الحبس شهر وغرامة 100 ألف جنيه عقوبة دخول المناطق الأثرية بدون ترخيص    ترامب: تصريحات بيل جيتس تظهر أننا انتصرنا على "خدعة المناخ"    تحرير 977 مخالفة مرورية في حملات أمنية على شوارع قنا لاعادة الانضباط    بلومبرج: ترامب يعتزم تعيين مساعد البيت الأبيض رايان باش مفوضا للجنة التجارة الفدرالية    نيوكاسل يونايتد ضد توتنهام.. السبيرز يودع كأس الرابطة    نبيل فهمي: لا أحمل حماس كل تداعيات أحداث 7 أكتوبر.. الاحتلال مستمر منذ أكثر من 70 عاما    تصاعد اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية.. وهجوم على قرية "برقا"    في غياب محمد صلاح.. ليفربول يودع كأس كاراباو بعد الخسارة من كريستال بالاس بثلاثية نظيفة    بيراميدز يواجه التأمين الإثيوبي في مهمة حسم التأهل لدور المجموعات الإفريقي    إنتر ميلان يواصل التألق بثلاثية نظيفة أمام فيورنتينا في الدوري الإيطالي    بعد أحداث العنف في ريو دي جانيرو | مسؤول برازيلي: فعاليات "كوب30" ستكون آمنة    كواليس العثور على جثة شاب مشنوقا داخل شقته بأوسيم    النرويج تؤكد الحكم بالسجن 21 عامًا على منفذ هجوم مسجد أوسلو    إزاى تحول صورتك بالزى الفرعونى وتشارك فى تريند افتتاح المتحف المصرى الكبير    أبراج وشها مكشوف.. 5 أبراج مبتعرفش تمسك لسانها    جامعة المنيا: فوز فريق بحثي بكلية الصيدلة بمشروع بحثي ممول من الاتحاد الأوروبي    بالصور.. تكريم أبطال جودة الخدمة الصحية بسوهاج بعد اعتماد وحدات الرعاية الأولية من GAHAR    غرفة عمليات حزب المؤتمر تواصل جلسات الاستراتيجيات الانتخابية    رئيس حزب الإصلاح والنهضة: الحوار الوطني منحنا فرصة لترسيخ قيم الإصلاح والتطوير    نبيل فهمي: ترامب أحد أعراض التحول الأمريكي.. وأؤيده في شيء واحد    وزيرة الخارجية البريطانية: العالم سيحاسب قيادة قوات الدعم السريع على الجرائم التي ارتكبتها بالسودان    إسرائيل تصادق على بناء 1300 وحدة استيطانية جنوب القدس    القضاء الإسرائيلى يلزم نتنياهو بتقديم شهادته 4 أيام أسبوعيا بسبب الفساد    رسميًا.. أسعار استخراج جواز سفر مستعجل 2025 بعد قرار زيادة الرسوم الأخير (تفاصيل)    مطروح تستعد ل فصل الشتاء ب 86 مخرا للسيول    أسعار الذهب فى أسيوط الخميس 30102025    موعد تطبيق التوقيت الشتوي في أسيوط    حارس بتروجت: كنا نطمع في الفوز على الأهلي    الزمالك يسعى للعودة إلى الانتصارات أمام «طموح» البنك الأهلي    ستاد المحور: مصطفى العش يقترب من الرحيل عن الأهلي في يناير المقبل    أخبار × 24 ساعة.. مدبولى: افتتاح المتحف المصرى الكبير يناسب مكانة مصر    الشرقية تتزين بالأعلام واللافتات استعدادًا لافتتاح المتحف المصري الكبير    5 ساعات حذِرة.. بيان مهم ل الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم: ترقبوا الطرق    مدمن يشعل النار فى شقته بالفيوم.. والزوجة والأبناء ينجون بأعجوبة    من تأمين المصنع إلى الإتجار بالمخدرات.. 10 سنوات خلف القضبان لاتجاره في السموم والسلاح بشبرا    النيابة الإدارية تُعاين موقع حريق مخبز بمنطقة الشيخ هارون بمدينة أسوان    متهمين جدد.. تطور جديد في واقعة قتل أطفال اللبيني ووالدتهم    حملات في ميادين قنا تضبط 260 حالة زيادة تعريفة الركوب و299 امتناع عن توصيل الركاب    ارتفاع الأخضر عالميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الخميس بغد قرار الفيدرالي    إطلاق المرحلة الجديدة من برنامج الشبكات العلمية القومية    زينة تطمئن جمهورها بعد إصابتها: «وقعت على نصي الشمال كله» (فيديو)    3 أبراج «بيسمعوا صوتهم الداخلي».. واثقون في بصيرتهم وحدسهم يرشدهم دائمًا    المالية: حققنا 20 إصلاحا فى مجال التسهيلات الضريبية    خبير ل ستوديو إكسترا: كل الحضارات المصرية مجسدة فى المتحف الكبير    المؤشر العالمي للفتوى يشارك في مؤتمر المجتمع المدني والشباب العربي بجامعة الدول العربية    مواقيت الصلاة فى أسيوط اليوم الخميس 30102025    ختام البرنامج التدريبي بجامعة المنيا لتعزيز معايير الرعاية المتمركزة حول المريض    سوهاج تكرّم 400 من الكوادر الطبية والإدارية تقديرًا لجهودهم    أهمية المنصة الوطنية للسياحة الصحية.. يكشفها المتحدث باسم الصحة ل "ستوديو إكسترا"    جولة تفقدية لمتابعة انتظام الخدمات بالقومسيون مستشفى العريش العام    «العامة للاعتماد والرقابة الصحية» تختتم برنامج تأهيل المنيا للانضمام للتأمين الصحي الشامل    هل يجوز للزوجة التصدق من مال البيت دون علم زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    الشيخ خالد الجندي: الغني الحقيقي هو من يملك الرضا لا المال    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-10-2025 في محافظة الأقصر    مصر تتسلم رئاسة المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية «الإنتوساي» ل3 سنوات (تفاصيل)    محاكمة صحفية لوزير الحربية    باريس سان جيرمان في اختبار سهل أمام لوريان بالدوري الفرنسي.. بث مباشر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبل أن تتحول صنعاء إلى مدينة منكوبة
نشر في الأهرام اليومي يوم 03 - 09 - 2015

ءصنعاء بعد شهرين. الإعلانان يذكران العالم بحرب اليمن المنسية عربيا ودوليا التى بدأت قبل خمسة أشهر ولا يراد لها أن تتوقف. وعن تحرير صنعاء لنا أن نتصور ماذا يعنيه من دمار وتهجير ومعاناة . الكاتب اليمنى الساخر عبدالكريم الرازحى فجعه إعلان التحرير وجدد فى 28 اغسطس طلبا قديما للهجرة أرسله إلى ملكة هولندا، لأن «فرائصه ارتعدت من الرعب عند سماعه الخبر.... من يوم التحرير... ومن فجر الحرية». فى تبرير الرازحى لهجرته يقول» لا الثورة التى أطعمناها الدم والأناشيد أطعمتنا من جوع وآمنتنا من خوف، ولا الوحدة التى تغنينا بها وغنينا لها وحدتنا وساوت بيننا، ولا الديمقراطية التى تحمسنا لها ودافعنا عنها فتحت لنا باب الأمل والحلم والمستقبل».ألا نتعظ ونحن ندق طبول الحرب بما عانته عدن وتعزمن دمار ليس فى صالح خيار تحرير صنعاء لأن الخيار الأكثر راحة لليمنيين هو الخيار السلمى ووقف الحرب كلية وعدم عرقلة مهمة المبعوث الدولى إسماعيل ولد الشيخ والتقليل من دوره ودعم جهود سلطنة عمان لإنجاز تسوية مقبولة لكل الأطراف وفقا للمرجعيات المتفق عليها.
الخيار السلمى يجمع عليه المجتمع الدولى وهو المفضل لديه على غيره من خيارات الدمار والمعاناة. أمام الجميع وقتا للتفكير جيدا بما سيجنيه التحرير من كوارث على جوهرة الجزيرة العربية ودرّتها وأحد أقدم المدن فى التاريخ. وإذا وعينا درسى تعز وعدن والأولى لاتزال تتعرض للتدمير وسكانها على شفا مجاعة حتمية بسبب تعطل موانئ اليمن وأقربها لها ميناء المخا الذى كان ميناء تصدير البن اليمنى المعروف فى العالم كله ب «بن المخا» وخروجها من الخدمة بعد قصفها أشار إلى كارثيته مدير الصليب الأحمر الدولى بقوله إن مادمر فى اليمن فى خمسة أشهر يساوى ما دمر فى سوريا فى خمس سنوات. الصليب الأحمر اضطر فى 27 اغسطس إلى وقف عملياته فى عدن بسبب هيمنة القاعدة التى يصر البعض على إنكار وجودها فى عدن وتعز وتنسيقها مع حزب الإصلاح (إخوان اليمن).
الكاتب اليمنى نبيل سبيع كتب فى 7 اغسطس أن عدن ستتحول إلى مكلا ثانية وأن القاعدة تتحرك بحرية فيها وتمارس الإعدامات فى الشوارع العامة ، واقتحمت مقبرة للإنجليز وحطمت شواهدها ، واقتحمت كنيسة وحطمتها، وأمور أخرى كثيرة لاتقول إن عدن أصبحت فى يد «الشرعية» بل فى يد «أنصار الشريعة». ويختم «عدن تحررت من الحوثيين ولكن ليس من القاعدة».
