عيش حرية عدالة اجتماعية شرارة الثورة التى اطلقها المصريون رغبة فى تغيير صورة وطنهم للافضل وتحقيق مبدأ المساواة وعدالة التوزيع لينعم كل مصرى بخيرات بلاده،ورغبتهم الصادقة فى تحقيق هذه العدالة واصرارهم على تنفيذها، وظهرت فى 30يونيو لتأكيد أنها حق يكفله الدستور ولن يتهاون الشعب فى المطالبة به ،ولقد تم تطبيق خطوات نحو أمل العدالة الاجتماعية ولاتزال مسيرة التنمية مستمرة حتى تشمل كل جوانب وابعاد العدالة المنشودة التى تعد سر استقرار وتقدم الشعوب. من جانبه يقول الدكتور عادل عامر- مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية - العدالة الاجتماعية فى جوهرها - خلق مجتمع عادل أو متساوٍ يكفل معاملة جميع أعضائه بالمثل، ويحترم حقوق الإنسان، ولا يعرف تمييزاً على أساس الانتماء إلى جماعة أو غيرها من أشكال الهوية، وبعبارة أدق تعنى العدالة الاجتماعية المساواة بين جميع أفراد المجتمع. ولا يمكن الاكتفاء بالانجاز الذي تم تحقيقه في تطبيق الحد الأدنى للأجور على عدد كبير من موظفى الحكومة، لأن ذلك ليس الضامن الوحيد فى تطبيق العدالة الاجتماعية، خاصة أن المصروفات بقطاع مرتبات العاملين بالحكومة بلغ 200 مليار جنيه وهو مبلغ ضخم جدا إذ تم مقارنته بالدول الأخرى النامية ، صحيح أن لكل دولة ظروفها وخصوصيتها، التى تحدد البدائل والخيارات المتاحة والمسارات الممكنة للتعامل مع قوى المقاومة التى تمثل الفرص والإمكانات المتاحة ، لكن هناك قواسم مشتركة فى خبرات الأمم يمكن أن نستفيد منها لزيادة فرص النجاح فى التحول السياسى والاقتصادي، ولقد حققت الثورتان اللتان قاما بهما الشعب المصرى نجاحا باهرا فى الإطاحة السريعة بالنظم المستبدة فى أعقاب الانتفاضة الجماهيرية لكل ثورة، لكن مسار التحول الثورى فى الأنظمة والمؤسسات والسياسات والممارسات ، يحتاج الى آليات ووقت حتى تتخطى العقبات وتتغير لتواكب رياح التغيير. رعاية واهتمام ويضيف الدكتور عادل عامر -أن هناك جهودا كثيرة مبذولة من قبل الرئيس فى طريق تحقيق العدالة الاجتماعية إلا أن المواطن لايزال يحتاج الى رعاية واهتمام وبخاصة فى المناطق العشوائية التى نريد أن يتم القضاء عليها وعلى كل المظاهر اللا إنسانية، كما ان هناك خللاً فى وضع الموازنة العامة للدولة بعد أن أصبحت توجه إلى الدعم والأجور وخدمة الديون ،لذلك لابد من رفع الدعم عن رجال الأعمال لأن ذلك يعطى الفرصة للحكومة المصرية لإعادة توزيعه من جديد لصالح المجتمع المصرى الذى يقع 40% منه تحت خط الفقر مع ضرورة إجراء إصلاح اقتصادى ومالى عاجل، يشارك فيه مجتمع الأعمال المصري. والدولة المصرية حاليا تسعى لهيكلة الاقتصاد العام لأنه من أبرز الأولويات المطروحة ، والأداء الاقتصادى عامة يعانى بعد الأحداث الثورية لاسيما فى بحث الآليات المتبعة لترجمة الأطروحات الخاصة بقضية العدالة الاجتماعية التى يعوقها ضعف الموارد المالية، وتفاقم الدين العام الداخلى والخارجي، إضافة إلى أن دعم الطاقة وصل إلى مستويات قياسية بلغت ما يقرب من 128 مليار جنيه سنويا. مما يتجاوز قدرات الاقتصاد المصرى على تلبية المطالب الفئوية التى تحتاج إلى وضع رؤية إستراتيجية من خلال وضع رؤية اقتصادية تستند إلى شراكة حقيقية بين الدول ومؤسسات المجتمع المدنى والقطاع الخاص