نقابة المهندسين بالغربية تنظم مهرجانا شعريا وأمسية ثقافية (صور)    توافق مصري كيني على أهمية الممر الملاحي «فيكتوريا - البحر المتوسط»    رفع الحد الأدنى لأجور الصحفيين والإداريين بمجلة العمل إلى 6000 جنيه    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الجمعة في الأسواق (موقع رسمي)    «إن فاتك الميرى أنت الكسبان» تسلح ب«ريادة الأعمال»    وكيل بحوث القطن: طفرة في المساحات المزروعة هذا العام بزيادة 46%    حملات توعية لترشيد استهلاك المياه في قرى «حياة كريمة» بالشرقية    إسرائيل تمنع قنصلية إسبانيا من تقديم خدماتها للفلسطينيين    العدل الدولية تبت اليوم في طلب جنوب أفريقيا لانسحاب إسرائيل من رفح    سامح شكري يتوجه إلى باريس لبحث وقف إطلاق النار في غزة    فيتنام: مقتل 14 شخصا وإصابة 3 جراء حريق في هانوي    إعلام فلسطيني: 5 شهداء وعدة مصابين بقصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا بحي الفاخورة    أمريكا تفرض قيودا على إصدار تأشيرات لأفراد من جورجيا بعد قانون النفوذ الأجنبي    مدرب الترجي يشحن لاعبيه: سنعود بدوري أبطال أفريقيا من القاهرة    الزمالك يرحب بعودة بن شرقي ل3 أسباب.. وعائق وحيد أمام الثنائي    طقس اليوم: انخفاض بدرجات الحرارة.. وعظمى القاهرة 34    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية في محافظة الدقهلية 2024    النشرة المرورية.. سيولة وانتظام حركة السيارات في القاهرة والجيزة    استدعاء أسرة صاحب مركز صيانة سيارات تخلص من حياته بالمعصرة    17 رسالة من «التربية والتعليم» لطمأنة الطلاب    434 طالبا.. إدارة طور سيناء التعليمية تستعد لامتحانات الدبلومات الفنية ب 3 لجان    جنى تحت المياه.. استمرار أعمال البحث عن الضحية الأخيرة في حادث معدية أبو غالب    موعد ظهور نتيجة امتحانات الشهادة الإعدادية بكفر الشيخ.. رابط مباشر    هنادي مهنا تحتفل بعيد ميلاد والدها: مهما كبر سني هفضل أعيش في ضله    نقيب المحامين الفلسطينيين: دعم أمريكا لإسرائيل يعرقل أحكام القانون الدولي    عائشة بن أحمد تروي كواليس بدون سابق إنذار: قعدنا 7 ساعات في تصوير مشهد واحد    هشام ماجد: الجزء الخامس من مسلسل اللعبة في مرحلة الكتابة    الصحة تطلق 3 قوافل طبية ضمن مبادرة حياة كريمة    الصحة العالمية: شركات التبغ تستهدف جيلا جديدا بهذه الحيل    سعر اليوان الصيني بالبنك المركزي اليوم الجمعة 24 مايو 2024    «الإفتاء» توضح مناسك الحج بالتفصيل.. تبدأ بالإحرام    «الإفتاء» توضح نص دعاء السفر يوم الجمعة.. احرص على ترديده    «القاهرة الإخبارية»: أمريكا تدرس تعيين مستشار مدني لإدارة غزة بعد الحرب    حظك اليوم برج العقرب 24_5_2024 مهنيا وعاطفيا..تصل لمناصب عليا    غير مريح للبشر، اكتشاف كوكب جديد "قريب من الأرض"    مدرب الزمالك السابق.. يكشف نقاط القوة والضعف لدى الأهلي والترجي التونسي قبل نهائي دوري أبطال إفريقيا    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 24 مايو 2024    عودة الروح ل«مسار آل البيت»| مشروع تراثي سياحي يضاهي شارع المعز    أوقاف الفيوم تنظم أمسية دينية فى حب رسول الله    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    