رسائل غاضبة كثيرة يُصوبها المشاهدون بإتجاة المذيعين على برامج الفضائيات المصرية.. رسائل كانت من المنطقى ألا تضل طريقها وتضيع وسط فوضى الأخبار وفواصل الإعلانات.. خاصة أن أصحابها وكُتابها أَمهَروها بهاشتاج باسم المذيع الذى تتوجه إليه الرسالة. وبم أننا فى عصر السوشيال ميديا فكان يجب على معدي تلك البرامج أو مساعدى المذيع النظر إلى الكلمات الساخرة التى تُطلق على تلك البرامج، والأوصاف التى تَلتصق بالمذيع الرئيسي على القناة، ثم يضعون حلا أو محاولة إصلاح تلك السلبيات ونفى تلك الصفات.
أنقل لكم الرسالة التالية بعد أن حذفت منها اسم المذيع واسم برنامجه.. فكتبت صاحبة الرسالة تقول: "الأستاذ/ ....، من حقك طبعا تعرض السلبيات الموجوده في البلد.. بس يا ريت تعرض برضه الايجابيات، يعني نص البرنامج سلبيات.. ونص ايجابيات.. لأن الدنيا كده.. ليل ونهار.. ونهار وليل.. يعني ترحمنا شويه من كميه الأوجاع التي تعرضها في البرنامج .. وخصوصا انه يأتي ليلا.. يعني قبل النوم.. وصدقنى الجوانب المشرقه في المجتمع موجوده برضه ، ياريت تعرضها في الجزء الثاني من الحلقه حتي ننام علي أمل في يوم سعيد.."
ما المعنى من هذه الرسالة؟! المعنى أن تلك السيدة مثلنا جميعا تبحث عن أمل عن غد أكثر خيرا وإشراقا وعن يوم سعيد.. أو على الأقل عن نهاية سعيدة ليوم طويل حزين.
فهناك دائما أمل، بشكل ما، بمقدار ما، ولكن هذا الأمل لا يراه المذيع.. لماذا؟! هذا هو السؤال الذي أراه فى كتابات المقربين، وأعين المشاهدين، وعلى ألسنة العامة، ومن فترة إلى أخرى على هاشتاج فى تويتر وفيسبوك.. ولكن لا أحد يلتفت!.
والمشاهد فى منتهى الذكاء يعرف من هو المذيع "المتشائم"، ومن هو المذيع "المولعاتى" أى الذى يشعل الدنيا لو كانت هادئة مستقرة.. ويعرف المشاهد أيضا من هو المذيع "الأمنجى"، و"المطبلاتى".. والمذيعة "المُدّعية" صاحبة العفاريت.. ومن هو المذيع "الجاهل" الذى يحول حادثة عابرة له شخصيا كأنه جيفارا أو كأنه رأفت الهجان الذى يضحى من أجل الوطن.
كان الكاتب والفيلسوف الألمانى نيتشه من كثرة ما عانى من طبائع البشر ومن سلوكياتهم العدوانية، متشائماَ لأن الناس لا تتغير.. فقال عبارته: «ليس في الليل نجوم بل رفوف الوطاويط والبوم».. أى ضاعت النجوم فى عينيه حتى أصبحت شرا مطلقا.
عندنا كثير من المذيعين مثل نيتشه لا يرون النجوم مطلقا فى الليل، ولا يكتفون بذلك، وإنما يخطفون هذه النجوم، وينقلونها حتى يجعلوا المشاهد يراها فى عز الظهر.. ثم يحولون ليله بلا نجوم، بلا أمل. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد سعيد طنطاوى