أيام قليلة ويهل علينا عيد الأضحي المبارك, أحد العيدين اللذين امتن الله سبحانه وتعالي بهما علي امة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم, ولعيد الأضحي شعائر وأفعال يجب علي كل مسلم ومسلمة أن يتبعها حتي لا يقع في شئ قد يعتقد بصحته وهو خطأ يأثم علي فعله. يقول الدكتور إسماعيل الدفتار عضو هيئة كبار العلماء وأستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر, إن العيد في الإسلام توجيه ديني, وله شعائر ينبغي أن يلتزم بها المسلمون كافة, من هذه الشعائر, خاصة في عيد الأضحي المبارك الذي نعيش في أنواره ونفحاته هذه الأيام, أن يعد المسلم أضحيته التي هي سنة مؤكدة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم لمن يستطيع, وان يكون ملازما للتكبير والتهليل لله عز وجل, كما ورد ذلك عن النبي صلي الله عليه وسلم, منذ يوم عرفة, فإذا جاء العيد أدي صلاة العيد, ثم بعد ذلك ينحر أضحيته, إتباعا لهدي النبي صلي الله عليه وسلم, وتنفيذا لأمر المولي عز وجل, حيث قال في محكم آياتهإنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وأنحر إن شانئك هو الأبتر,سورة الكوثر ثم بعد ذلك يذهب ليوزع أضحيته علي الفقراء والمساكين ويهدي من يشاء لأقاربه وأصدقائه, وله أن يأكل منها هو وأهله, وليشهد أعمال الذبح, بحيث يكون توزيع الأضحية تأكيدا وتوثيقا للروابط الاجتماعية والإنسانية بين جميع المسلمين, والمسلمون جميعا مشتركون في شعائر العيد من تكبير وتهليل وذبح للأضحية, يعلنون هدفا واحدا والتزاما بمسلك واحد يحقق الخير والازدهار والاستقرار لجميع أفراد الأمة الإسلامية. صلة الأرحام وأشار الدكتور إسماعيل الدفتار إلي أن من الواجب علي المسلم في هذا اليوم المبارك من أيام العيد, ان يكثر من الزيارة والمودة لأقاربه ومعارفه وجيرانه, وليبدأ ببره لوالديه وإدخال الفرح والسرور عليهما, ثم بعد ذلك إخوته ومن يستطيع أن يوده ولو بالاتصال هاتفيا, وذلك لتوثيق عري المحبة بين المسلمين جميعا, حتي يعرض المسلم نفسه لحب ورضا ومرضاة ورحمة الله تعالي عز وجل التي هي اسمي وأفضل الغايات والجوائز, موضحا أن رسول الله صلي الله عليه وسلم ذكر في أحاديث كثيرة متعددة, أن كمال الإيمان في الحب لله وفي البغض لله, وليس علي حسب الهوي, فمقاييس الإسلام في ذلك انك لا تبغض إنسانا لذاته, ولكن عندما يرتكب عدوانا أو انحرافا, فانك تبغض فيه هذا العدوان, وكثير من صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم قد صرحوا بذلك في أقوال متنوعة. البعد عن الإسراف وشدد علي ضرورة البعد عن كل صور ومظاهر الإسراف في العيد, سواء في المأكل أو المشرب أو المظهر, قال تعالي:( يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين), وقال في موضع آخر(إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا) الإسراء آية27, وأوضح أن هذا الإسراف من المحظورات التي حظرها كتاب الله تعالي وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم, فليبتعد عنها كل مسلم ومسلمة, وليعلم ان ما يستهلكه في الإسراف يحرم منه أناس آخرون, ويكون هو سببا في ذلك, وكما يقال في المثل العامي( اللقمة الزائدة ليس فيها فائدة) وإنما تكون فيها فائدة إذا صارت عونا ومساعدة لمن يبحث عنها. الحوار الأسري وفي سياق متصل, يؤكد الدكتور عبد الغفار هلال, الأستاذ بجامعة الأزهر, أن عيد الأضحي المبارك, فرصة عظيمة للتزاور واجتماع أفراد الأسرة لتبادل التهاني والتجمع حول مائدة الطعام في فرحة وود وبشاشة من الجميع نادرا ما تحدث في أي يوم من أيام السنة, مشيرا إلي أن هذه الفرصة يجب اغتنامها في تصفية المشكلات العالقة في نفوس وقلوب أفراد العائلة, علي أن تتم في جو من الحوار الأسري الهادئ الهادف, حتي لا تنقلب إلي خلافات تؤدي إلي زيادة المشكلة وتفاقمها وتعكر صفو الجو, كما نري ونسمع ونشاهد كثيرا ما تحدث مثل هذه المشكلات في الأعياد. وأكد ضرورة ألا ينسي الإنسان المسلم حقوق أسرته التي هو مسئول عنها ومنتسب إليها, وتتمثل هذه الحقوق في حسن معاملة الزوجة والأولاد ورعايتهم رعاية كاملة صحيحة, والتوسعة عليهم في هذه الأيام المباركة, وفي صلة الأرحام القريبة والبعيدة, مشددا علي ضرورة أن يكون الإنسان المسلم سباقا من تلقاء نفسه لإزالة اي احتقان مع الجميع, بحيث نصل إلي مرحلة التوجيه النبوي الشريف الذي ينص علي ان المجتمع المسلم لابد أن يزيل كل الأسباب التي تؤدي إلي التقاطع والتدابر والتناحر والتحاسد والبغضاء والشحناء من النفوس, وينبغي أن يكون العفو والتسامح الصفح الجميل وجميع الصفات الحميدة التي حثنا عليها ديننا الحنيف, منهجا في التعامل بين الناس, كما ينبغي ان تكون المعاونة والمسارعة إلي قضاء حاجات الناس صفة دائما بين الجميع, علي ان يغلب المسلمون صفة الإشفاق والتراحم والتعاطف والتواصل بينهم, قال صلي الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر الحمي), وفي العيد يستطيع أن يحقق المسلمون وحدتهم من خلال نبذ الشقاق والفرقة التي ضربت وحدتهم وأدت إلي ضعفهم وهوانهم علي الناس.