ليكن لإنقاذ تعز وسكانها الأولوية بدلا من التفكير بتحرير صنعاء لأسباب منها، الاعتراف بدورها كحاضنة للتغيير فى الشمال وفى تحقيق استقلال الجنوب اللذين بدونهما ماكان الرئيس السابق صالح سيصبح رئيسا ثريا فى الشمال ولافى عهد الوحدة التى طعنها من الوريد إلى الوريد. ولأن سكانها مسالمون ويحبون العمل ويحملون القلم وليس البندقية ولا يحمل السلاح منهم سوى أعضاء حزب الإصلاح والسلفيين والقاعدة. ولأنها عانت من تهميش ومن تعطيش متعمد فى عهد صالح الذى ينسب إليه قولا لايصدر من رئيس دولة «سأجعل أبناءها يشربون بولهم».ولأن صالح ارتكب وإبنه أحمد قائد الحرس الجمهورى السابق مجزرتين فى تعز فى ابريل ومايو 2011 بعد مجزرة جمعة الكرامة فى صنعاء فى مارس لكى يخمد ثورة الشعب عليه. ومن تعز انطلق شعاع فكر الحركة الوطنية بقيادة أحمد محمد النعمان الذى عبر عن ألمه قبل وفاته لأن حكم اليمن آل إلى شخص مثل على صالح. ومن تعز أتت القوة البشرية الرئيسية التى دافعت عن ثورة سبتمبر وكانت مقرا للحرس الوطنى الذى كان نواة جيش الجمهورية وتطوع فيه أبناء الجنوب وجنوب الشمال للدفاع عن الثورة ضد محاولات إجهاضها. وكانت تعز مقرا للجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمنى ثم شقيقتها جبهة التحرير وفيها تدرب مقاتلو الجبهتين ومنها أعلن عبدالناصر فى ابريل 1964 صرخته الشهيرة «على الاستعمار البريطانى أن يحمل عصاه ويرحل»، وفيها أدارت مصر عملية صلاح الدين لتحرير الجنوب. كما شهدت تعز ميلاد الحركة الناصرية فى منتصف ستينيات القرن الماضى الذى أعدم صالح 23 من قياداتها عام 1978 بعد انقلابها الفاشل التى لم ترق فيه قطرة دم واحدة وكان شريكه فى القرار اللواء على محسن الأحمر الملوثة يدايه بدماء مئات اليمنيين قبل وبعد أن يتأسلم.
لهذه الأسباب يجب إنقاذ تعز أولا وعدم السماح لحزب الإصلاح والقاعدة بالسيطرة عليها وحكمها هى أو عدن. يضاف إلى ما سبق أن شبابها لعبوا دورا مركزيا فى الدفاع عن الجمهورية ولكنهم أكلوا الحصرم. تعز تعيش كارثة إنسانية يومية قد تتكرر فى صنعاء التى تعانى أيضا حصارا شاملا وخانقا كغيرها من مدن اليمن تحدثت عنه منظمات الإغاثية الدولية.وإذا كانت هذه هى تعز- المدنية - فهناك قلة من سكان شمال الشمال لاتزال ترى أن الله خلقها للتسلط على سكان الجنوب وتهامة فى الغرب. التعزيون يُعرّفون مدينتهم بأنها «تعز العز» لأن لها بصماتها فى تاريخ اليمن وأنها كانت عاصمة للدولة الرسولية التى حكمت اليمن من 1229 حتى 1454 وامتد حكمها إلى مكة وظفار وكان من أكثر فترات اليمن ازدهارا واهتماما بالعلم وقبولا للتعددية المذهبية .
تعز هى رمانة الميزان فى الحياة اليمنية ودورها محوري فيما شهده اليمن من تطورات بعد الحرب العالمية الثانية .وفى تعز نشأت الحركة الوطنية والأحزاب السياسية والرموز الوطنية وإليها أتى من عدن قبيل ثورة 1962 اليسارى عبد الله باذيب ونشر فيها جريدة الطليعة الأسبوعية كأول جريدة أهلية فى اليمن بدعم الإمام أحمد. و فى صباح 26 سبتمبر1962 رفعت حركة القوميين العرب بتعز فى «الباب الكبير» المعادل «لباب اليمن» بصنعاء يافطة كبيرة كتب عليها: «حركة القوميين العرب تفدى الثورة بالدم».
فى 12 فبراير 2015 قال مراقب الجامعة العربية لدى الأمم المتحدة إن «معالجة الوضع الإنسانى فى اليمن جزء مهم من جهود الحل الشامل لمشاكله» واعتبر أن «عدم الاستقرار الإنسانى فى اليمن مضر باليمن بأكمله، وأكد أهمية العمل الفورى لتأمين وصول المساعدات الإنسانية لجميع السكان المتضررين أينما وجدوا وبدون أى معوقات». لاتعليق!. لكن هذا لايعنى عدم الطلب من الأشقاء العرب أن يسعوا لإنقاذ اليمن من الحرب قبل أن يحل بصنعاء ماحل بتعز وبعدن وقبل أن يواجه اليمنيون نفس مصير إخوانهم السوريين والعراقيين ويهيموا فى الأرض بحثا عن ملاذ آمن ويغرقوا فى البحار أويموتوا اختناقا فى شاحنات هربا من مجاعة وإذلال. هل يراد لليمنيين هذا المصير؟. لتتوقف الحرب لتجنب هذا المصير.
لمزيد من مقالات على محسن حميد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.