السيسي يوافق على منحة يابانية لدار الأوبرا بقيمة 180 مليون ين    تعاون عسكرى مشترك.. وتحقيق الاستقرار بالشرق الأوسط    رئيس جامعة القاهرة يتفقد الامتحانات بكليات الاقتصاد والعلوم السياسية والآداب والإعلام    تراجع أسعار النفط بفعل زيادة إنتاج «أوبك+» ومخاوف الرسوم الجمركية    تخصيص قطعة أرض لإقامة مكتب بريد بمحافظة المنيا    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الأربعاء    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    وزيرة البيئة تطلق دليل المشروعات الصغيرة والمتوسطة الخضراء والآلية الرقمية    محافظ أسيوط يفتتح معرض اليوم الواحد لتوفير السلع الأساسية بأسعار مخفضة    بمناسبة عيد الأضحى.. محافظ أسيوط يفتتح معرض اليوم الواحد لتوفير السلع الأساسية    الرسوم الجمركية الأمريكية على الصلب والألمنيوم تدخل حيز التنفيذ    مدير مجمع ناصر الطبي: أغلب شهداء القصف الإسرائيلي لمدرسة النازحين في خان يونس أطفال ونساء    الولايات المتحدة تحتجز زوجة وأبناء منفذ هجوم كولورادو الداعم لإسرائيل    مؤسسة غزة الإنسانية تختار رئيسًا لها أيد اقتراح السيطرة الأمريكية على القطاع    تعرف على موقف المنتخبات العربية في التصفيات الآسيوية للمونديال    نادي الخلود السعودي يقرر فسخ التعاقد مع اليو ديانج    "اليوم أعود إلى حيث بدأت الحكاية".. رسالة من تريزيجيه بعد الانضمام ل الأهلي    بدء تصعيد حجاج القرعة للوقوف بعرفات وأداء الركن الأعظم من الحج    الأرصاد: ارتفاع درجات الحرارة على جميع الأنحاء غدًا 4 درجات    وزير الإسكان يوجه برفع درجة الاستعداد لمتابعة انتظام الخدمات خلال إجازة العيد    ضيوف الرحمن يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية    سميحة أيوب تتصدر التريند بعد ساعات من وفاتها    8 يونيو.. حفل علي الهلباوي بساقية الصاوي    أول «ساندوتش شاورما»    نفتح الشباك ولاّ نقفله ؟!    أوصت بنشر البهجة وصلة الأرحام.. الأوقاف تنشر نص خطبة العيد    تكبيرات عيد الأضحى 2025.. تعرف على حكم التكبير فى العيدين بصيغة الصلاة على النبى    الصحة: 58 مركزًا لفحص المقبلين على الزواج خلال إجازة عيد الأضحى    زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50% تدخل حيز التنفيذ    زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب جزيرة سيرام الإندونيسية    وزير خارجية تركيا: نتوقع عقد جولة مفاوضات جديدة بين روسيا وأوكرانيا    بعد فيديو خطبة طفلين بالغربية.. "الطفولة والأمومة" تتحرك وتبلغ النيابة    شيماء سيف تعتذر عن عدم استكمال مسرحيتها في الكويت    سعر الدولار اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025    مصرع شخص وإصابة 13 آخرين إثر انقلاب ميكروباص بالصحراوي الغربي في أسيوط    حبس مدير شركة و4 عمال بتهمة التنقيب عن الآثار بقصر ثقافة الطفل بالأقصر    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    وزير خارجية إيران: تخصيب اليورانيوم داخل أراضينا هو خطنا الأحمر    رشوان توفيق عن الراحلة سميحة أيوب: «مسابتنيش في حلوة ولا مرة»    ليلى علوي تنعى الفنانة سميحة أيوب: "كانت الأم المشجعة دايمًا"    ظهور وزير الرياضة في عزاء والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالزمالك (صور)    رسميا.. رفع إيقاف قيد الزمالك    مصرع وإصابة 17 شخصا في انقلاب ميكروباص بالمنيا    «احنا الأهلي».. رد صادم من ريبيرو على مواجهة ميسي    دعاء النبي في يوم التروية.. الأعمال المستحبة في الثامن من ذي الحجة وكيفية اغتنامه    «حسبي الله فيمن أذاني».. نجم الزمالك السابق يثير الجدل برسالة نارية    «بين الصدفة والرسائل المشفرة».. هل تعمد الأهلي وبيراميدز إفساد اللحظات الجماهيرية؟    رئيس حزب الجيل: إخلاء سبيل 50 محبوسًا احتياطيًا من ثمار الجمهورية الجديدة    يُعد من الأصوات القليلة الصادقة داخل المعارضة .. سر الإبقاء على علاء عبد الفتاح خلف القضبان رغم انتهاء فترة عقوبته؟    تعرف على أهم المصادر المؤثرة في الموسيقى القبطية    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    إرهاق جسدي وذهني.. حظ برج الدلو اليوم 4 يونيو    بمكون منزلي واحد.. تخلصي من «الزفارة» بعد غسل لحم الأضحية    رجل يخسر 40 كيلو من وزنه في 5 أشهر فقط.. ماذا فعل؟    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    "صحة المنوفية": استعدادات مكثفة لعيد الأضحى.. ومرور مفاجئ على مستشفى زاوية الناعورة المركزي    ماهر فرغلي: تنظيم الإخوان في مصر انهار بشكل كبير والدولة قضت على مكاتبهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات من الغابة
يوم أن تثاقفت الحمير..!
نشر في الأهرام اليومي يوم 25 - 09 - 2015

غابتنا كانت- عندما يكتمل القمر، فيصير بدرا كالقمر- أجمل غابات الكون، والحياة بها كالدرّ المكنون، و كانت أنهارها كالعسل، ونهارها أملا فى أمل.. وأمّا لياليها فهناء ورخاء، وسكينة وكسل. وكنت- إن تنسّمت نسيمها- شفاك النسيم من كل العلل.
وكنّا نحبها بجنون، وكلنا فى حبها، بين متيّم ومسحور ومفتون. عشقناها عشق الشجيرات للمطر، أو كعشق المجذوبين للعظات والعبر.. وغنينا لها، أغنيات لم يسمعها من قبل، أى بشر. وكان ماؤها أحلى ماء، وليس فى زرقة سمائها أى سماء. وتقول كتب التاريخ، المملوءة بالحوادث والأخبار والتواريخ، إن غابتنا- لأنها أقدم غابات الدنيا- فقد سمّاها أجدادنا» أم الدنيا».
غير أن دوام الحال من المحال.. وبين طرفة عين وانتباهتها، يبدّل الله من حال إلى حال.. وليس اليوم أبدا كالأمس.. ففى يوم لم تطلع عليه شمس.. صحونا على همهمات خبيثة وهمس.. ونظرنا فرأينا أوراق الشجر، تبكى بدموع حارة كالجمر.. والندى فوق الفروع تجمد وتحجر.. وكفّ الصفصاف عن الاستحمام فى النهر.. والطير للأعشاش هجر.. والتفتنا فإذا الغابة قد وطأها الغجر، وسادها الغبار وانتشر الضجر.. وتفشى فيها العنف والشجار، والعض والعقر والنقار.. فلما أن سألنا: ما الخبر؟ قيل لنا: غابتكم بيعت يا بشر، خلاص.. خصخصوها.. فاشتراها الضباع والمغامرون والبقر.
وبين عشية وضحاها، أحاط بالغابة الكرب فغطّاها، واستوطن الحزن صبحها ومساها، والألم بعد ذلك كساها. وامتلأت الطرقات بالروث.. وصارت الحياة عبثا فى عبث. ورأينا عمالا كالأغراب، زعيمهم غراب، يشيدون قصرا من حديد، مقرا للسيد الأسد الجديد، وسمعنا القرد الملعون، يصرخ فينا بجنون: أنا يا أوباش اسمى ميمون، وأنا مستشار الزعيم، وحامل أختام الأسد العظيم.
