اسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم الثلاثاء    خالد الفالح: 90% من الاستثمار الأجنبي المباشر في المملكة «غير نفطي»    قصف إسرائيلي لساحة مستشفى الشفاء في غزة رغم وقف إطلاق النار    الصين وأمريكا تتوصلان لتوافق مبدئي بشأن تمديد الهدنة التجارية    لافروف: روسيا لا تزال تنتظر الولايات المتحدة لتأكيد مقترحات قمة ألاسكا    مجلس الوزراء يوافق على تعديل مواد في نظام مقدمي خدمة حجاج الخارج    صلاح يطارد رقمين قياسيين أمام كريستال بالاس    محافظة القاهرة: نعتزم تخصيص خطوط سير للتكاتك بعيدا عن الشوارع والميادين الرئيسية    محافظ الجيزة: نسبة إشغال الفنادق بلغت 100% قبل احتفال المتحف المصري الكبير    الذكاء العربى الجماعى.. من أجل ميلاد جديد للعمل العربى المشترك    مرور مكثف على وحدات الرعاية الأساسية بالمنوفية ومتابعة جاهزية وحدة شوشاي للاعتماد    محافظ القاهرة: المراحل الجديدة من تطوير العتبة قريبا.. وتخصيص 500 مكان للباعة الجائلين    جامعة كفر الشيخ تنظم جلسة تعريفية لتعظيم الاستفادة من مصادر وخدمات بنك المعرفة    كورييري ديلو سبورت: إصابة دي بروين تبعده لمدة قد تصل إلى 4 أشهر    بعد قرار «الأهلي» برفع حدود الإيداع.. الحد الأقصى للسحب اليومي من البنوك وال ATM    عنف التلامذة!    أبو ريدة يفتتح دبلومة التدريب الأفريقية للرخصة «A8»    هل تواجه مصر فقاعة عقارية؟.. رجل أعمال يجيب    مهرجان الأقصر السينمائي يحتفي بمئوية يوسف شاهين.. وجنوب إفريقيا ضيف شرف الدورة 15    أمين الفتوى: زكاة الذهب واجبة فى هذه الحالة.. فيديو    زلزال بقوة 6.6 درجة يضرب بحر باندا بإندونيسيا    رئيس المؤسسة العلاجية في جوله تفقديه بمستشفي هليوبوليس    محافظ كفر الشيخ: أسواق اليوم الواحد تضمن وصول السلع للموطنين بأسعار مناسبة    "فتح": الإجماع على تنفيذ اتفاق شرم الشيخ خطوة استراتيجية    التحالف الوطني يستمر فى تدفق شاحنات الدعم الإغاثى إلى قطاع غزة.. صور    ما هو سيد الأحاديث؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح أعظم حديث يعرّف العبد بربه    خالد الجندي: «الله يدبر الكون بالعدل المطلق.. لا ظلم عنده أبداً»    «صحح مفاهيمك».. أوقاف كفر الشيخ تنظّم فاعليات توعوية بالمدارس    اتخاذ إجراءات ضد استخدام الهاتف المحمول.. وكيل تعليمية قنا يتفقد مدارس نقادة بقنا    شوبير ينفي تلقي داري عرضا من ليبيا ويكشف موقف الأهلي من مستقبله    جوارديولا يُشيد ب عمر مرموش قبل مباراة مانشستر سيتي القادمة.. ماذا قال؟    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    طرح أغنية كلكوا فلة ل بوسى والعسيلى من فيلم السادة الأفاضل    غدًا.. انطلاق ملتقى التوظيف الأول لأسر الصحفيين بالتعاون مع «شغلني» بمشاركة 16 شركة    السياحة: استعدادات مكثفة داخل المتحف المصرى الكبير تمهيدا للافتتاح المرتقب    قبل الشتاء.. 7 عادات بسيطة تقوّي مناعتك وتحميك من نزلات البرد والإنفلونزا    وجبة الإفطار مرآة جسمك.. ما لا يخبرك به فقدان الشهية الصباحية عن حالتك الهرمونية والنفسية    محمد عمر: الأهلي والزمالك لن يعترضا علي تأجيل مباريات بيراميدز    رسميًا مواعيد المترو بعد تطبيق التوقيت الشتوي 2025 2026 بالخطوط الثلاثة    عون يؤكد ضرورة وقف الخروقات الإسرائيلية المستمرة على لبنان    افتتاح المبنى الإداري الجديد لكلية الهندسة جامعة الأزهر في قنا    فوزي إبراهيم بعد حلقة الحاجة نبيلة مع عمرو أديب: «المؤلفون والملحنون شاربين المر ومحدش بيذكر