اعتادت عناصر الجماعات الإرهابية ممارسة إرهابهم البغيض في مواسم الأعياد والأيام المباركة، يعتقدون أن الله سيجازيهم خيراً علي جرائمهم النكراء التي تستهدف رجال الشرطة فى أثناء تأدية واجبهم الوطني، ولا يعلمون أن الدين منهم براء. فهناك من يحتفلون بالعيد ويذهبون لقضاء إجازات العيد أمام الشواطئ وبين الأهل والأحباء كل في بلدته أو بيت العائلة، وفي تلك اللحظة نجد من يحرس الحدود ومن يؤدي واجبه الوطني ويسقط شهيداً أو جريحاً من أجل أن يعيش الباقون ، فتتحول احتفالات وأعياد ومناسبات وأيام وشهور بل سنوات أسر هؤلاء الأبطال إلي مآتم وأحزان لا تنتهي ولا يعلم مداها سوي الله ، فأمن الوطن واستقراره رسالة تسجلها تضحيات رجال الشرطة والقوات المسلحة الأوفياء الذين عاهدوا الله علي حملها وقصدوا سبيلها. مشهد مؤلم وصعب أن يتحول عيد الأضحي الذي سيأتي بعد أيام معدودات إلي مأتم بالنسبة لأسر مصرية كثيرة، ما اقترفت من ذنب سوي أن عائلها كان يعمل ضابط شرطة ضحي بذاته في سبيل الوطن، وكان آخر تلك الأسر وربما لم تكن الأخيرة، أسرة الشهيد اللواء خالد كمال عثمان، مشرف الخدمات الأمنية بدائرة قسم أول العريش، الذي استشهد إثر قيام مجهولين مساء الأربعاء الماضي بإطلاق الأعيرة النارية تجاه أحد التمركزات الأمنية بميدان النصر بدائرة قسم شرطة ثاني العريش، وكانوا يستقلون سيارة بيضاء اللون وقاموا بإطلاق الأعيرة النارية تجاه أحد التمركزات الأمنية التي كان يتفقدها، مما أسفر عنه إصابة اللواء خالد عثمان بطلق ناري استشهد علي أثره، وقامت القوات بالتصدي لهم وبادلتهم الأعيرة النارية مما دفع الجناة للهرب. وجع قلوب أمهات ثكالي، وآلام لا تبارح أرواحهن ولا أجسادهن,وضباط وأفراد الشرطة يتساقطون فرادي وجماعات، تاركين وراءهم قلوب أمهات وزوجات ثكالي يشعلها الغضب ووجع الفراق وقسوة الرحيل, وصغاًرا حرموا من آبائهم كما حرموا في وطنهم من الشعور بالأمان, فمن منهم يشعر بأمنه وأمانه بينما يري جثامين الشهداء أمام أعينهم تشيع لمثواهم الأخير، من منهم يشعر بأمان حينما يري رب البيت وحاميه, يغادر عالمه برصاصات غادرة وبيد إرهابية آثمة، فأي أمان ينتظر هؤلاء الصغار، وما زالت الدماء تنزف علي أيدي الجماعات الإرهابية, فأي أمان والأحزان تفيض بلا توقف؟. من منا يتحمل مشهد طفلين في عمر الزهور هما أحمد وملك أبنا الشهيد اللواء خالد كمال عثمان، وهما يتقدمان جنازة والدهما وهما يرتديان الأسود بمسجد أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة بحضور العديد من قيادات وضباط وزارة الداخلية وأهالي وزملاء الشهيد، يرتدون الأسود الذي تشابه مع رداء العديد من أمهات الشهداء, أي ذنب اقترفته تلك الزهور التي لما تتفتح أعمارها بعد أن وأدت فرحتهما الصغيرة يد الإرهاب الغاشم، كيف سيتحملون فراق أبيهم كيف لمن في أعمارهما أن يتحمل هذا السواد؟!. كما اتشح المئات من أهالي قرية المنشلين، التابعة لمركز قلين بكفر الشيخ، بالسواد، فى أثناء انتظارهم وصول جثمان اللواء خالد كمال عثمان مسقط رأس فقيد الشرطة، وأقيمت للشهيد جنازة عسكرية مهيبة بعد أن وصل جثمان الفقيد ملفوفاً بعلم مصر، إلي مسجد قرية المنشلين لإقامة صلاة الجنازة علي روحه، ثم نقل الجثمان بواسطة سيارة من الحماية المدنية، وسط هتافات الأهالي المنددة بالإرهاب، والمطالبة بالقصاص، ليواري جثمان الفقيد الشهيد الثري بمقابر أسرته بكفر الشيخ. سواد فوق الجسد, وسواد بفعل الحزن يملأ القلب.. وأعين أغرقتها الدموع.. وآلام تنخر في عظام وأوردة أمهات وآباء وأبناء وزوجات يعانون قسوة رحيل مفجع, رحيل لا تهون آلامه إلا أنه جاء في سبيل الواجب والوطن.