جهاد جريشة: لا يوجد ركلات جزاء للزمالك أو فيوتشر.. وأمين عمر ظهر بشكل جيد    هيثم عرابي: فيوتشر يحتاج للنجوم.. والبعض كان يريد تعثرنا    بركات: مواجهة الترجي ليست سهلة.. ونثق في بديل معلول    تمنحهم رعاية شبه أسرية| حضن كبير للأيتام في «البيوت الصغيرة»    وفد قطرى والشيخ إبراهيم العرجانى يبحثون التعاون بين شركات اتحاد القبائل ومجموعة الشيخ جاسم    متحدث الوزراء: المجلس الوطني للتعليم والابتكار سيضم رجال أعمال    سورة الكهف مكتوبة كاملة بالتشكيل |يمكنك الكتابة والقراءة    منتخب مصر يخسر من المغرب فى ربع نهائى بطولة أفريقيا للساق الواحدة    أصداء «رسالة الغفران» في لوحات عصر النهضة| «النعيم والجحيم».. رؤية المبدع المسلم وصلت أوروبا    شعبة الأدوية: التسعيرة الجبرية في مصر تعوق التصدير.. المستورد يلتزم بسعر بلد المنشأ    وفد قطري يزور اتحاد القبائل العربية لبحث التعاون المشترك    استقالة عمرو أنور من تدريب طنطا    حظك اليوم برج الجدي الجمعة 24-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    «صحة البرلمان» تكشف الهدف من قانون المنشآت الصحية    افتكروا كلامي.. خالد أبو بكر: لا حل لأي معضلة بالشرق الأوسط بدون مصر    «فيها جهاز تكييف رباني».. أستاذ أمراض صدرية يكشف مفاجأة عن أنف الإنسان (فيديو)    انتهاء فعاليات الدورة التدريبية على أعمال طب الاسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حول استقلالية البنك المركزى

يشهد المجتمع المصرى خلال الآونة الأخيرة جدالا عنيفا حول مدى استقلالية البنك المركزى ودوره فى صنع السياسة النقدية، وذلك عقب التصريحات التى ادلى بها بعض المسئولين حول سياسة سعر الصرف المستقبلية، وهو ما اثار حفيظة البنك المركزى باعتباره تدخلا من الحكومة فى شئون السياسة النقدية التى تعد الشغل الشاغل له،
ووظيفته الأساسية فى ضوء الدستور والقانون. بينما وعلى الجانب الآخر ترى الحكومة انه من الضرورى التنسيق والتعاون بين الطرفين لإنجاز المهام التنموية المنشودة للبلاد.
وهنا يشير الفكر الاقتصادى إلى أن مصداقية السياسة النقدية وبالتالى قدرتها على تحقيق استقرار طويل الأجل للأسعار، مع حد أدنى من التكاليف الاقتصادية، يتطلب بالأساس أن تكون صياغة السياسة النقدية بين أيدى مسئولين بعيدين تماما عن السياسة،بحيث يكون فى استطاعتهم النظر إلى المدى البعيد.خاصة أن سياسة سعر الصرف الحر تحتاج إلى محور ارتكاز أسمى غالبا مايتمثل فى معدل التضخم المستهدف الذى يعد البديل الأفضل فى الحالة المصرية. ويتلخص هذا النظام فى تقدير معدل متوقع للتضخم فى ضوء التطورات والتغييرات خلال الاعوام السابقة والمستجدات المحتملة على الساحة المحلية بالإضافة الى الإمكانات المتاحة لدى السلطةالنقدية وحدود أدوات السياسة المتبعة. وهكذا تستطيع السلطة النقدية عبر العديد من الأدوات التأثير فى النشاط الاقتصادى لتحقيق معدل تضخم معين. ونظرا لان هذا الهدف لا يتحقق إلا بعد فترة زمنية تستغرق عاما على الأقل، وذلك بسبب طبيعة الاقتصاد ومرونة الأسعار وسرعة تداول السلع. فإن السلطة النقدية عادة ما تعتمد على أهداف وسيطة ترتبط ارتباطا وثيقا بهذا الهدف للاطمئنان على السير فى الطريق الصحيح..
