عرفت من رموز اليسار المصري أفضل اثنين فيه جمعا بين الفكر والمواقف.. د. فؤاد مرسي و د. إسماعيل صبري عبد الله كان الأول وزيرا للتموين والثاني وزيرا للتخطيط في عهد الرئيس الراحل انور السادات..كانت مشكلة كل منهما أنه حاول بصدق ان يجمع بين فكره ومواقفه فلم يزايد ولم يتقلب علي موائد السلطة ولم يتخل عن ثوابته..مات فؤاد مرسي حزينا علي سقوط الإتحاد السوفيتي ورحل إسماعيل صبري عبد الله في شموخ كما عاش في كبرياء. ولا شك ان اليسار المصري يعاني الآن محنة عصيبة بعد ان فقد تواصله مع الشارع المصري واكتفي بمعارك الإعلام والفضائيات في القاهرة ثم جاءت الإنتخابات لتكشف كل جوانب القصور فيه..كانت خطيئة اليسار الأولي انه في احيان كثيرة اعتمد في معاركه وصراعاته علي السلطة وراهن عليها كثيرا وحين اختلف معها ألقت به في السجون كما حدث في عهد الزعيم جمال عبد الناصر.. وحين جاء السادات للسلطة كان اليسار قد اختار الفريق المعارض في صراع مراكز القوي ولم يتردد السادات في ان يتحالف مع التيارالإسلامي لمواجهة الصخب اليساريالذي رفع راية الناصرية.. وفي عهد الرئيس السابق دخلت اعداد كبيرة من رموز اليسار حظيرة الدولة الثقافية بحثا عن مغانم وجوائز وهبات ونسي اليسار المصري دوره في الشارع ابتداء بإتحادات العمال وإنتهاء بالنقابات المهنية والتجمعات الفئوية وهي الأرض التي نشأ عليها وبعد ثورة يناير ظهرت الأزمة الحقيقية لقوي اليسار حين اجتاحت التيارات الإسلامية الشارع المصري بما في ذلك قواعد اليسار نفسه في اتحادات العمال والفلاحين وما كان يسمي قوي الشعب العاملة.. إن أخطر ما يواجه اليسار الآن أن الكثير من رموزه القديمة شاخت وترهلت في سراديب سلطة القمع والحظيرة الثقافية سنوات طويلة ونسيت هذه الرموز ان تقدم أجيالا جديدة تجمع بين الفكر والمواقف كما فعل فؤاد مرسي وإسماعيل صبري عبد الله كنماذج رفيعة في الفكر والسلوك. وهنا ظهرت مأساة اليسار في الإنتخابات البرلمانية حيث لم يحصل علي شيء من الغنائم وعليه ان يلوم نفسه ولا يلوم الآخرين. [email protected]