيان التشريعات وعدم تطبيق القوانين الجائرة بحق الطبقات الاجتماعية الكاتالونية.
هى إذن انتخابات كان يُراد بها الضغط على حكومة الرئيس المحافظ ماريانو راخوى رئيس الحزب الشعبي، لتنظيم استفتاء وطنى حاسم حول مسألة استقلال كاتالونيا كحل سياسى أولى قبل اللجوء إلى خيارات أخرى فى حال تعذره, من هنا تواجه الحكومة الإسبانية تحديا حقيقيا, لذلك تعمل على إيجاد بدائل قانونية وسياسية تجنبها الوصول إلى نقطة اللاعودة فى معركة كسر العظام مع القوميين الكاتالونيين أمام إصرار هؤلاء على الاستقلال رغم عدم جوازه دستوريا فى القانون القومى الإسبانى الذى ينص على أن إسبانيا "أمة موحدة لا تنقسم".
لكن لا يبدو أن هذه البدائل تروق لقوى اليمين المحافظ المتغلغلة فى مؤسسات حساسة وفى مقدمتها الجيش. من هنا ندرك دلالات تصريح وزير الدفاع الإسبانى حين لمح إلى أن الحكومة مستعدة للتدخل عسكريا فى كاتالونيا فى حالة الإصرار على الانفصال باستعمال المادة 155 من الدستور التى تخولها اللجوء إلى مختلف الوسائل، بما فى ذلك تدخل الجيش، للحفاظ على وحدة البلاد واستقرارها. غير أن خيار التدخل العسكرى يعد كلفة سياسية باهظة قد لا تستطيع إسبانيا تحملها فى الوقت الراهن. غير أن الأحزاب والحركات القومية المطالبة بالانفصال عن مدريد تستند إلى عوامل مختلفة فى تصريف خطابها لكسب عدد أكبر من المؤيدين، منها التى تتعلق بالتاريخ واللغة والثقافة، حيث يعتبر جزءا كبيرا من الكاتالونيين أنفسهم ورثة واحدة من أعرق ثقافات البحر الأبيض المتوسط، وأكثرها تأثيرا فى المنطقة، وهناك عوامل أخرى لا تقل أهمية، أبرزها الأزمة البنيوية العميقة فى النظام الإسباني، والتى تتجلى خصوصا فى استشراء الفساد واستغلال النفوذ فى مؤسسات الدولة، والأزمة الاقتصادية الخانقة التى تعصف بالبلاد منذ سنوات، وعدم قدرة النخب السياسية على تجديد خطابها ورؤيتها حيال قضايا وأسئلة كثيرة تواجه إسبانيا حاليا. ولكن السؤال الذى يتبادر إلى أذهان الكثيرين الآن هو: ما هى أبرز التأثيرات المتوقعة على إسبانيا وعلى الإقليم أيضا فى حال الإنفصال؟ من المتوقع أن تخسر إسبانيا حوالى 8% من إجمالى مساحتها فى حالة الإنفصال, كما سيخرج حوالى 7٫5 مليون نسمة هم تعداد سكان الإقليم من حسابات الأيدى العاملة الإسبانية, هذا بجانب حرمان إسبانيا من قوة اقتصادية كبيرة ومن مصدر حيوى للضرائب وستخسر حوالى 19% من إجمالى ناتجها القومي, ناهيك عن إنخفاض الدخل من السياحة لأن عاصمة إقليم كاتالونيا هى مدينة برشلونة المصنفة كواحدة من أعظم مدن العالم والتى تجذب وحدها ضعف عدد السياح الذين تجذبهم العاصمة الإسبانية مدريد. كما أن نجاح الكاتالونيين فى الاستقلال سيفتح شهية العديد من الحركات المتشددة ومنهم سكان إقليم الباسك الذين يعتبرون أكثر تطرفا من الكاتالونيين، والذين سيقومون بالبحث عن كيفية استقلال إقليمهم بشتى السبل, ليصبح إنفصال الإقليم كسقوط قطع الدومينو عند إسقاط القطعة الأولى.
أما على الجانب الآخر فإن استقلال إقليم كاتالونيا سيتسبب فى خسائر كبيرة للإقليم على المدى القريب, فطبقا لما ذكره محافظ البنك المركزى الإسبانى لويس ليندى فإن استقلال الإقليم يعنى خروجه من منطقة اليورو وسيفقد قدرته على الدخول إلى النظام الائتمانى للبنك الأوروبى المركزي.
على جانب آخر فإن فريق مثل برشلونة سيعانى بشدة على المستوى الاقتصادى والكروى فى حال ابتعاده عن الدورى الإسبانى لكرة القدم. أبرز الخسائر ستتمثل فى عدم قدرته على المشاركة الأوروبية لأن كاتالونيا بعد استقلالها مباشرة لن تكون تابعة للاتحاد الأوروبى لكرة القدم.
يمكن القول إن الانتخابات الأخيرة خرجت بنتائج تخلط الأوراق، فالانفصاليون فازوا بالأغلبية المطلقة من مقاعد البرلمان المحلي، ومعارضو الانفصال يستطيعون أن يرفعوا فى وجه الانفصاليين ورقة الأغلبية الشعبية العددية التى كانت ضد الانفصال, إنها معركة حامية الوطيس بين مؤيدى انفصال لن يتعدى سقف استقلال افتراضي،على الأقل لفترة طويلة قادمة، وبين المدافعين عن وحدة إسبانيا مع معرفتهم بأن عدم وضع حل جذرى للأزمة سيبقيها جرحا نازفا سياسيا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.