كل هذه الأمور تتطلب بالضرورة تفعيل دور البنك المركزى لكى يدير تحركات أسعار الصرف وفقا للأهداف الموضوعة للسياسة الاقتصادية للدولة.بحيث يصبح الهدف الأساسى للسياسة النقدية هو الحفاظ على استقرار معقول للأسعار. نظرا لأن أفضل إسهام للسياسة النقدية هو مساندة أفضل مسارات النمو قابلية للاستمرار بالنسبة للإنتاج والعمالة وكذلك الحد من التقلبات الدورية حول مسارات النمو فى ظل انفتاح الاقتصاد، وما ينطوى عليه من تدفقات حرة لرءوس الأموال ومرونة أسعار الصرف، وهنايأتى دور البنك المركزى الذى عليه أن يدير تحركات سعر الصرف بما يضمن تنظيم السوق والسيطرة عليها مما يمكن سعر الصرف من أداء الوظائف المنوط بها، وهذا مالم يحدث فى معظم الأزمات التى جرت أخيرا، إذ نلحظ أنه غالبا ما يتدخل متأخرا كثيرا عن التوقيت السليم. وبالتالى يكون لتدخله أثرا عكس أى يؤدى الى تفاقم الأزمة وليس العكس. فالعبرة ليست فقط بالقرار السليم ولكن الأهم هو التوقيت. خاصة فى سوق تلعب فيه العوامل النفسية دورا كبيرا مثل سوق الصرف الأجنبي.
وهكذا اذا كان تحقيق الاستقرار الاقتصادى يترجم فى النهاية إلى هدف يرتبط بالتغيير فى الأسعار فان الآراء تتباين حول ما إذا كان من الواجب على السياسة النقدية تبنى فكرة الاستقرار الكامل للأسعار أو الالتزام بمعدل تضخم تعتبره معقولا من وجهة نظرها. وهذا هو لب الحديث عن استقلالية البنك المركزى . ويرى ستانلى فيشر ان الحجج المؤيدة لاستقلالية البنك المركزى هى حجج من يبحثون عن افضل الحلول من الدرجة الثانية . ولكن فى عالم يبحث عن افضل الحلول فانه يجب أن تكون السياستان النقدية والمالية متسقتين تماما.
فالسياسة المالية ترتبط بالسياسة النقدية تماما وذلك من خلال الدور الذى تقوم به السلطات النقدية فى تمويل عجز الموازنة العامة وعلى هذا فان العلاقة بين السياستين تنعكس فى النهاية على صافى الاقتراض الحكومى من الجهاز المصرفي. وهو ما يؤثر بدوره على السيولة المحلية والقاعدة النقدية.
وحتى الآن لم تستطع الخبرة التاريخية والدلائل التطبيقية حسم مسألة الاستقلالية اذ بينما نلاحظ ان هناك العديد من البلدان ذات البنوك المركزية المستقلة تحقق معدلات تضخم منخفضة للغاية دون ان يؤثر ذلك على النمو. فإن هناك العديد من الدول ذات التضخم المنخفض، ولكن دون بنك مركزى مستقل. الأمر الذى يدفعنا للاعتقاد بان هذه المسألة تظل رهنا بمدى وطبيعة التطور الاقتصادى بالبلاد.
