أرى الاحتجاج العراقى واسع النطاق الذى شهدته مناطق وسط وجنوب البلاد ومدن بغداد والنجف والبصرة فى الأيام والأسابيع الماضية من زاوية رفض مؤكد وليس افتراضياً من الناس للقوى الظلامية المتطرفة (الاسلاموية) . اذ أن موضوع الفساد الذى تبناه حيدر العبادى عنواناً لخطته وحملته من أجل الاصلاح ليس الا نتيجة لمقدمات طويلة سبقته، كما أن الخيانة والتخاذل الذى استقبلت به قيادات الجيش طلائع داعش وهى تدق أبواب الموصل وشمالى العراق، ليس-هو الآخر- سوى نتيجة لمقدمات تكمن فى خطاب المحاصصة الذى ساد بعد نكسة الغزو، وثقافة الاعتراف بالتقسيم كأمر واقع حتمى هما اللذان دفعا ببلاد الرافدين الى سيطرة فصيل مذهبى واحد هو الشيعة، تابع لايران تماماً، بميليشيات الحشد الشعبى وهياكل ومؤسسات سياسية مثل حزب الدعوة، والمجلس الاسلامى الأعلي، وجيش عصائب أهل الحق وجيش المهدي، وايران تتعامل مع العراق كدولة تابعة تحت احتلالها، وقد تناثرت تصريحات مقصودة- وليست عفوية أو من زلات اللسان- تؤكد اعتبار ايران للعراق وسوريا ولبنان واليمن جزءاً من امبراطورية فارسية جديدة عاصمتها بغداد. هنا كانت البداية التى مارس خلالها فصيل مذهبى وعرقى واحد أبشع طرق السيطرة على السُنة والأكراد، بما فيها اقصاؤهم عن الوظائف الكبرى والقيادية، والاستبداد المطلق بالسلطة بما يشمله من مظاهره التقليدية لسرقة المال العام والفساد فى كل أوجه ادارة الدولة. وهكذا فحيدر العبادى وهو أحد قيادات حزب الدعوة الذى انحدر منه جاسوس ايران نورى المالكى , ومن ثم فان منطق العبادى والمالكى يظل واحداً من حيث التبعية لايران، وهو ما ثار عليه العراقيون- حقيقة- ومزقوا من أجله صورة خامنئى المرشد الأعلى لايران فى ميدان التحرير ببغداد، وهتفوا ضد دولة الملالى (ايران..بره..بره) وأظهروا كامل انزعاجهم من اجتماع المرشد الايرانى بقيادات الشيعة الدينية والسياسية العراقيين من أتباعه..الناس ضجت من ذلك الحكم الدينى الاقصائى المستبد وكفروا من فرط اختناقهم بنواهيه المفرطة فى تسلطيتها، وكل محاولات العبادى لن تجمل صورة حكم أضاع استقلال البلد وسيادته وثروته واضطهد كل من يختلف معه فى الملة أو المذهب أو الرأي. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع