لم يعد مقبولاً أن تبقى الحدود بين دولتين عربيتين شقيقتين مغلقة لمدة 21 عاماً .! الدولتان هما المغرب والجزائر .. حدث ذلك منذ أن قررت المغرب من جانب واحد عام 1994 فرض تأشيرة دخول على الرعايا الجزائريين عقب عملية إرهابية شهدها المغرب واتَّهمت جزائريين بالتورط فيها ، وردت الجزائر بإغلاق بوابة الحدود الوحيدة بين الدولتين فنتج عن ذلك وضع غير طبيعي لم تشهده المنطقة من قبل ولا يرقى لمستوى تطلع الشعبين وقد تسبب هذا الإغلاق في الكثير من الخسائر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية أيضاً نظراً لوجود حالات قرابة لا تنفصم ومصاهرة بين مليوني جزائري ومغربي . ولم يكن قرار الرباط ورد الجزائر عليه هو السبب الوحيد في إتباع سياسة إغلاق الحدود التي فشلت كل المساعي العربية والإقليمية والأممية في إعادة فتحها ، فقضية الصحراء الغربية بقيت وستبقى من أهم أسباب التوتر في العلاقات السياسية بين البلدين إن لم تكن قابلة للتصعيد ما بقيت مشكلة الصحراء كغيرها من مشكلات الحدود العربية التي يحرص بعض القادة العرب على الإبقاء عليها دون حل وقابلة للاشتعال ، خاصة إذا أراد أحد الأطراف استخدامها فرصة لحل مشكلاته الداخلية بتصديرها للخارج أو شغل شعبه عن القضايا الأساسية أو كسب الأصوات الانتخابية أو وسيلة ضغط سياسية إذا لزم الأمر أو تعارضت المصالح . ويعتبر النزاع الجزائري المغربي من أطول النزاعات تاريخاً وأكثرها حساسية وتعقيداً ، وكان من بين ضحاياه الاتحاد المغاربي الذي تأسس عام 1989 ليضم دوله الخمس : المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا والذي دخل بسبب هذا النزاع غرفة الإنعاش وعانى حالة من الموت السريري لم يفق منها حتى الآن بعد رفع أنشطة مؤسساته من الخدمة عام 1994 ، عندما طلب المغرب رسمياً تجميد عمله ومؤسساته بسبب نزاعه مع الجزائر بشأن الصحراء وهو الأمر الذي حرم بلدان المغرب العربي الخمس وشعوبها من تحقيق ما كانت تتمناه من وجودها في اتحاد قوي يعطيها دفعة اقتصادية وسياسية وثقافية مهمة في زمن لا مكان فيه إلا للأقوياء والتكتلات الاقتصادية والسياسية .إلا أن سياسة استمرار إغلاق الحدود بين البلدين كانت موضع رفض شعبي مغربي وجزائري أيضاً خلال هذا الصيف ، عبر عنه عشرات المطربين الجزائريين خلال مهرجانات الطرب والغناء التي أقيمت في عدد من المدن المغربية ، كما عبر عن هذا الرفض عشرات المطربين المغاربة في مهرجانات للطرب والغناء التي أقيمت أيضاً في عدد من المدن الجزائرية ، حيث طلب هؤلاء الفنانون خلال أغانيهم الوطنية التي قدموها إعادة فتح الحدود بين البلدين ورفض الحواجز التي يفرضها الساسة دائماً وليس الشعوب تحقيقاً لسياساتهم وأغراضهم. كما رفع هؤلاء الفنانون علمي المغرب والجزائر وتدثروا بهما في أثناء حفلاتهم التي أقامها كل منهم في البلد الآخر ، بل إن بعض هؤلاء الفنانين شكلوا فيما بينهم « دويتو « مغربي جزائري وقدموا أغنيات وطنية تطالب بإعادة فتح الحدود المغلقة منذ 21 عاماً ، وقد لقي ذلك سواء من جماهير المغرب أو جماهير الجزائر إقبالاً كبيراً واعتبروه نوعاً من الدبلوماسية الفنية الثقافية البينية التي أحسن توظيفها من أجل الإسراع في تلبية مطلبهم الشعبي بإعادة فتح الحدود انطلاقا من أن : «الحدود المستقرة تنمية مستدامة ومستمرة « لكل الجزائريين والمغاربة وكأن لسان حالهم يقول : «يحيا الفن الذي يجمعهم وتسقط السياسة التي تفرقهم « . لمزيد من مقالات فرحات حسام الدين