من هذا المنطلق يمكننا مناقشة هذه المسألة فى ضوء الواقع المصرى المعيشي، وهنا يصبح التساؤل هو هل ينبغى أن يكون البنك المركزى مستقلا عن السلطة الحكومية ام لا؟ واذا كانت الاجابة بنعم فماهى حدود هذه الاستقلالية والتى تجعل البنك المركزى قادرا على السيطرة بعناية على السياسة النقدية بالبلاد؟ وماهى السلطات التى يجب أن تمنح له والمسئوليات التى يجب أن يضطلع بها؟
توجد عدة جوانب لمفهوم الاستقلالية سياسيا وقانونيا ووظيفيا. وهى أمور يجب دراستها وحلها بالطريقة التى تجعله يمارس سلطاته دون تدخل من أحد وهذه المسألة تتطلب ألا يطلب ولا يتلقى تعليمات من الحكومة أو أى مؤسسات أخري. وثانيا: أن يكون البنك المركزى مستقلا وظيفيا بمعنى أن توضع تحت تصرفه الأدوات اللازمة لممارسة السياسة النقدية بطريقة فعالة. وثالثا: يجب أن يكون صانعو القرار فى البنك المركزى مستقلين تماما. وهذه المشكلات الثلاث توضح لنا مدى التشابك والتعقيد فى هذه العملية لأن أى بنك مركزى لايمكن أن يكون مستقلا عن الحكومة بصورة كاملة. إذ توجدالعديد من قنوات التأثير (رسمية وغير رسمية) يمكن للحكومة التأثير من خلالها على السياسة النقدية ياتى على رأسها السياسة المالية وخاصة الضريبية.
والمسألة الثانية ترتبط بالعلاقة بين البنك المركزى والوزارات المعنية الأخري، سواء نتيجة للوضع التشريعى أو من حيث الممارسة. إذ ان تبعية السلطة النقدية للسلطة المالية، على سبيل المثال ، تؤدى الى تسخير الاولى كاداة لتمويل عجز الموازنة الحكومية او التوسع المالي.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن هناك العديد من المعايير للحكم على مدى استقلالية البنك المركزى من الناحية القانونية من حيث المهام الرسمية للبنك المركزى والجهة التى تتولى مساءلة ومحاسبة المسئولين وتعيين المحافظ وأعضاء مجلس الإدارة ومدة عملهم، وهى المسألة التى حسمها الدستور المصرى تماما وأعطى الاستقلالية المطلقة للبنك المركزي.
ثانيا من الناحية الاقتصادية القدرة على اختيار أدوات السياسة النقدية وحدود تمويل الحكومة وأوضاع الدين العام الحكومى وسعر الخصم ونسبة الاحتياطى القانوني.
وعلى الرغم من إن الظروف الحالية فى المجتمع المصرى تحتاج إلى الفصل التام بين السياسة النقدية والمالية وبالتالى تدعيم سلطات البنك المركزى وضمان استقلاليته عن السلطات الأخرى فى الدولة. ووضع الآليات والوسائل التى تحقق الشفافية الكاملة فى أعماله،فإن ذلك لابد ان يتم فى اطار من التنسيق مع الحكومة، وهو ماحرص عليه قانون البنك المركزى فى انشاءالمجلس التنسيقى لهذا الغرض، وبما يضمن تنسيق السياسات الكلية للاقتصاد القومى وفى إطار رؤية متكاملة للسياسة النقدية بالتنسيق مع السياسة المالية وهو الأمر الذى من شأنه تحقيق الاستقرار المنشود. إذ إن طبيعة تحديات التنمية والتشغيل التى تواجه الاقتصاد القومى فى المرحلة الحالية تتطلب علاقة بين كل من الحكومة والبنك المركزى تقوم على أساس من الشراكة فى تحديد أهداف السياسات، وكلها أمور تتطلب سرعة تفعيل المجلس التنسيقى وإعادة النظر فى تشكيلته الحالية لجعله أكثر قدرة على تحقيق هذا الهدف الضرورى والحيوى للاقتصاد القومي.
لمزيد من مقالات عبد الفتاح الجبالي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.