.. ثم فوجئنا به يقدم لنا أوراقا سودا، سمّاها « عقودا»، وطلب منّا جميعا التوقيع، وقال إنها مستندات للبيع، فلما أن سألنا عن الثمن، أجاب القرد النتن: بقاؤكم أحياء- يا جرابيع- هو الثمن.. فاندفعنا خائفين كالبلهاء، وبصمنا كلنا فى غباء، ولم نكن ساعتها ندرى، أننا- دون أن ندرى- كنا نسلم للسيد أعناقنا، ونبيع له دماءنا .
وبعد أن كنا فى الزمن الجميل، نأكل من العشب والنجيل، حتى نكتفى ونشبع، ونكتب الأشعار فنبدع، إذا بالمليك الأسد، سيد البلد، يصدر فرمانه الشهير، الذى أقنعه بإصداره القرد المكير؛ بأن كل الحيوانات، ستصرف لها بطاقات، يحدد فيها عدد الوجبات والطقّات، وذلك حفاظا على الموارد، الصادر منها والوارد.
وكان فى غابتنا حمار عبيط، يحمل أسفاره وكتبه فى غبيط، ويدمن حش القرنبيط، وترديد الكلام الكبير على مسامعنا فى الغيط. وقد قام المهفوف، فسمّى نفسه البيه الفيلسوف. ولأن معظم الحيوانات آنئذ عانت من البطالة، بعد أن طردت من المصانع الناس الشغّالة، فقد أصبحنا عالة تنفق على عالة، ولم يعد أمامنا إلّا الثرثرة الفارغة والقوالة. وهكذا اعتدنا التحلق حول الحمار الشايب العايب، لسماع ما يصدر عنه من سوالف ولطائف وعجائب. وهو بدوره، ودون حياء أو تعفف، أقنعنا بأنه- قال إيه- مثقّف، وارتدى النظارات فوق عينيه، وحشر السيجار بين شفتيه، وصار يشرب القهوة بدون سكّر، خشية أن يرتفع عنده السكّر!
فلما تفشى الجوع بيننا والعطش، وطفش من الغابة من طفش، هزّ لنا الفيلسوف رأسه فى وقار، وهتف فينا دون اعتذار: إن مشكلتكم يا شطّار، أن أجسامكم التخينة، فوقها رأس حمار. ونسى المأفون أنه مثلنا؛ حمار وحفيد حمار. ولما أن سمع الفيلسوف ذو النهقة، بإتمام الصفقة، وبالبيع الذى تم بلا عدل ولا شفقة، ابتسم فى وجوهنا باستهزاء، وسألنا فى استياء: وأين كنتم يا أصحاب الأرض، عندما نهبوا الثروات وانتهكوا العرض؟ هيا هيا جاتكوا ألف نيلة.. فليس للساكت عن حقه أى عذر أو حيلة.
وما إن أتم صاحب الحافر، كلامه الخطير المغامر، إذا بالسماء تملؤها الغيوم، وبالغيط يكتظ بجند الروم، ينهالون فوق رءوسنا بالعصى والشوم، و عندئذ وقف القرد ميمون، يسألنا بصوت رخيم حنون: من منكم يا زبالة الزبالة، يصدق كلام هذا الحمار الحثالة؟ ألا تعلم منّك له يا شاطر، أن من يصدق حمارا، هو كافر وأبوه كافر؟ فصرخنا كلنا فى صوت واحد مهول: لا والله يا عمنا بهلول.. نحن لا نعرف أبدا هذا المخبول.. الذى أغرقنا فى كلامه المعسول.. ونحن والله أبرياء من دمه، ومستعدون أن نحشر أحذيتنا حالا فى فمه.
.. هنالك رأينا الحرس، يعلقون فى عنق الحمار الجرس، ويقتادونه كالبهيمة إلى ظلمة الحبس، وساعتها أصابنا كلنا داء الخرس، فلم يخرج من واحد منّا أى همس أو نفس!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.