جمعتنى الصدفة بسيدة يعانى ابنها من إعاقة عقلية وأثناء حوارنا جاءني سؤالها يحمل من المرارة الكثير (عايزة تغيرى نظرة المجتمع للمعاق؟ إحنا آخرنا نلاقى عطفهم) صدمنى ما قالته السيدة وأوجعتني حالة التماهى بينها وبين ابنها بقولها «إحنا» وكأنها أصيبت بالإعاقة تزامنا مع إصابته تعانى ما يعانيه. حكت لى إنها ما إن تخرج به حتى تحاول أن تختبئ من أعين المارة وكأنها تعتذر عن ذنب لم ترتكبه نظراتهم تتأرجح بين السخرية منه والشفقة عليه أو الخوف منه. تنطلق تساؤلاتهم تخترق قلبها بلا رحمة .. تنتهى التساؤلات بمصمصات الشفايف كسكين يجرح ولا يميت. تكمل السيدة، أعود لأجد زوجا بات صنما من الحزن يقتلنى صمته، نظراته تلومنى أو ربما يلوم نفسه ويلوذ بالصمت، ليتنى أستطيع أن أشاركه صمته أو يشاركنى صراخى، دون أن أشعر أجدنى عاجزة مثله, يسرقنى الأمل عندما يبتسم عله يتجاوب معى يوما ما. مع الوقت بت أشعر أن ابتسامته فى وجهى هى رسالة الله كى لا يأكل اليأس قلبى، أفيق على كارثة فى منزلى هى شعور أخوته بالخزى والعار كونهم ينتمون لأسرة بها فرد معاق، يرفض أخوه أن يأخذه إلى أى مكان هو لا يحتمل سخرية أصدقائه أو حتى نظرات العطف عليه والابنة ترفض أن يظهر أمام خطيبها تخشى أن يرحل ذلك الخطيب. أغوص فى دوامة العمل كبقرة أعماها الحزن فى ساقية الواجبات المنزلية أكره نفسى عندما يهزمنى النوم، وكأننى تخليت عن أمومتى، يعلم الله وحده إنه لا طائلة لنا بجليسة تأخذ راتبنا أنا وزوجى. الآن يكبر.. ينمو شاربه فى وجهه، الوهن يدب فى عظامى والحزن أكل زوجى يرفض كلانا أن نضعه فى مدرسة داخلية ليصبح عرضة للاستغلال الجنسى أو الإهانة على أفضل الفروض، قتلتنى كلماتها، جعلتنى أتذكر كم كنت عبئا على أمى رحمها الله دون أن تشعرنى يوما بهذا، وجعلتنى أتساءل، هل شعر أفراد أسرتى بالعار يوما دون أن أدرى؟ كل ما أدركه إنه حان الوقت ليقول الجميع.. آسف أقولها لتلك الأم ومثيلاتها .. أقولها لكل معاق، أقولها إلى نفسى إلى روح أمى .. آسفة