عيد الأضحى هو طاعة وعبادة وذكر لله تعالى, وتآلف وتعاطف بين جميع المسلمين، سواء من كانوا يؤدون فريضة الحج, أو من كانوا فى أوطانهم, وفيه من العطاء المتبادل بين المسلمين, والألفة والمودة والتعاطف ما فيه مما يستوجب على كل أفراد الأمة الإسلامية أن يقدروا عظمة هذا اليوم, وما فيه من حرمة ومنزلة, ومن مودة ووفاق, فيكون هذا اليوم الكريم دعوة حق ونداء صدق لوحدة المسلمين ونبذ الفرقة بينهم, وأن يثوب الجميع إلى رشدهم, وأن يتوبوا إلى ربهم, وأن يكونوا متحدين كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا، حتى تنهض الأمة من كبوتها وتعود لها الريادة كما كانت. ويقول الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء، ونحن نتنسم عبير الاحتفال بعيد الأضحى المبارك، علينا أن نتذكر أن الأعياد فى الإسلام لها منزلة كريمة, وأهمية عظيمة حيث تمثل فواصل زمنية بين العبادات, وتعمل على تصفية القلوب, ونقاء الضمائر, وانتشار الألفة والمحبة بين الناس، وتتجلى إشراقاتها على المسلمين فإذا بهم يزدادون حبا ومودة, ويتم التواصى بينهم وبين أرحامهم, ويألفون ويؤلفون، مشيرا إلى أن عيد الأضحى يأتى مع عبادة الحج إلى بيت الله الحرام, فيكبر الناس ربهم على ما هداهم إليه من ذكره وعبادته وطاعته، مطالبا باستثمار الأجواء الإيمانية التى تصاحب عيد الأضحى المبارك، داعيا الحكومات والشعوب والأفراد والمجتمعات الإسلامية، إلى تضافر الجهود ووحدة الصف، ودعم التعاون والتكافل الاجتماعي، ونبذ الفرقة والتشرذم فيما بينها، حتى تستطيع مواجهة التحديات التى تعرقل مسيرة التقدم وتحقيق التنمية والرخاء. وحول مشروعية الأعياد فى الإسلام، أشار إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قدم إلى المدينةالمنورة وجدهم يلعبون فى يومين فسألهم فقالوا: يومان كنا نلعب فيهما فى الجاهلية, فقال: «إن الله تعالى أبدلكم بهما يومين خيرا منهما هما يوم الفطر, ويوم الأضحى»، موضحا أن على المسلم أمورا يجب عليه أن يفعلها فى العيد ولا يضيعها حتى يأخذ ثوابها من ربه، من هذه الأمور، التكبير وصلاة العيد، و أن يذبح من كان قادرا أضحيته ويبعث بها إلى الأهل والفقراء والمحتاجين, وهذه الأضحية يغفر الله تعالى ذنوب صاحبها عند أول قطرة من دمائها، موضحا أن الأضحية سنة مؤكدة, إحياء لذكرى فداء سيدنا إسماعيل عليه السلام, وفى الوقت نفسه إطعام للفقراء والمحتاجين, وتوسعة على الأهل, وعلى العباد. مضاعفة الثواب وأوضح أن عيد الأضحى يأتى عاشر يوم من أيام ذى الحجة, وهو شهر من الأشهر الحرم التى يحرم فيها القتال, وجعل الإسلام للأيام العشرة الأولى من شهر ذى الحجة مكانة عظيمة, وضاعف فيها ثواب العبادات, فلا يوجد عمل فى أيام أخرى أفضل من هذه العشرة, وهذه الأيام المباركة يتفق فيها عامة المسلمين مع ضيوف الرحمن الذين يؤدون فريضة الحج, ونلاحظ التوافق والتوازن بين عبادات الحجاج فى الأراضى المقدسة، وعبادات غيرهم فى بلادهم, فإذا كان الحجاج يقفون على عرفات وليس لهم أن يصوموا, ليتفرغوا للذكر والتلبية والدعاء, فإن غيرهم من القادرين المقيمين فى أوطانهم يصومون يوم عرفة, وهو فى حقهم سنة, ولصيامه فضل كبير، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التى قبله والسنة التى بعده»، وأيضا إذا كان ضيوف الرحمن يذبحون هديهم, فإن إخوانهم فى بلادهم يذبحون أضحيتهم, وإذا كان الحجاج يلبون, فإخوانهم فى أوطانهم يكبرون. هدف واحد ويقول الدكتور مختار مرزوق عبد الرحيم عميد كلية أصول الدين جامعة الأزهر بأسيوط، ان على المسلم فى عيد الأضحى ان يكون ملازما للتكبير والتهليل لله عز وجل، كما ورد ذلك عن النبى صلى الله عليه وسلم، منذ يوم عرفة، فاذا جاء العيد ادى صلاة العيد، ثم بعد ذلك ينحر أضحيته، إتباعا لهدى النبى صلى الله عليه وسلم، وتنفيذا لأمر المولى عز وجل، حيث قال فى محكم آياته «إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبتر»، ثم بعد ذلك يذهب ليوزع أضحيته على الفقراء والمساكين ويهدى من يشاء لأقاربه وأصدقائه، وله ان يأكل منها هو وأهله، وليشهد أعمال الذبح، بحيث يكون توزيع الأضحية تأكيدا وتوثيقا للروابط الاجتماعية والإنسانية بين جميع المسلمين، والمسلمون جميعا مشتركون فى شعائر العيد من تكبير وتهليل وذبح للأضحية، يعلنون هدفا واحدا والتزاما بمسلك واحد يحقق الخير والازدهار والاستقرار لجميع أفراد الأمة الإسلامية. وأشار إلى أن من الواجب على المسلم فى هذا اليوم المبارك من ايام العيد، ان يكثر من الزيارة والمودة لأقاربه ومعارفه وجيرانه، وليبدأ ببره لوالديه وإدخال الفرح والسرور عليهما، ثم بعد ذلك إخوته ومن يستطيع ان يوده ولو بالاتصال هاتفيا، وذلك لتوثيق عرى المحبة بين المسلمين جميعا، حتى يعرض المسلم نفسه لحب ورضا ومرضاة ورحمة الله تعالى عز وجل التى هى اسمى وأفضل الغايات والجوائز، موضحا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فى أحاديث كثيرة متعددة، أن كمال الإيمان فى الحب لله وفى البغض لله، وليس على حسب الهوى، فمقاييس الإسلام فى ذلك انك لا تبغض إنسانا لذاته، ولكن عندما يرتكب عدوانا او انحرافا، فانك تبغض فيه هذا العدوان. وطالب بضرورة البعد عن كل صور ومظاهر الإسراف فى العيد، سواء فى المأكل او المشرب أو المظهر، قال تعالى: «يابَنِى آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ»، وقال فى موضع آخر «إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا»، موضحا أن هذا الإسراف من المحظورات التى حظرها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فليبتعد عنها كل مسلم ومسلمة، وليعلم ان ما يستهلكه فى الإسراف يحرم منه أناس آخرون، ويكون هو سببا فى ذلك. وأكد أن العيد فى الإسلام خاصة عيد الأضحى المبارك- فرصة عظيمة للتزاور واجتماع أفراد الأسرة لتبادل التهانى والتجمع حول مائدة الطعام فى فرحة وود وبشاشة من الجميع نادرا ما تحدث فى أى يوم من أيام السنة، مشيرا إلى أن هذه الفرصة يجب اغتنامها فى تصفية المشكلات العالقة فى نفوس وقلوب أفراد العائلة، على أن تتم فى جو من الحوار الأسرى الهادئ الهادف، حتى لا تنقلب إلى خلافات تؤدى إلى زيادة المشكلة وتفاقمها وتعكر صفو الجو، كما نرى ونسمع ونشاهد كثيرا ما تحدث مثل هذه المشكلات فى الأعياد.