هل علينا بعد أيام قلائل عام دراسى جديد ، يأتى إثر عيد عظيم هو عيد الأضحى المبارك ، وعقب أداء شعيرة من أهم شعائر الإسلام ونسكه ، هى شعيرة الحج ، ويربط بين ذلك كله قيم وآداب وأخلاق ، فالعبادة الصحيحة تدعو إلى التحلى بالقيم ومكارم الأخلاق ، والحج بلا أخلاق وقيم وآداب مردود على صاحبه ، فشرط القبول الأول بعد النفقة الحلال ألا يرفث الإنسان ولا يفسق ولا يجهل ولا يصخب ، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : » مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ » (رواه البخاري). والعلم أيضًا بلا أخلاق ولا قيم ولا رياضة روحية لا طائل منه، يقول الشاعر : لا تحسبن العلم ينفع وحده مالم يتوج ربه بخلاق فإذا رزقت خليقة محمودة فقد اصطفاك مقسم الأرزاق ومع انطلاق العام الدراسى الجديد نؤكد على الآتى : أولا: عناية الإسلام بالعلم، فالعلم ضرورة شرعية ووطنية، ولازمة من أهم لوازم التقدم والرقى ، يقول الحق سبحانه:«قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الألْبَابِ» (الزمر : 9) ، ويقول سبحانه: «يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» (المجادلة : 11) ، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم) : «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ» (رواه الترمذي) ، مع ملاحظة دقة العبارة فى قوله (صلى الله عليه وسلم) «يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا» ليفيد التنكير العموم والشمول لمطلق العلم النافع ، مع التذكير بأن أول ما نزل على النبى (صلى الله عليه وسلم) من القرآن الكريم هو قوله تعالى: «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ » (العلق : 1- 5) ، وأن النبى (صلى الله عليه وسلم) جعل فداء من يحسن القراءة والكتابة من أسرى بدر أن يُعلّم عشرة من صبيان المسلمين الكتابة. وقد أعلى الإسلام من شأن العلم ومكانة العلم، فقال (صلى الله عليه وسلم): «إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا ، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ » (رواه الترمذي) ، وقد قالوا: من تعلم العلم وعمل به ثم علمه للناس فذلك يدعى عظيمًا فى ملكوت السماوات. ويقول الشاعر : بالعلم والمال يبنى الناس ملكهم لم يُبن ملك على جهل وإقلال ثانيًا: أن للعلم آدابًا وأخلاقًا ينبغى أن يتحلى بها طلبته ، منها حسن تقدير المعلم ، يقول شوقى: قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا ومنها الجد والاجتهاد والصبر على طلب العلم ، وقد قالوا : أعط العلم كلاً يعطك العلم بعضًا ، فإن أعطيت العلم بعضًا لم يعطك العلم شيئًا، ويقول الشافعى (رحمه الله) : أخى لن تنال العلم إلا بستة سأنبيك عن تفصيلها ببيان ذكاء وحرص واجتهاد وبلاغة وصحبة أستاذ وطول زمان ثالثا: أن طالب العلم يبنى ولا يهدم ، ويعمر ولا يخرب، لأن رسالة العلم هى التعمير والبناء وصالح الإنسانية، فلا مجال لمخرب ، وليس من الحكمة ولا من العقل ولا من المنطق الإبقاء على المخربين المفسدين الذين يثبت بدليل قاطع إجرامهم فى حق وطنهم ومؤسساتهم التعليمية فى صفوف أبنائنا ليبثوا سمومهم ، ومن هنا نؤكد على أمور : أ- الحسم والحزم واتخاذ الإجراءات القانونية تجاه كل من يثبت تورطه فى أى تخريب أو تدمير أو حرق أو إفساد أو محاولة استغلال الساحة الجامعية لنشر الفكر المتطرف . ب - نحذر أيضا من محاولة الزج بالحرم الجامعى فى أى لون من ألوان الدعاية الانتخابية لأى فصيل أو تيار سياسى أو دينى . ج - نحذر من ترك مساجد الجامعات أو مصليات المدن الجامعية فى أيدى العناصر الطلابية التى تنتمى إلى جماعات التشدد . د - ضرورة نشر الفكر الإسلامى الصحيح ، وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، وبيان زيف الفكر المتطرف ، من خلال تواصل العلماء المتخصصين مع طلاب الجامعات فى الندوات واللقاءات المفتوحة. وسوف ننسق مع وزارة التعليم العالى والسادة رؤساء الجامعات عقب عودتنا من الحج بإذن الله تعالى لوضع خطة مشتركة عاجلة لهذه الندوات واللقاءات، ومنع سيطرة أصحاب الفكر المتطرف على المساجد أو المصليات، سواء بالجامعات أم بالمدن الجامعية، مؤكدين أننا فى وزارة الأوقاف مستعدون للقيام بكل ما يلزم دعويًا فى جميع هذه المساجد باعتبارها من أهم عناصر تشكيل فكر الطلاب الجامعيين ، وتحصينهم من الفكر المتطرف، أو وقوعهم فى براثن دعاته . وزير الأوقاف لمزيد من مقالات د . محمد مختار جمعة