كتب : محمود مكاوي خريطة سياسية حزبية متشابكة ترسم ملامح الحالة الانتخابية السودانية وسط حالة من الحراك السياسي الحزبي لم تشهدها السودان منذ24 عاما, وتحديدا منذ آخر انتخابات اجريت في ابريل1986, خاصة ان الانتخابات تجري هذه المرة بمنافسة أكثر من60 حزبا سياسيا, ويأتي ذلك العدد الكبير من الاحزاب السودانية في ظل قانون الأحزاب المعدل الذي أقره البرلمان السوداني, والذي يجيز للأحزاب ممارسة نشاطها بمجرد إخطار مجلس الاحزاب. وتأتي الانتخابات القادمة كأول انتخابات تشمل الرئاسة والانتخابات البرلمانية و اختيار الولاة ومجالس الولايات, وتعد كأحد اهم بنود اتفاق السلام الموقع عام2005, والذي جاء لاعلان بداية جديدة من الامن والاستقرار في السودان ونهاية لحقبة دموية لحرب أهلية دفع السودان وشعبه ثمنها من أرواح ابنائه واستقراره وتقدمه, وجاءت اتفاقية السلام التاريخية بين شريكي الحكم وهما حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان, وهو ما يضيف حالة من التميز للانتخابات القادمة بوجود حزبين حاكمين ومتنافسين بقوة داخل الساحة الانتخابية, وبرغم ان الانتخابات لم يتبق علي اجرائها سوي أيام قليلة فانها عانت كثيرا من تهديدات المعارضة المستمرة بمقاطعتها قبل ان تنفذ قرارها بالمقاطعة وتضع الانتخابات في مفترق طرق صعب وان كان من المرجح ان تستمر الحكومة في اجراء الانتخابات حتي مع الانسحاب الصعب من المعارضة وهو مايواجه بحالة من الرفض من حزب المؤتمرالوطني الحاكم والمفوضية العليا للانتخابات, وبعيدا عن انسحاب المقاطعة نجد ان أهم التكتلات الحزبية المتنافسة في الانتخابات تنقسم بين أحزاب حكومة الوحدة الوطنية والتي اتفقت علي ترشيح الرئيس الحالي عمر البشير مرشح حزب المؤتمر الوطني الحاكم لمنصب الرئاسة, ويأتي أهمها احزاب الإرادة الحرة, جماعة أنصار السنة, حزب سانو القومي, الجبهة الديمقراطية القومية,المنبر الديمقراطي لجنوب السودان, الحزب الديمقراطي المتحد, الإخوان المسلمون بجانب حزب الشرق الديمقراطي, جبهة الإنقاذ الديمقراطي المتحدة, مؤتمر البجا, حزب الأمة الوطني, الحزب الاتحادي المسجل, الحزب السوداني الإفريقي, بالإضافة إلي حزب السودان أنا, حزب النهضة القومي وجبهة شرق السودان, أما في الجانب الآخر المعارض فتقف أحزاب المعارضة, والتي لاتعيش حالة من الاتفاق والتكتل في مواجهة الحزب الحاكم والأحزاب الاخري المتكتلة معه حتي إنها وجدت صعوبة حتي توصلت لاتفاق فيما بينها علي تنفيذ المقاطعة الجماعية للانتخابات وهو مااستدعي دخولهم في عدة اجتماعات واطلاق تهديدات كبيرة للحكومة رغم اتفاقهم بشكل كبير علي رفض اجراءات تعامل الحكومة السودانية والحزب الحاكم مع العملية الانتخابية, وقد جاء موتمرالمعارضة الذي عقد في جوبا عاصمة جنوب السودان نهاية سبتمبر من العام الماضي برعاية حكومة الجنوب ووصل عدد الاحزاب المشاركة إلي23 حزبا علي رأسها الحركة الشعبية لتحرير السودان الشريك في الحكم, وأطلق عليه جوبا قبل ان يتحول إلي مؤتمرالاجماع الوطني, ليكشف عن حجم الخلافات بين المعارضة خاصة في ظل انسحاب أحزاب معارضة جنوبية من المؤتمر بسبب خلافها مع أحزاب المعارضة الشمالية واتهامها للمؤتمر بخروجه عن مساره, بالاضافة إلي الاتهامات التي وجهتها تلك الاحزاب لقيادات الأحزاب الشمالية المعارضة, والتي نال النصيب الأكبر منها رئيس حزب الأمة الصادق المهدي وحسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي,ومحمد ابراهيم نقد السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني, وقد انضم أخيرا الي الائتلاف المعارض الحزب الاتحادي الديمقراطي السوداني, والذي جاء بعد حزب الأمة في آخر انتخابات أجريت عام1986, ويبدو من الواضح ان الاحزاب المعارضة حتي مع استطاعتها التوصل لاتفاق لمقاطعة الانتخابات وسحب مرشحيها فان وجود10 مرشحين للرئاسة من أحزاب المعارضة في مواجهة الرئيس البشير مرشح الحزب الحاكم يضعف كثيرا من فرص المعارضة في الوصول لمقعد الرئاسة, وهو ماينطبق أيضا بشكل كبير علي المراحل الانتخابية الاخري, سواء البرلمانية, أو علي مستوي حكام الولايات. [email protected]