بالرغم من مرور أكثر من 4 سنوات و9 اشهر، مازالت مشكلة عودة دفن الموتى فى جبانة المسلمين القديمة بمدينة اخميم مستمرة حتى الان ، الامر الذى بات يهدد كنوز أخميم الاثرية بالخطر والسرقة والنهب وضياع ملايين الجنيهات التى انفقت على انشاء الجبانات الجديدة بحى الكوثر فى الهواء . كانت البداية فى اكتوبر 1981 – أى منذ 34 عاما عندما اعترض حفر الاساسات لانشاء معهد دينى ازهرى بالمنطقة المجاورة لجبانة المسلمين القديمة باخميم، كتل صخرية تبين أنها كشف أثرى، يضم معبدا للملك رمسيس الثانى، و4 تماثيل اخرى لرمسيس. وبناء على طلب الاثار قامت المحافظة بنقل المعهد لمكان آخر، وتسليمها الموقع حيث ظهرت اطلال رومانية، وفرعونية، واطلال المعبد وارضيته، واكد علماء واساتذة الاثار ان الكشف القابع اسفل الجبانة يضارع معبد الكرنك بالاقصر، خاصة وأنه سبق ذلك الكشف عن تمثال للملكة " ميريت امون " زوجة رمسيس والذى يعتبر اكبر تمثال لزوجة فرعونية ومن اجمل التماثيل على الاطلاق وتمثال رومانى مقطوع الراس، يشتبه أن يكون للالهة " فينوس " ربة الحب والجمال . وفى عام 2000 ، تم اتخاذ قرار بنقل الجبانة القديمة الى حى الكوثر بعد الانتهاء من الجبانات الجديدة على مساحة 70 فدانا بمنطقة الديابات بتكلفة 70 مليون جنيه و تم الانتهاء منها بالفعل بعد 10 سنوات لتوقف العمل اكثر من مرة بسبب عدم توافر الاعتمادات، وتم تسليمها للاهالى فى مايو 2010 بعد سلسلة من الجلسات والحوارات المجتمعية، بين رفض وقبول دفن موتاهم بها ، وبعد الحصول على فتوى من دار الافتاء المصرية بشأن نقل رفات الموتى من الجبانة القديمة للجديدة حتى تتمكن الاثار من استكمال الكشف الكنز الاثرى المدفون فى باطن الارض ومن خلال جهود اللواء محسن النعمانى محافظ سوهاج ووزير التنمية المحلية الاسبق فى اقناع الاهالى باهمية ذلك بدأت بالفعل اعمال الدفن فى الجبانات الجديدة، الا انه لم يمر اكثر من 8 شهور حتى عاود الاهالى دفن موتاهم مرة اخرى فى الجبانة القديمة وحتى الان . وللحقيقة مدينة اخميم اقدم مدينة اثرية حيث يتجاوز عمرها اكثر من 4 الاف سنة وكانت عاصمة صناعة التحنيط فى العصور الفرعونية مشاكلها ليست قاصرة على الدفن بالجبانة القديمة فحسب، ولكن تحتاج لنقل المدينة بالكامل حيث انها تعوم على اثار لمختلف العصور، الامر الذى لو حدث سوف يجعل المنطقة محط انظار العالم كله عندما تبوح باسرارها المدفونة فى باطنها. و منذ 10 سنوات وجه اللواء سعيد البلتاجى المحافظ فى ذلك الوقت، نداء عالميا عن طريق منظمة اليونسكو، لانقاذ اثار اخميم ،ووضع عدة حلول للمشكلة منها نقل مدينة اخميم بالكامل الى مدينة اخميم الجديدة، مع مراعاة توزيع ملكية الاراضى حسب ملكيتها فى المدينة الاصل وتحويل المدينة الحالية بالكامل الى مدينة اثرية، حيث ان شوارعها ومنازلها مرتفعة ومنخفضة بشكل يوضح ان اسفلها مدينة اخرى ، ناهيك عن حالات الحفر والتنقيب خلسة ، و يتم ضبطها بشكل متكرر، بحثا عن الآثار رغبة في الثراء السريع. الا ان الدراسة طالبت بتاجيل هذا الحل لحاجته الى تهيئة نفسية لسكانها لارتباطهم بالمكان وما يتكلفه هذا الحل من اعتمادات مالية كبيرة. وفى سياق متصل اختار صندوق تطوير المناطق العشوائية بالتعاون مع منظمة اليونيسيف منطقة الكوم بمدينة اخميم فى ديسمبر 2011 لتنفيذ مشروع فقر الاطفال فى المناطق غير الآمنه وغير المخططة خلال 6 شهور بهدف الارتقاء بالمستوى المعيشى للاطفال فى هذة المنطقة اجتماعيا واقتصاديا ، وهذه المنطقة تقع على ربوة عالية فى المدينة ترتفع عن سطح الشارع بحوالى 12 متر ويوجد بها 1150 عقار تم انشائها بالطوب اللبن والاحمر والطين قديم جدا ومتهالك ومتوسط مساحة العقار 60 متر مربع وعدد سكانها اكثر من 4600 نسمة .. الا انه لم تتم اية اعمال بهذه المنطقة التى تعوم فوق كنوز اثرية بدون ادنى شك كما يؤكد اساتذة الاثار بجامعة سوهاج و الامر يحتاج اقامة مساكن بديلة للاسر الفقيرة التى تعيش بمنطقة التل الاثرى الذى يقع على بعد امتار قليلة من تمثال ميريت امون والجبانة القديمة والمعروف باسم " الكوم " حتى الان وبعد سنوات قد تطول او تقصر نجد انفسنا مضطرين لنقل هذة الاسر خارج المدينة الي مدينة اخميم الجديدة خاصة وانها موجودة بالفعل والعمل علي تحويل الممدينة القديمة تحويل المدينة الى مزار سياحى عالمى سوف يعود بالنفع والخير الكثير على الدولة بصفة عامة والمجتمع الاخميمى والسوهاجى بما فيه من اطفال يعانون الفقربصفة خاصة . الامر يحتاج ارادة قوية وقرارات جريئة بعيدا عن الروتين الحكومى والقول بان المدينة الجديدة تتبع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة والمدينة القديمة تتبع المحليات وفى النهاية نجد ان ملايين الجنيهات التى صرفت على اخميم الجديدة دون طائل، واصبحت تسكنها الاشباح ويبقى ان نقول انه لا بد ان يكون هناك حل توافقى بين المحافظة وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة وتوجيه نداء اخر لمنظمة اليونسكو لانقاذ اثارها قبل ان يأتى يوم نفاجأ فيه بخلو المدينة مما فى بطنها من كنوز فى ظل هوس الرغبة فى الثراء السريع .