عشرات الآيات قي القرآن الكريم في مواضع مختلفة تناولت نعمة الأمن تشير جميعها إلي أن هذه النعمة العظيمة التي لا ندرك قدرها سوي في الأزمات لا تتحقق هكذا بمجرد اعتلاء وزير غضنفر رأس الجهاز أو في ظل قبضة حديدية وإلا لما سقطت في النهاية كل الأنظمة القمعية علي مدي التاريخ القديم والحديث علي السواء. فقد كان الظلم وفقدان العدالة الاجتماعية دائما وأبدا سببا رئيسيا في سقوط الطغاة كما كان المكر السيء يحيق دائما بأهله بينما كانت المجتمعات الصالحة هي الأحق والأولي بهذه النعمة, في الوقت الذي ارتبط فيه عقاب الله بالخوف مع الجوع في نفس الوقت بما يؤكد أن التردي الأمني والاقتصادي متلازمان كما في حالتنا الراهنة. ومن بين الآيات الكريمة( فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون, الذين آمنوا ولم يلبثوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) سورة الأنعام, وقوله سبحانه( وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) سورة النور, وقوله سبحانه( أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض) سورة النحل, وقوله سبحانه( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف) سورة النحل, وقوله سبحانه( الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) سورة قريش, وقوله سبحانه( سيروا فيها ليالي وأياما آمنين) سورة سبأ, وقوله سبحانه( فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون) سورة سبأ. وتأكيدا لهذه المعاني جاءت دعوة أبوالأنبياء سيدنا إبراهيم عليه السلام لأم القري بقوله( رب اجعل هذا بلدا آمنا) ثم أتبعها بما يؤكد تلازم نظرية الأمن مع الاقتصاد بقوله( وارزق أهله من الثمرات) سورة البقرة. ولم ينفصل الأمن في الدنيا عنه في الآخرة أو عن الأمن من عذاب الله كما في قوله سبحانه( أفمن يلقي في النار خير أمن يأتي آمنا يوم القيامة) سورة فصلت, وقوله سبحانه( أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله) سورة يوسف, وقوله سبحانه( أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) سورة الأعراف, وقوله سبحانه( يدعون فيها بكل فاكهة آمنين) سورة الدخان, وقوله سبحانه( أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا, أم أمنتم أن يعيدكم فيه تارة أخري فيرسل عليكم قاصفا) سورة الإسراء, وقوله سبحانه( أفأمن أهل القري أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون, أو أمن أهل القري أن يأتيهم بأسنا ضحي وهم يلعبون) سورة الأعراف. وهناك الكثير من الآيات يضيق المقام بذكرها كان يجب أن نضعها نصب أعيننا حين الحديث عن أمن المجتمع الذي افتقدناه بصفة خاصة علي مدي الأربعة عشر شهرا الماضية وخاصة بعدما أصبح واضحا من خلال الواقع أيضا مدي تأثير غياب الأمن الاجتماعي علي الأمن الاقتصادي أو علي الشئون الحياتية اليومية بصفة عامة وهو أمر إن استمر فلا يمكن لخطط مستقبلية أو استراتيجيات سياسية أن تتنبأ بمستقبل مشرق لهذا الوطن الذي طفح كيله وفاحت رائحته بدعاوي الديمقراطية والثورية والتي يجد فيها المتآمرون علي الأمن ضالتهم وتحقيق مآربهم جهارا نهارا ليس من خلال الميادين والطرقات فقط وإنما في المنتديات والفضائيات ومؤسسات الدولة الرسمية. ومع ما تشهده البلاد الآن من توتر وتهديدات بمزيد من الأزمات ولأن الأمن ليس ترفا فسوف نظل نناشد أجهزة الدولة من حكومة وبرلمان ووسائل إعلام منحه الأولوية من وجوه عديدة أهمها رد الاعتبار للقائمين عليه وإعادة النظر في دخولهم المادية والضرب بيد من حديد علي كل من يتآمر علي هذا الشأن الحيوي والمهم في حياتنا سواء كانت عصابات إجرامية أو قوي سياسية تصر علي نقل صراعاتها إلي الشارع حتي نستحق قول ربنا سبحانه في سورة يوسف( ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين) صدق الله العظيم. المزيد من أعمدة عبد الناصر سلامة