وتشجيعهم للعمل وتبنى منظومة الاستثمار خاصة أن مصر مقبلة على تنفيذ عدد كبير من المشروعات القومية التنموية الكبرى الجاذبة للاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية، وعلى المستوى الخارجى هناك العديد من المفاوضات الاقتصادية فيما يتعلق بملفات التجارة الحرة مع روسيا ودول تكتل الميركوسور بهدف فتح أسواق الاتحاد الروسى وأسواق أمريكا الجنوبية أمام الصادرات المصرية. أما بالنسبة الى تحليل أسباب الثورات خاصة فى المنطقة العربيه نجد أغلبها تشكلت وفقا لمنحنى اقتصادى ،وفى غياب العدالة بوجه عام، والعدالة الاجتماعية بوجه خاص، تتفاوت الطبقات فى المجتمع الواحد، فنجد شريحة رفيعة كماً و كيفاً من المجتمع تتمتع بكل المزايا المادية والمعنوية، يليها شريحتان فقط من الطبقات إما وسطى تكافح لتبقى على حالها من التوسط وعلى ما تكتسبه من مزايا ضئيلة بالكاد تكفى معيشتها وتستمر تقاوم لكى لا تسقط فى الهوة الواسعة، التى تنتهى بطبقة معدمة لا تتمتع بأى مزايا مادية أو معنوية، والأخيرة تحتاج لمن يستغل طاقاتها. التنمية والكفاءة ويرى الدكتور عبد المطلب عبد الحميد أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات ورئيس الاكاديمية الاسبق أن العدالة الاجتماعية منظومة تنطوى على التنمية والكفاءة الاقتصادية لأن كلاهما يغزى الآخر ويكمل بعضهما البعض ،ولذلك يجب ان تسير خطط تحقيق العدالة الاجتماعية مع خطط التنمية الاقتصادية بشكل متوازي، كما أن النمو الاقتصادى بلا عدالة كان سببا رئيسيا فى سقوط الانظمة السابقة، ولكى تتحقق العدالة الاجتماعية يجب إلا نجردها من مفهومها الاقتصادى وان يكون هناك برنامج واضح من جميع الجوانب لتطبيقها على ان يكون محددا بشكل زمنى حتى يمكن قياس مدى التقدم فى خطوات تنفيذها . وللعدالة الاجتماعية أبعاد عديدة ويجب إلا نختصرها فى الحد الادنى والحد الاقصى للاجر الحكومى باعتباره جانبا جزئيا من العدالة المستهدفة ،فهناك جانب أصيل يحب إلا نغفله أو نسقطه من مفهوم العدالة الاجتماعية وهومعالجة البطالة والحد من الآثار المترتبة عليها والبطالة تساوى معدل الدخل صفر أى انهم الفئة المعدمة ومعالجتها مسئولية لايمكن التنصل منها، والبعد الآخر تقليل مساحة الفقر باعتبار أن هناك 25% من السكان تحت حد الفقر المدقع فيجب ان نعمل جاهدين على تقليل هذه النسبة الى 5% فقط ، ودعم الضمان الاجتماعى ليغطى مليون ونصف مستهدف هو تعويض نقدى للفقراء ،ويجب ان نستفيد بتجارب الدول التى تحارب الفقر مثل دولة اندونيسيا التى قامت بعمل خريطة للفقر محددة وتم حصر كل الفقراءوتم اعداد قاعدة بيانات تحدد معايير ومقاييس الفقر ومستوياته واحتياجات كل مستوى ،وتم وضع آلية للتعويض المباشر بوضع مبلغ معين كل شهر من الحكومة فى الحساب البنكى أو البريدى للفقير، كما يجب تنفيذ برامج اتاحة للدخل بإقامة مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر للخروج من دائرة الفقر الى دائرة الانتاج. كما يجب الاهتمام برفع معدل النمو على إلا يقل عن 6% لانه كلما زاد المعدل تمكنا من استخدام آليات قوية نستطيع من خلالها جنى ثمار التنمية التى تعود بالفائدة المباشرة على برامج العدالة الاجتماعية مثل توزيع الخدمات التنموية على الاقاليم خاصة القرى بالمحافظات.