أسماءهم»    قوافل جامعة قناة السويس تتوجه إلى قرية أم عزام لتقديم خدمات طبية    الطائفة الإنجيلية: التعاون بين المؤسسات الدينية والمدنية يعكس حضارة مصر    نجم اتحاد جدة السابق يضع روشتة حسم الكلاسيكو أمام النصر    افتتاح المتحف المصري الكبير 2025.. مصر تبهر العالم في أضخم حدث ثقافي بالقرن الحادي والعشرين    وزيرة التخطيط: تهيئة بيئة الاستثمار لتوسيع نطاق مشاركة القطاع الخاص    اعترافات صادمة لقاتل مقاول كفر الشيخ.. أمه غسلت هدومه من دم الضحية    حملات أمنية مكبرة بكافة قطاعات العاصمة.. صور    الرئيس السيسى يثنى على الخدمات المُقدمة من جانب صندوق تكريم الشهداء    فلكيًا.. موعد بداية شهر رمضان 2026 ومكانته العظيمة في الإسلام    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ومستشار الرئيس الأمريكي لبحث تطورات الأوضاع في السودان وليبيا    غيران ولا عادي.. 5 أبراج الأكثر غيرة على الإطلاق و«الدلو» بيهرب    ضبط 3 أطنان دقيق في حملات مكثفة لمواجهة التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    14 شاشة لمشاهدة احتفالات افتتاح المتحف المصري الكبير بأسوان    طارق قنديل: ميزانية الأهلي تعبر عن قوة المؤسسة.. وسيتم إنشاء فرعين خارج القاهرة    الباعة الجائلون بعد افتتاح سوق العتبة: "مكناش نحلم بحاجة زي كده"    بعد خسائر 130 دولارًا| ننشر أسعار الذهب في بداية تعاملات الثلاثاء 28 أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر والسعودية.. والبارود السورى

زرت سوريا الأسبوع الماضي، تجولت فيها من اللاذقية شمالا حتى دمشق جنوبا، رأيت هولا وعجبا، جنة فى وسط الجحيم، الموت والحياة يتبارزان فى أوطان سريعة الذوبان.. أربع سنوات والمظالم تروى الأرض بالدماء، رأس «النبى يحيي» بلا جسد، تحت قبة فى المسجد الأموي، على مرمى حجر من قبر صلاح الدين الأيوبي، سمعت أنينه وأنا أقرأ الفاتحة طالبا الرحمة للأوطان.. «سيف الله خالد بن الوليد» يردد من رقدته: «..لا نامت أعين الجبناء».
هنا سوريا، حرب عالمية تدور رحاها بقسوة، فى إطار «لعبة الأمم» والنتيجة: قتل نحو 300 ألف سوري، أضعافهم جرحى ومعاقون، 14 مليونا هم أكثر من نصف سكان سوريا، لاجئون ونازحون، 300 مليار دولار خسائر اقتصادية، «داعش» دمرت الآثار التاريخية التى عجز كل الغزاة ، بمن فيهم التتار، عن تدميرها، رأيت مدنا نسفت بكاملها على رءوس البشر، وأحياء ذبح أهلها فردا فردا.. تركيا أردوغان سرقت 1500 مصنع من حلب العاصمة الثقافية والتجارية، ونقلتها إلى أرضها، تحت سمع وبصر الأمم المتحدة.
لعلكم شاهدتم على الشاشات مأساة هذا الشعب العظيم صاحب الحضارة والإمكانات الكبيرة والموقع الاستراتيجى بالغ الأهمية والتأثير، لكن ما لا نعرفه - ورأيته بعيني- فهو أن الشعب السورى فى كل المناطق التى زرتها، يحيا حياة طبيعية، برغم القصف العشوائى والضحايا، لم يعد يخشى الموت لأنه أدرك أنه مصير كل حي، بالحرب أو بغيرها، لذلك يحرص على التعلق بأهداب الحياة والتمتع بها، الأسواق عامرة المطاعم ممتلئة، المصايف، المدارس الجامعات، المستشفيات، المواصلات، الخدمات العامة كلها تعمل.. الاقتصاد متنوع، تتكفل إيران بموارد الطاقة، تنتج سوريا ما تأكله، الطبيعة الساحرة وجمالها الأخاذ تمنحها مددا، 80 مليون شجرة زيتون.. لم يفلح الصراع الرهيب فى قطع الصلات بين مكونات الفسيفساء السورية العرقية والمذهبية، والتى تصل إلى 17 قومية، الناس هنا يجففون الدموع ويغسلون الدماء ويطاردون الفرح حتى يواصلوا حربهم مع أعداء الحياة..
