ذكر احد السلف الصالحين إني لأعصي الله فأري ذلك في خلق امرأتي ودابتي وقسوة أبنائي، ويقول ابن القيم للمعاصي كثير من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله. فكثرة المعاصي تميت القلوب وتسود منها الوجوه وهي تقصف الأعمار وتجعل الحياة ظلاما دامسا ولا يختلف اثنان على ان المعصية تجلب الهم والغم، وتولد الشقاء والتعاسة وتجعل في الوجه سوادا وفي القلوب قسوة وغلظة وتتبدل بها السعادة إلي شقاء والحب إلي كراهية وغباء.
ان للذنوب والمعاصي وحشة وخوفا يجعله الله في قلب العاصي فتحيل بينه وبين أي لذة يشعر بها غيره من المؤمنين، ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لا تساوي اسوداد قلبه وانعدام بصره وبصيرته، وهذا أمر لا يحس به إلا من في قلبه حياة، والحياة هي الإيمان بالله والبعد عن عصيانه واجتناب الذنوب بإتيان ما أمرنا الله به وابتعادنا عن ما نهي عنه.
أما من يترك الذنوب إلا حذرا من وقوع تلك الوحشة والظلمة في قلبه وكذلك الوحشة التي تحصل بينه وبين البشر ولاسيما أهل الخير باعدته تلك الوحشة عنهم وعن مجالستهم وحرم بركة الانتفاع بهم وأصبح قريبا من حزب الشيطان، وابتعد كثيرا عن حزب الله " استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا ان حزب الشيطان هم الخاسرون ".
وتمتد المعاصي وآثارها السيئة حتى تصل إلي أهله وناسه فيشعر بالوحدة وسط أهله حتي ينبذونه عنهم وعن مجالسهم، وكذلك أهل بيته "الم تر إلي الذين تولوا قوما غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون ، اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين".
المولي عز وجل دائما ما يعسر للمذنبين أمورهم فلا يتوجه العاصي إلي قضاء أمر ما إلا ويجده متعسرا والأبواب موصدة أمامه، والأمر مختلف تماما للمؤمنين الذين يراعون الله دائما فييسر لهم الله أمورهم ولا يتوجه المؤمن لقضاء أمر ما إلا يسره الله له ويفتح له الأبواب الموصدة قال تعالي "ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا" ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم الله أجرا".
وهناك ظلمة دامغة يعيش فيها أصحاب المعاصي تشبه ظلمة الليل البهيم الدامس فتصير ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره، فالطاعة نور والمعصية ظلام وكلما زادت معصيته زادت ظلمة قلبه وزادت حيرته حتى يقع في البدع والضلال، كأعمى خرج في ظلمة الليل يمشى وحيدا وتقوي هذه الظلمة حتى تظهر في العين ثم تقوى حتى تعلو الوجه وتصير سوادا واضحا يراه الجميع.
وورد عن عبد الله بن عباس "إن للحسنة ضياء في الوجه ونورا في القلب وسعة في الرزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سوادا في الوجه وظلمة في القلب ووهنا في البدن ونقصا في الرزق وبغصة في قلوب الخلق"
ويقول احد السلف الصالحين إن المعاصي تقصر العمر وتمحق البركة وتميت القلوب، وكذلك البر يزيد في العمر والفجور يقصر في العمر فيا معشر المسلمين قوا أنفسكم وأهليكم نارا واتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح الله لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ففي طاعة الله واجتناب معصيته والبعد عن الذنوب والمعاصي الفوز العظيم بسعادة الدارين الدنيا والآخرة . لمزيد من مقالات فهمي السيد