يعشق السوريون مصر كأهلها، هم مصريون بالفطرة، يحفظون تاريخها وجغرافيتها، يحدثونك عن أن أول وحدة فى التاريخ كانت بين البلدين، عقب معركة «قادش» بين الفرعون رمسيس الثانى والحيثيين، والتى انتهت بأول معاهدة سلام فى العالم، وزواج الفرعون من ابنة ملك الحيثيين.. يقولون إن كل انتصارات الأمة العربية حدثت بوقوف مصر مع الشام فى وجه الأعداء: الصليبيين، التتار، الاستعمار الغربي... وصولا إلى نصر أكتوبر ضد العدو الصهيوني.. يقدرون الزعيم جمال عبدالناصر، ويشعرون بالاشمئزاز من قرار الرئيس الإخوانى المعزول «محمد مرسي»، قطع العلاقات وإعلان الجهاد ضد سوريا، ينظرون بإعجاب بالغ لخطوات الرئيس السيسى داخليا وخارجيا.. يمدون حبال الود مع مصر إلى حد العتاب، أن تتركهم فى مواجهة الإرهاب والشدائد، المحروسة بالنسبة إليهم هى الأمل والحصن الأخير للخروج من الورطة المستحكمة..
لاحظت أن السوريين غاضبون من بعض السياسات السعودية، لكنهم يترحمون على عهد قريب، قبل بضع سنوات، كانت العلاقات بين دمشق والرياض فى ذروتها، وفق معادلة «س س»، يقولون ياليتها دامت، وراء هذا حنين لاستعادة المحور الذهبى المصرى السعودى السوري، فى تسعينيات القرن الماضي، والذى كان رافعة قوية لحماية الأمن القومى العربى من الأخطار العاصفة، حرب تحرير الكويت خير دليل، مازالت الكيمياء تعمل بين الرياض ودمشق، العداوة لاتدوم، رئيس المخابرات السورية على المملوك زار السعودية أخيرا، والتقى الأمير محمد بن سلمان ولى ولى العهد.
يثنى السوريون بشدة على روسيا وإيران، بينما لايطيقون سماع اسمى تركيا وقطر، يعتبرون «قيادتى البلدين» رأس السيف المستدق فى «المؤامرة» على بلادهم وعلى الدول العربية، لمصلحة المخطط الإخوانى بزعامة رجب طيب إردوغان يقولون إنه «المرشد الحقيقي» للجماعة الإرهابية- لتفتيت دول المنطقة ونشر الدم والخراب بين ربوعها، خدمة لإسرائيل وحلفائها الغربيين.
الأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت..خلال لقاءات متعددة مع الوزراء وكبار المسئولين ومع الناس فى الشارع السوري، تولد لدى شعور بأن «توازن الضعف» بين المتحاربين وسخونة المعارك، وعجز كل طرف عن حسمها لصالحه ، فى موازاة الحراك الدبلوماسى المكثف بعواصم اتخاذ القرار إقليميا ودوليا، تدفعنا للقول إننا بانتظار رمية النرد أو نقلة الشطرنج الأخيرة فى الأزمة، وأن فصل الختام أو الحل السياسى المأمول، يجرى التمهيد له حاليا، خاصة بعد اعتماد الكونجرس الأمريكى «الاتفاق النووى» مع إيران، وبدء الحوار الخليجي-الإيراني، والجهد المصرى المتزايد لنزع المفجر عن «برميل البارود السورى»، بمساندة إماراتية-أردنية، قبل أن يحرق المنطقة بأسرها.
إن ما جرى فى سوريا جرح غائر فى قلب الأمة و«خطيئة عربية كبري» يتحمل وزرها الجميع، بلا استثناء، داخل سوريا وخارجها، والحل الوحيد المقبول لمأساتها هو ما يضمن «وحدة سوريا وسلامة أراضيها ومؤسساتها»، ويكبح جماح الجماعات الإرهابية، لأنه لو سقطت سوريا بأيدى الإرهابيين اليوم، فسنجدهم، غدا يكررون السيناريو نفسه- وبمعونة إقليمية ودولية- على دول مهمة غيرها.. السوريون يعلقون أملا كبيرا على رشادة وزعامة أولى الأمر فى مصر والسعودية، ويحنون لاستعادة المحور الذهبى المصري-السعودى-السورى، حتى ينجو العرب جميعا من «تسونامى الإرهاب الموجه»، قبل فوات الأوان.
[email protected]
لمزيد من مقالات د. محمد حسين أبوالحسن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.